ياسر العلاوي
محاربون بلا حدود يعملون بدوافع إنسانية، هكذا وصف مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي فيلق القدس، في خطبة الجمعة التي تلت مقتل سليماني، مؤكداً أنه على الجميع أن ينظر إلى جنوده بهذه الطريقة.
النظرة الإيرانية إلى العمل الإنساني تختلف عن غيرها، فما هو العمل الإنساني الإيراني في سوريا؟
تنتشر الجمعيات الموالية لإيران في سوريا بشكل مكثف خاصة تلك التي تُعنى بالعمل الإغاثي الموجه، فطهران تسعى للسيطرة على المجتمع السوري من خلال التغلغل في مفاصل المدن والقرى كما فعلت من قبل في العراق.
جمعيات وهيئات شيعية
تنتشر في سوريا عدة جمعيات وهيئات ذات تمويل إيراني.. تتولى مهام نشر التشييع عن طريق المساعدات المالية والعينية الشهرية.. ومن أهم هذه الجمعيات والهيئات:
جمعية بيت النجمة المحمدية تأسيس 1995
هيئة خدمة أهل البيت عام 2001.. بإشراف عبد الشيخ عبد الحميد المهاجر
هيئة علي الأصفر لشباب كربلاء
هيئة المختار الثقفي
هيئة شباب جعفر الطيار
هيئة خيام الإمام الحسين
هيئة أهل البيت
جمعية “كشافة الإمام المهدي”
منظمة جهاد البناء الإيرانية وتركز على تشييع الأطفال ورعاية عوائل القتلى من جيش النظام.
ُتمول تلك الهيئات والجمعيات من خلال “المستشارية الثقافية الإيرانية” في دمشق.. بحسب مركز حرمون للدراسات
أساليب التشييع
تتعدد أساليب التشييع التي تقوم بها المؤسسات والجمعيات والهيئات المنتشرة في أغلب المحافظات السورية.. أبرزها نشاطات مجتمعية (كإقامة علاقات مع شيوخ العشائر.. أو دعوة شخصيات معروفة لاحتفالاتهم في المراكز الثقافية..)
كما أنها تلجأ إلى أساليب الدعم المادي والمعنوي.. تلجأ أيضاً لبناء حسينيات في مناطق شعبية لاستقطاب الناس دينياً.
ويعتبر التغيير الديمغرافي أخطر أساليب التشييع،ويكون بنقل عائلات شيعية سواء من داخل سوريا أو من خارج سوريا إلى مناطق ذات أغلبية سنية.. كما حدث في دمشق وريفها وحمص وحلب.
ماذا تعرف عن حملة المعراج الكويتية في سوريا؟
حملة المعراج
هي حملة كويتية شيعية تعمل في مجال تنظيم الرحلات الدينية للطائفة الشيعية إلى بلدان الشرق الأوسط، تنشط حملات المعراج في سوريا منذ عام 2013 في مناطق سيطرة النظام، ولها نفوذ كبير في سوريا، حيث حصلت على تسهيلاتٍ كبيرةٍ في التنقل والوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات التابعة لإيران، وتستقطب الحملة الحاضنة الشعبية عن طريق المساعدات الإنسانية بهدف كسب القاعدة الجماهيرية والشعبية في تلك المناطق حتى على حساب التأييد الحاصل فيها لنظام الأسد.
سياحة دينية
يشرف الكويتي أحمد المعراج على الحملات المتتالية التي تنظم من كل أنحاء الوطن العربي والشرق الأوسط باتجاه دمشق، لزيارة ما يسمى “العتبات المقدسة”، وعلى رأسها مقام السيدة زينب في ريف دمشق.
تنظم الحملة /3-4/ زيارات كل شهر إلى سوريا بمجموع 36 – 48 زيارة في السنة بأهداف مختلفة ، منها السياحة الدينية و”رحلات الحج”، وما يثير التساؤل هنا هو عدم محدودية الوقت الذي سيبقاه الزائر في سوريا.. إلا أنَّ الحملة تبقى مسؤولة عنه لمدة تتراوح بين 3 إلى 6 أيام فقط.
