الأربعاء , ديسمبر 25 2024
الرئيسية / مقال / بمن سيضحي بوتين بوزير دفاعه أم قائد فاغنر ؟

بمن سيضحي بوتين بوزير دفاعه أم قائد فاغنر ؟

بمن سيضحي بوتين بوزير دفاعه أم قائد فاغنر ؟

فراس علاوي

مع احتدام الصراع حول باخموت الأوكرانية والحديث حول بدء الهجوم الأوكراني المعاكس وسط تبادل الاتهامات بين الروس والأوكران حول عمليات تخريب منشآت حيوية وتفجيرها .

صراع آخر يظهر للعلن بين مؤسس ورئيس مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين ووزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو ورئيس الأركان العامة فاليري جيراسموف .

الخلاف بدأ بالظهور بعد الخسائر الكبرى التي تلقتها مليشيا فاغنر في باخموت , حيث اتهم حينها زعيم فاغنر القوات الروسية ووزير الدفاع بالتقصير وعدم دعم فاغنر بالذخيرة المطلوبة .

وتتالت التصريحات من قبل بريغوجين متهمة الجيش الروسي بالتقصير والفرار وعدم التعاون , وموجهاً الاهانات لوزير الدفاع شويغو ورئيس أركانه , لم يكن بريغوجين وحيداً في اتهام وزارة الدفاع الروسية بل اتهمها عدد من مقاتلي فاغنر بالتقصير في دعمهم بالسلاح وظهروا في أكثر من مقطع فيديو يشكون ذلك ويرمون سبب فشلهم بالحفاظ على مناطق سيطرتهم أمام الهجمات الاوكرانية على نقص الدعم والذخيرة , وقد ساند سيرغي أوكسيونوف رئيس شبه جزيرة القرم المؤيد لروسيا قائد فاغنر في انتقاداته لوزارة الدفاع .

بالمقابل كذبت وزارة الدفاع الروسية ادعاءات بريغوجين موضحة أن المجموعة تحصل على مايلزمها من الذخيرة , الأمر الذي وصفه بريغوجين نفسه بأنه كالبصاق .

رد وزارة الدفاع كان بالطلب من جميع وحدات المتطوعين , بمافيهم فاغنرضمناً , بتوقيع عقود مع وزارته خلال شهر من الآن , الأمر الذي رفضه رئيس فاغنر معتبراً إياها محاولة إخضاع لمجموعته من قبل وزارة الدفاع الروسية .

يبدو أن حرباً لاخضاع الارادات ضمن إطار من التنافسية تشتد بين الطرفين , في محاولة كلاً منهما بأن ينسب التقدم لقواته ويضع أسباب الخسائر والتراجع على الآخر .

خلال حرب التصريحات هذا وصل تبادل الاتهامات حداً بات الحديث فيه عن انقلاب قد يقوده أحد الطرفين ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين , والذي مارس خلال هذه الفترة سياسة الصمت اتجاه ارتفاع وتيرة التصريحات , هذا الصمت يمكن تفسيره بأن الرئيس الروسي وفي ظل الحصار والدعم الغربي اللامحدود لأوكرانيا لايترك مجالاً لتحييد أحد الأطراف وبالتالي اضعاف الجبهات الروسية وقواتها ومرتزقتها خاصة مع اقتراب الهجوم الأوكراني , لذلك مارس بوتين سياسة الاحتواء وإمساك العصا من المنتصف في موازنة بين وزارة الدفاع كجسم حكومي شرعي يملك الشرعية وبين مؤسسة خاصة تمارس العمليات القذرة وتعتبر الذراع الآخر لبوتين .

هناك عاملان قد يغيران من قواعد اللعبة ويزيدان من حدة الاشتباك والتي قد تنتقل إلى الكرملين وقد تعزز فرضية الاطاحة ببوتين والتي يفضلها الغرب على الاستمرار بالعلميات العسكرية التي باتت أيضاً تستنزف الغرب اقتصادياً من خلال فتح مستودعات الترسانات العسكرية أمام الأوكران .

