نصوص
ل نبال نبواني
…………
نحن أبناء الفقر …الذين حضرنا إلى الحياة عنوة …. مزقنا بحضورنا جمال الصورة المترفة ….. لهونا في طفولتنا في الطين وعرائس كانت تصنعها لنا جداتنا بالأزرار التي كانت على قمصان متهالكة اهترأت من الشمس وفككها الحب ليلا فوق حقل قمح وأعاد ربطها همس الصبح وصياح الديوك ….
نشأنا على حافة النسيان لكن صراخنا كان قويا نقيا نحن الذين لمسنا ماء الوادي في بداية حشرجته وتعرينا داخل جريانه حتى شفت أرواحنا عن أجسادنا، نحن الذين ابتلت شفاهنا بالقبل البريئة غير المستقاة من ترف المدينة وروائحها….
نحن الفائضون عن الطين عندما نفضنا عن عباءته تدحرجنا على حواف الفقر والاقحوان والجمال وسكنا إلى الغيم والانتظار للمواسم ولم نؤجل فرحنا يوما رغم العوز …. سوى للجمال …نحب فيغني الرعاة داخلنا ولا تثقب الناي في ارواحنا قلب البعيد الجلف …. نحن من نعرف رائحة خبز التنور من يد طاهرة كانت منذ قليل تحصد الحنطة وتمد اليد إلى الله بالدعاء ….. نغرف من حليب مواشينا دون تعقيم بكر كما هو من الضرع حتى غدت قلوبنا مترعة ببياضه ….
نحن أبناء الطبيعة البكر المنسيين على حواف المدن …. كل ما أردناه حياة كالحياة هناك .
نكره النفاق و نحب أرضنا …. ونتجنب أن نصطدم بسياراتكم المكيفة الفارهة.
هل أنا من كنت أدق الحجارة في ساحة الدار الخلفية حتى أصنع سلماً موسيقيا تمشي عليه أحلام العصافير؟
ولا أكترث ان فَقدَتْ لعبتي القماشية التي أخاطتها لي جدتي من خشبة وأزرار… (عيناها) فعلب الأزرار في بيتنا كثيرة ولا داعي للقلق.
وهل أنا من كنت أنتظر موسم الاقحوان حتى أغسل وجهي في الصباح بمائه لأعتقادي – حسب أمي – أن فتاة تغسل وجهها بماء الورد. لا تزورها الأحزان؟
هراء بين من كنت عليه وما أنا عليه الأن….
فأنا أنظر كل يوم لأطفال فقدوا أعينهم ولا أجد أزراراً في أدراج البشرية لأصلح الخلل.
وها أنا أدق الحجارة في قلبي بل أطحنها للعصافير لكنها لا تجيء ، وها أنا قد أمضيت سنوات سابقة بغسل وجهي بماء الاقحوان…. وقد سكنت الأحزان محاجري… واستوطنني القلق.