تضم الرحلة جنسيات مختلفة تنتمي جُلها للمذهب الشيعي، وكل مجموعة تتكون من 100 زائر من مختلف الأعمار ومن الجنسين، ويكون مجموع الزيارات الشهرية قرابة 300 – 400 زائر. وبهذا يكون مجموع من يزور سوريا ضمن حملات المعراج 3600 – 4800 زائر تقريباً سنوياً.
الدعم الإيراني للحملة
رغم الدعم الإيراني المباشر ومجامع الدعم المقدم من الشركات والشخصيات الشيعية، فإن حملات المعراج تتقاضى رسوماً كبيرة بالمقارنة مع حجم الخدمات المقدمة، ويتوجب على كل زائر دفع 265 دينار كويتي كحد أدنى للرحلة وتصل الرسوم إلى 300 دينار كويتي، أي ما يعادل ألف دولارٍ تقريباً.
تسهيلات النظام:
تهبط هذه الرحلات في مطار دمشق الدولي، رغم إغلاقه لفترات طويلة واقتصار رحلاته على المقاتلين القادمين من إيران وروسيا، وتُظهر مقاطع فيديو خاصة بالحملة هبوطها في مطار دمشق الدولي واقتصار الموجودين على المشاركين في حملات المعراج.
رحلات حملة المعراج كانت تؤمن من قبل الحرس الثوري الإيراني بحكم سيطرته على المطار، والتحكم بالقادمين والخارجين منه، وأيضاً المطار يعد نقطة انطلاق لكل المنظمات التابعة لإيران.
يقيم الزائرون في فندق سفير السيدة زينب-السفير سابقاً- الخاص بالحملة، ويقع الفندق في منطقة السيدة زينب حيث تطل ساحته على المقام وتُقام فيه نشاطات عدة منها:
– ندوات لشرح ما يحدث في سوريا وكيفية المحافظة على العتبات المقدسة.
– شرح لتفاصيل الرحلات وأماكن الزيارات والمدة المحددة لكل زيارة.
– فعاليات دينية مثل الأناشيد واللطميات الشيعية بمناسبات مختلفة كاستشهاد زينب أو ميلادها …الخ.
– توزيع المعونات والمساعدات على القاطنين في مناطق سيطرة النظام.
– تنفذ الحملة عمليات توزيع اللحوم والأطعمة على المستهدفين في كل زيارة، ويشارك مسلخ “الرضوان” القريب من مقام السيدة زينب في تحضر اللحوم (بكافة أنواعها) للحملة.
الترويج للنظام
عبر التنقل بين الأضرحة والمقامات يمرر القائمون على الحملة رسائل لصالح نظام الأسد أهمها ، الترويج لفكرة الأمان في المناطق التي يسيطر عليها النظام، أحمد المعراج دائماً ما يذكر عبارات “الأمان موجود وأن المناطق يمكن زيارتها باستمرار وبدون أي مشاكل.. ويتحدث أيضاً عن مقدار التضحيات التي بذلها الإيرانيون والميليشيات الشيعية لتحقيق ذلك”، في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنَّ النظام والميليشيات الإيرانية يفرضون الأمان في المناطق التي يسيطرون عليها.
النظام خصص مجموعات من الفرقة الرابعة لحماية هذه الرحلات ومرافقتها في كل تحركاتها وتأمين فندق السفير الخاص بحملة المعراج، وهو ما يثير الشكَّ الكبير من الغرض من هذه الرحلات، إذ أن الفرقة الرابعة تعتبر من نخبة جيش النظام.
ويقول العنصر في الفرقة الرابعة (صخر)، إن العناصر يتسابقون للظفر بفرصة مرافقة حملة المعراج، لما تعود عليهم من مكاسب مادية وعينية.. خاصةً أنَّ العنصر يحصل على سلَّة غذائية ومبلغ مالي مجزي، وأن كل رحلة يرافقها 12 عنصراً موزعين على عربتين، ويتم التنبيه على المصورين بأن لا يظهر العناصر في الصور الملتقطة للحملة.
ووفق البيانات التي تنشرها من خلال موقعها أو المقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، استطاعت الحملة ممارسة عملها في دمشق وريفها وحمص وحلب، وقد وصل عدد أنشطتها إلى أكثر من ألف نشاط بين الإغاثي والدعوي.