هذان العاملان هما :

1-حقيقة وقوة الهجوم المعاكس الأوكراني وقدرته على تحقيق خسائر كبيرة في صفوف القوات الروسية ومليشيا فاغنر , الأمر الذي سيزيد من الهوة وتبادل الاتهامات بين الطرفين , وبالتالي ازدياد حالة الصراع بين جناحي القوات الروسية المقاتلة , واحتمالية تفكك هذا التحالف مما يهدد الموقف العسكري الروسي وقد يلحق بروسيا هزيمة لاتستطيع تفادي آثارها , مما سينعكس على الداخل الروسي والصراع بين الأجنحة داخل الحكومة الروسية والذي قد يؤدي لتصدعها .

2-وقوف الرئيس الروسي بوتين تحت الضغط إلى جانب أحد الطرفين وبالتالي :

فإن وقوفه مع قائد فاغنر سيعني ازاحة شويغو ومعاونيه من المشهد , الأمر الذي قد يرفضه كثير من الضباط , إذ سيعتبر إهانة للمؤسسة العسكرية الروسية وبالتالي قد نشهد استعصاء ورفض لهذا القرار الأمر الذي سيزيد المشهد الروسي ارباكاً , وقد يؤدي لحدوث انشقاق داخل المؤسسة العسكرية الروسية يتسبب بخسارتها الحرب أو الاطاحة بأحد طرفي الخلاف .

أما في حالة وقوف بوتين مع وزير دفاعه فهذا يعني استعداء مليشيا لاتخضع للقانون الروسي وتسيطر على خطوط هامة من جبهات القتال وبالتالي فإن انسحابها سيعني انهيار الجبهة أمام الهجوم الأوكراني مما يعني خسارة الحرب أيضاً .

إذن ماهي الخيارات الأكثر واقعية والأكثر ضماناً لبوتين للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر .

هناك خيار واحد يتقنه بوتين ويقوم به عادتاً في مثل هذه الظروف وهو اغتيال أحد أو كلا طرفي النزاع وبالتالي انهاء الصراع بينهما .

لكن حتى هذه العملية تنطوي على مخاطر كبرى منها

نجاة أحد الطرفين أو الشخص المراد اغتياله يعني دخول روسيا في أزمة وخلاف عسكري سيؤثر على موقفها في المعارك .

اغتيال مؤسس فاغنر قد يؤدي إلى تفكك المجموعة وربما زوالها وفقدان عناصرها للولاء المطلوب , وبالتالي أيضاً سيؤثر على موقف روسيا في الميدان .

ضمن هذه المعطيات يستمر الرئيس الروسي في صمته باحثاً عن حل للخروج بأقل الخسائر من صراع قد يودي بالمؤسسة العسكرية الروسية , وبالتالي انكفاء المشروع الروسي وتراجع رؤية بوتين لدور روسي فعال في العالم ومحيط روسيا الحيوي .

فكيف سيتصرف بوتين حيال هذه المعضلة ؟

هل سيضحي بوزير دفاعه ؟

هل سيطيح بقائد فاغنر وحليفه الدائم في أكثر من مكان من العالم ؟

أم سيجد صيغة توافقية تنهي الازمة .

كل ذلك يعتمد على قوة وزخم الهجوم الأوكراني والخسائر التي ستلحق بالقوات الروسية ومليشيا فاغنر , ومدى قدرة الجيش الأوكراني على تطوير الهجوم , وقدرة الروس على تعويض الخسائر بالأرواح والذخيرة .

 

 

شاهد أيضاً

عيشة كلاب

المعتز الخضر أوصلتُ ابنتي إلى المدرسة في الصباح الباكر و عُدتُ أدراجي في السيارة الجرمانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + ثمانية =