الأربعاء , أبريل 2 2025
الرئيسية / كلام سوريين / نستالوجيا ديرية

نستالوجيا ديرية

كتب نشوان الصالح تعليقاً جوابياً على سؤال بسيط من ابن صديقه ” ورد ” والذي لا يعرفه مذ ولد ..

Nashwan Alsaleh

عزيزي ورد
حين تنتهي الحرب (ولا أعلم متى تنتهي), فلتذهب إلى سوريا إلى دير الزور, تعال من الشمال فهذا طريق هجرتنا الذي ينبغي عليك أن تعود به بدلاً منا إن لم نعود, قد تجد دولةً كردية في الشمال السوري فاليوم أعلنوا عن فدراليةٍ هناك, تجاوزها على مضضٍ ولا تعطهم انطباع الرضا عما فعلوه ليحصلوا على هذه الدولة.
ستأخذك الحافلة إلى دوار الحلبية, المدخل الشمالي للمدينة, ستجد هناك الكثير من السيارات و”المطورات” بانتظار راكبٍ يدخل المدينة, اذا كان الطقس جميلاً فتقدم على قدميك جنوباً, سينتهي هذا الطريق إلى جسر السياسية المرمم بغباء, اصعد “الرمبة”, وتابع سيراً على ما تبقى من الجسر وتأمل النهر جيداً فهذا الفرات!!!
بعد الجسر, اتجه يمينا بمحاذاة النهر سترى بعض الأعمدة في النهر, تلك بقايا الجسر المعلق, اتجه يساراً حين تصل الجسر المعلق, سترى الحويقة وكأنها آثار مدينة تاريخية غير مكتشفة لشدة القصف الذي تعرضت له, حين ينتهي الشارع –شارع المحافظ- سيأتيك جسرٌ آخر لكنه صغير, هذا هو جسر “اللعيور”, حين تعبره ستجد بقايا قهوة عصمان بيك على يمينك وجامع وقهوة السرايا على يسارك, استدر يساراً بمحاذاة الفرع الصغير من النهر وتابع السير حتى تصل بقايا جسراً معدني, لا تلق بالا فهذا جسر الدرة, استدر يمينا حينها واضعاً الجسر خلفك واصعد في الحارة المقابلة حتى يأتيك شارعٌ يعتبر أنه رئيسي, هذا ما يسميه الديرييون “الجادة”, ستجد إلى اليسار قليلا بقايا مسجدٍ مهدمٍ, هذه تكية الراوي التي قصفها النظام بتهمة انتمائها للإرهاب, وفجر الإرهابيون المتبقي منها بتهمة اعتدالها في الإسلام, بمحاذاتها استدر يميناً لتكون الحديقة على يسارك أيضاً, من هذه الزاوية زاوية التكية حتى البناء المهدم التالي هذا مكان العيد, استمر في التقدم وادخل في أول حارَةٍ ضيقة على يمينك, في تلك الحارة بيت فرحان الفياض أهل وليد و….., نسيت اسمه لعلي أسأل والدك عنه, وعلى يسارك فسحة كبيرة تلك كانت الخان, والخان يا صديقي هو بناء من “الحِرّي والحجر” سور كبير يضم باحة واسعة وبعض الغرف ذات الأسقف المقنطرة, الباحة كانت ملعب الحي والأسقف المقنطرة كانت مقاعد الجمهور والغرف المقنطرة تحوي ذكريات الألعاب التي انقرضت “الغمية والدكيكة وإبرة تسليم و….” حين تنتهي الفسحة استدر يساراً وتقدم لا تخف, أنت في حيّك, أنت في الشيخ ياسين.


عند التقاطع الأول توقف, الزاوية اليمينية الأول منزل “آل الرحبي”, والزاوية اليسارية الأولى منزل “آل بجعة”, والزاوية اليسارية الثانية وما على امتدادها هو “حوش آل مجيد آغا”, جدّك, وقد أصبح بنايات , والزاوية اليمينية وما على امتدادها هي “حوش صالح العبد”, جدّي, وقد بقي منه منزلان من الحجر المنحوت, على تلك الأحجار تتبع النقوش, ستجد أسماءً كثيرة “أبو حسيبة, أبو علي, أبو النيع, رديش سفروت, أيمن, باسل, أيهم, هيثم, غاندي, بسوط, عبد الله, نشوان, ……. وأسماء كثيرة.
عند هذا التقاطع إن ذهبت يمينا تجد آل عاصي وآل حمادي النايف وآل زبيدة, وإن ذهبت يساراً ستجد بيت عمو أبو ياسر وبيت أهل عبود الدايم وقد أصبح بناية, ثم بناية آل دعيجي, بيت جدك.
لكن لا تذهب لا يمين ولا يسار, تقدم بذت الاتجاه جنوباً, على التقاطع الثاني تتمة منازل آل الصالح وآل آغا وقد بيعت, والزاويتان الأخريان لآل مشهور على اليمين وآل هفل على اليسار, إن كنت جائع فاطرق باب بيت هفل, واسأل عن حبابة, وقل لها أنا من آل مجيد آغا, لن تسألك من يكون أبيك حتى تولم لك وتتأكد أنك ارتحت من عناء سفرك, وإن لم تكن جائعاً فتقد حتى اتقاطع الثالث, هنالك ابحث عن عمك أبو صالح, ستجدها غالبا على أحد الأرصفة القريبة يوقد النار في صفيحة “تنكة”, بما تبقى من أثاثٍ دمرته الحرب.
بمجرد أن تقول له “مرحبا عمو أبو صالح” سيدعوك للجلوس ويسقيك الشاي المطيّب على النار, الشاي المفضل لدى الديريين, اشربها حتى لو لم تكن تحب الشاي, ومن ثم اسأله
– منما نشوان وباسل؟؟
– أبو صالح يتردد قليلاً قبل أن يجيب: ومنو إنت؟؟
– أنا ورد مجيد آغا
– ابو صالح: منو أبوك؟؟
– أيمن
– أبو صالح: أيوااااااا, إنت جدك أبو حسين؟؟
– ورد: إي
سيسألك أبو صالح أسئلة كثيرة عن أهلك وأقرباءك, وعن أشخاصٍ قد لا تعرف, ولتجبه حينها بكل ما تعرف ولا تتململ من كثرة الأسئلة واستحضار الذكريات, سيتذكر أبو صالح في آخر الحديث أن لك سؤال محدد عن نشوان وباسل:
– أبو صالح: نشوان ابن عمي, وباسل ابن عمك, عليش تسأل عنهم.
– ورد: أبوي قالي إنو هم يعرفون بصيد السمك وممكن يعلموني.
سيضحك عمك أبو صالح طويلاً ويسقيك كأساً أخرى من الشاي: اشرب چاي أبو أيمن, هذول صيادة خردة تركوا الصيد ولحقوا الدراسة, أنا أعلمك الصيد.
ستكتشف أن عمك أبو صالح كبير الصيادين في الشيخ ياسين والذي لم يفارق النهر والبراري إلا بسبب الحرب.

عمك نشوان تركيا في 17-03-2016

شاهد أيضاً

رسالة من نساء السويداء في يوم المرأة العالمي:

براءة نعيم رسالة من نساء السويداء في يوم المرأة العالمي: مرة.. وقبل سنوات من اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد + ستة =