ليلة في باركينغ الواق واق…
المعتز الخضر
من كم يوم كنّا في المشفى في بلاد الواق واق.. كان الجوّ خريفي واق واقي بامتياز.. رياح شديدة باااردة و أشجار جَرداء و شوارع فارغة إلّا من بعض المارّة.. بعض النساء شُمَّ الأنوف زهراوات الخدود بعضهُنّ عجائز و أُخريات في منتصف العمر يشتركْنَ جميعُهُنَّ في سِمة الجمال و الطول و يصطحِبنَ كلابَهُنَّ في مهمة ال شباسيرِن غِيهِن (النُّزهَة).. أرصفة حجَريّة و أسقُف مُثَلَّثَة تتوَسَّطُها مَداخِن التدفئة.. مواقف سيّارات كثيرة تعُجّ بالسيارات من مختلف الأنواع.. تلك السيارات رُغمَ حَداثتها لكنّها هي الأخرى ذات قَسَمات باااردة و جامدة و كأنّها آليّات عسكرية من بقايا حَرب.. حدائق البيوت كأنَّما صُمِّمَت على برنامج كمبيوتَري امْهَندَس كما كان يقول ذلك الممثّل الكويتي بدور غافل بوشَهرين في ذلك المسلسل زواج بالكمبيوتر في منتصف الثمانينات و لكنَّ هذه الحدائق هي الأخرى جامدة كأن لا حياة فيها.. كانت المشفى تبعد عن مكان سكني حوالي ساعة، و مع سواقتي المتواضعة اضطَرَرت للذهاب إليها قبل ساعتين تقريباً من الموعد.. و لولا العم غوغِل و الخال جي بي إس لما وصلتُ إلى موعدي.. ( على بُعدِ خمسِمِئة متر عند الدوّار عليك الاتجاه نحو المخرج الثاني.. على بُعدِ ثلاثة كيلو مترات عليك الاتجاه نحو اليمين باتجاه الطريق المُنحَدِرَة.. على بُعدِ مئة متر الاتجاه نحو اليسار و ستكون وِجهَتُكَ على اليمين. و.. و ).. و رُغمَ وضع إعداد ( تجنُّب الطُرق السريعة و الأوتوبانات على برنامج الجي بي إس) إلّا أنّني وقعتُ أكثر من مرّة في حودة على الأوتوبان مثل حودات عمامنا البوسيّد في الزنزلة.. بعد معارك شرسة بيني و بين الغيار و الفرامل و الشولتربليك وصلتُ إلى هدفي و رُحتُ أبحث عن مكان للوقوف و بدأت أهوفِف يمين و يسار.. و هذا آينبان شتراسه و هذا فيربوتِن و هَدَر الهدييير و عِليووا الزّماميير و مِشيت الشّارة الخضرا.. و صار معاي مثل شوفير السيارة لمّا راح توم🐈 يصيد معو سمك و دَعَس جيري🐀 على دوّاسة البانزين.. و أنا في حيص بيص لاحَ لي لوحة مُضيئة تُنير بكلمة فراي باركينغ (موقف مجّاني) .. وَجّهت اللِّگزِس 🚙 باتّجاه المَدخَل و وَقفت ع اليمين و نزلت و رُحتُ أُراقب الداخلين كيف يفعلون لدخول الباركينغ.. كان الأمر سهل و بسيط مثل حوش الدُّوّيسَة من زنزلة البوسيّد أيّام صديقي كريدي أبو قاسم و هاشم المعيوف رحمه الله.. تفتح شبّاك السيارة و تضغط الكبسة عالماشينة يطلعلك كرت و يفتح الحاجز توماتيكي توماتيكي.. عطيت غمّاز يمين و دخلت إلى باب الباركينغ دخول العارف العالِم بجميع نظريات و خفايا التكنولوجيا و التكنوقراط و كل أنواع التّكنو.. ضغطت على زرّ الماشينة فأصدرت لي صوتاً و كأنّها تعرِفُني و أنا من باقي عيلتها و بصقَت لي من فمِها الصغير بطاقة ممهورة بأرقام و شكل شيفرَة و ارتَفَعَ الحاجز و كأنّهُ يضربلي تحيّة عسكريّة صُميدَعيّة شيت التحيّات اللّي كِنّا انطِجها للقائد المُلهَم بطل معركة ذات السّراويل.. دخلت إلى الباركينغ و أظلمَ اللّيل و اشتغلت أضوية السيّارة كونها موضوعة على مفتاح أوتوماتيش و الباركينغ مُظلم كونهُ ثلاث طوابق.. و بدأتُ بالدوران داخلهُ صعوداً باحثاً عن مكان فارغ.. استمرّيتُ بالدوران حتى وجدتُ مكاناً فارغاً و أوقفتُ السيّارة و نظرتُ للأسفل و إذا بي في الطابق الثالث من الكراج و الناس تبدو من تحت و كأنّني في طائرة.. اتّخذت إجراءات الوقوف جميعها.. فرامل اليد و غيار أوّل و لو لاقي شي حجرة كان دحرجتها أمام دولاب السيارة كما كُنّا نفعل مع السيارة العجيبة في جيش الحرب و الإعمار سيارة أم كامل الخَشمَة..