تمرير معدات عسكرية
محمد حسان صحفي سوري يرى أن المناطق ذات الأغلبية السنية، تخضع لعمليات ممنهجة بهدف التغيير الاجتماعي والعقائدي فيها، وأن الحملات الإغاثية والمرافق الدينية التابعة لإيران في هذه المناطق، تشكِّل أحد العوامل الأساسية للتغيير الديموغرافي في سوريا، وما جرى في ريف دمشق هو خير دليل.
أيضاً إيران مررت من خلال الحملات معدات لمقاتليها، سواء كانت عسكرية أو لوجستية من خلال فتح النظام المطارات لهذه المنظمات والحملات، وعدم إجراء أي رقابة على ما يدخل إلى سوريا عبرها وفق شراكة واضحة مع الميليشيات الإيرانية والحرس الثوري المتواجد هناك.
حسان قال إن ما يتم جمعه من خلال عمليات جمع التبرعات، لا ينشر في بيانات حقيقية لذلك تُستخدم الحملات للتغطية على توزيع أموال التبرعات في غير العمل الإغاثي.
تركيز الحملة في سوريا
وفق ما تروج له الحملة من زيارة العتبات المقدسة، فإن معظم رحلاتها ونشاطاتها تتركز في سوريا على الرغم من الحرب الدائرة هناك، بالمقابل هناك ندرة في هذه النشاطات في العراق وإيران، رغم وجود أماكن ذات قدسية عاليةً جداً عند الشيعة مثل النجف في العراق وقُم في إيران.
الخلاصة والمعاني
بعملية حسابية وفق ما تم ذكره من أرقام حول عائدات الزيارات التي تقوم بها حملة المعراج في سوريا تصل المبالغ السنوية بحدود 10 مليون دولار، ما بين عائدات الحملة والتسوق في الأسواق السورية.
وللحملة بُعد نفسي لدى المواطنين السوريين.. إذ أنها تأتي من دولة الكويت.. وتستهدف تفعيل أكبر لوتيرة التشييع عبر المساعدات ونسج شبكات اجتماعية واسعة.
حملة المعراج ليست الوحيدة إذ يقدر عدد المنظمات الفاعلة في مجال الزيارات الدينية، بنحو 15 منظمة وجمعية (تحمل كلها الطابع الشيعي) تنشط بشكل كبير في سوريا، ولكن حملة المعراج تعد الأكثر فعالية بينها، من خلال تنشيط الزيارات الدائمة إلى سوريا وتنشيط السياحة الدينية، وهي الحملة الأولى التي بدأت العمل بهذا المجال، وهناك تقدير رسمي من حكومة النظام لما تقدمه هذه الحملة من دعم اجتماعي ومادي وسياسي للأسد.
حملة المعراج ومثيلاتها التي تنشط في سوريا، تطرح تساؤلات عدة حول نشاطاتها المعلنة بالفعاليات الإغاثية والإنسانية، وما تخفيه من أنشطة هدفها نشر التشيّع من خلال الترغيب بتقديم المساعدات والإغاثات، وأيضاً استهداف الأطفال والنساء في معظم أنشطتها.
وتجلب الحملة من تستهدفهم من مناطق متفرقة إلى منطقة السيدة زينب، أو مناطق أخرى تحوي إحدى العتبات المقدسة لتوزيع الإغاثات، وهذا ما يضفي عليها طابع وصيغة الترويج للمذهب الشيعي.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذه المنظمة تنشط بعلم من الحكومة الكويتية، وهي منظمة مسجلة في دولة الكويت، تمارس نشاطاً في سوريا له أهداف قد تؤثر على الرأي العام وتروج لوجهات النظر التي يصدرها النظام للعالم.
كما أن مرافقة الفرقة الرابعة لها والعمل على حمايتها يدفع للتساؤل حول صلة هذه الحملة بقائد الفرقة الرابعة “ماهر الأسد” شقيق رأس النظام “بشار الأسد”، مع التنويه إلى علاقة ماهر الأسد القوية بإيران وأيضاً قرب الحملة من إيران مذهبياً وفكرياً.
وننتهي بسؤال يراود كثير من المهتمين بهذا الشأن وهو، ما هي الصلاحية الممنوحة لهذه الحملات حتى تصل لدرجة تغيير أسماء الأماكن والفنادق وغيرها من معالم المدن والقرى السورية.
المصدر أنا بريس