الخميس , سبتمبر 19 2024
الرئيسية / كلام سوريين / سندويشة ميتة الإفرنجي جزء من الذاكرة مفقود

سندويشة ميتة الإفرنجي جزء من الذاكرة مفقود

 سندويشة ميتة الإفرنجي جزء من الذاكرة مفقود

 

هناء درويش

 

ميتة الإفرنجي قد يبدو الاسم غريباً ولو طرح هكذا لوحده لذهبت التخمينات إلى اشياء وأشياء ، هو ليس مجرد نوع من الطعام فقط، بل إن له في ذاكرة الحلبيين وجوده وحضوره حتى أن (ميتة الإفرنجي ) تعتبر رمز من رموز التراث الراسخ في أذهان أهالي حلب. 

 

حين كانت الحياة عفوية تجمع العائلات في أجواء من المحبة والود لا يمكن أن تنسى

في ذاك الزمن العتيق حيث كانت رائحة الزيت والزعتر و(ميتة الإفرنجي) تفوح من حقائب التلاميذ المدرسية لتصبح هذه الرائحة سمة فريدة لطفولة الكثير مِنّا.

 

في سهرات الشتاء الباردة المشبعة بدفء وقرب العائلة واجتماعها حول مدفأة المازوت، 

حيث تقوم الأم بدهن (لفات الميتة إفرنجي ) المتبلة بالنعناع الأخضر المجفف في حين يتولى الأب مهمة تسخينها على مدفأة المازوت الملتهبة.

هذه الطقوس كانت جزءاً شبه يومي من تقاليد السهرة الحلبية التي لم تكن تملأ البطون فحسب بل كانت تملأ القلوب ألفة ودفئاً،

 كانت لفات الميتة إفرنجي المنقذ المحبب للأمهات عند اتخاذ القرار بالذهاب للحديقة العامة أو دوار الصنم، حيث كان إعداد تلك اللفات لا يحتاج للكثير من الوقت والملفت في تلك الذكريات أنه إن وجد فرد من الأسرة لا يحب الميتة إفرنجي(وهذا يعتبر خروج عن عادات وتقاليد الحلبية ) إلا أنه كان يُقبل على أكل لفات الميتة إفرنجي بشراهة ونهم في تلك الأوقات .

وألذ ما كان يميز (لفات الميتة إفرنجي) هو الخبز الذي كنا نجلبه من أفران مدينة حلب 

كان لرغيف الخبز بركة يفتقدها رغيف الخبز الأبيض (السياحي) المنتشر في أيامنا هذه 

لقد كان خبزاً أسمر، ورغيفه الأسمر أكثر تماسكاً وألذ طعمةً 

 

كانت لفة الميتة الإفرنجي ذات قيمة عند أطفال ذاك الجيل لدرجة أن أحد التلاميذ قدمها لمعلمته كهدية في عيد المعلم لأن أمه لم ترسل معه هدية.

ويحكى أن أحد التلاميذ قام بتقديم هذه اللفة كرشوة لمعلمته حتى لا تعاقبه لأنه نسي الوظيفة. 

 

تلك الذكريات والبراءة والعفوية نفتقدها كثيراً في أيامنا هذه حيث تسارع إيقاع الحياة واستبدلت (لفة ميتة الإفرنجي) بوجبات الفاست فود المليئة بالتوابل والخالية من نكهة البساطة ورائحة الأمهات 

نحن أبناء ذاك الجيل لا زلنا نتذكر تلك التفاصيل ونعيش الحنين للفة الميتة إفرنجي التي كانت رمزاً للتواصل والمحبة بين الأصدقاء وأفراد الأسرة وشاهداً على البساطة التي كانت تملأ الحياة عفوية وحباً.

شاهد أيضاً

حمدو المحظوظ أم …..حمدو الناجي ؟ 

حمدو المحظوظ أم …..حمدو الناجي ؟  هناء درويش    لم يكنْ حمدو طفلاً جيدَ الحظِّ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 3 =