بعد الانتهاء من موعد المشفى عملت دورة تفقّديّة أخرى عن كيفية الخروج.. نفس الشي شغلة بسيطة أسهل و أسرع من تغيير الدستور في بلد الياسمين و الجَرجير و القُرصعَنّي.. تِدحَش هالبطاقة اللّي دخلت فيها بالماشينة عند باب الخروج تقوم الماشينة تعطيني صوت و كأنّني مرّة أخرى من بقية عيلتها و يرتفع الحاجز و أطلع من الكراج مثل الشّعرة من العجين.. طَقّينا المرش و أعطيناها أوّل و بعدها ثاني و نزلنا من طابق للّي بعدو حتّى باب الخروج.. و بحركة العارف و العالم مرة أخرى فتحت بلّور السيارة و آني معرّم و أنظُر إلى الآخرين شَزَراً و دَحشت البطاقة في الماشينة.. العمى!!!؟ ؟😮.. أشوفها ما تجاوب؟!! مرة ثانية و ثالثة.. ما تقبل البطاقة.. نظرتُ في المرآة الخلفية و إذا بطابور سيارات خلفي تُريد الخروج.. إقلِب البطاقة.. عدّل البطاقة.. لا حياة لمن تُنادي.. و بدأت الأصوات من خلفي..
فاس إست لوس ؟ ؟؟!!يا سلام.. لا لغة فالحة و لا خبرة صالحة.. و بدأ العرق يتصبّب.. و خلال بحبشتي بالماشينة لقيت زِرّ و تذكّرت حكمة قديمة من شيّاب و عجايز دَهشة و وحواكمة شرق و وحواكمة غرب تقول : إذا شفت زِرّ إكبسو.. المهم كبست الزرّ لقيت هاتف عم يدُقّ و في الطرف الآخر امرأة تتكلّم باللغة الواقواقيّة.. لم أفهم منها كلمة واحدة.. أصبحت هناك لَقلَقَة و هرج و مَرَج في الباركينغ
.. و بعد أخذ وردّ اجتمع حولي لفيف من الناس يُشبه اللفيف الذين كانوا يُحيطون برُعاة الاحتفال في المناسبات الوطنيّة و المَهرجانات الخطابية و مواسم تدشين المشاريع الاقتصادية في بلد الممانعة و المقاومة عندما يحضرون لوضع بلوكة الأساس و قرميدَة التأسيس لبناء و تطوير و تحديث فروع الأمن و الزنازين لحَبس و كتم نَفَس الإمبريالية و الص ه ي و ن ي ة و الرجعية العميلة و أدواتها المجرمة المتمَثِّلَة بعجيان دَهشة و وحواكمة شرق و وحواكمة غرب اليسبحون بسيفون الجمعية و ساجية الهنيدي..الزّبدة انحبست بالسيارة و باشرت الحديث معهم شي انكليزي و شي من لغة الكايا و شي هيليني و بعد ما صارت معميچة و كَرارَة فهمت من أحدهم بعدما قال لي : هابن زي بِتسالت؟ قلتلو قولة هذاك الواحد : عجل السالفة بيها دِفّيعَة؟؟ طالعت الجزدان و قلتلّو يا معوّد خذ التريدو بس طالعني من هالمغّارة.. راح شوي و عاد يحمل كرت وضعهُ في الماشينة و فتح الحاجز و قال الله معك.. يا معوّد شقد دفعت؟ قال لا هالمرة على حسابي.. و انطلقت و انطلق موكب السيارات خلفي و كأنّني القائد المُلهَم لمّا انسحب و القوّات الرديفة خلفهُ من جبل الشيخِ إلى سَعسَع..
#شو هالبيروقراطية و التعقيد اللي عندهم.. أنا أذكر لمّا كِنّا نجيب فراريس الدّرچ (روث البقر) لتسميد أرض مدرسة دَهشة كان الأمر أسهل بكثير حيثُ نأتي على صهوة الجّحاش و يقوم الرفيق أمين السيّاد حفظهُ الله و بتعليمات من مدير المدرسة أبو رياض رحمه الله بترتيب دخولنا و توزيع الفراريس بشكل منتظم حيث تدخُل الجّحاش الشّهاري 🐴 أولاً ثم الزّرگَة و أخيراً الخضيرة و الخروج بنفس الترتيب على الرغم من أنّ الرفاق كانوا يغشّون فراريسهم اتخضخِض نُصها فاضي…
#الكولونيل.. من على أسوار قلعة أثينا.. 5/2/2024 الساعة العاشرة مساءً