الخميس , نوفمبر 7 2024
الرئيسية / مقال / حزب الله اللبناني في مواجهة حاضنته

حزب الله اللبناني في مواجهة حاضنته

حزب الله اللبناني في مواجهة حاضنته

فراس علاوي

لعلها المرة الأولى ومنذ تأسيسه يجد حزب الله اللبناني نفسه في مواجهة مباشرة مع حاضنته, ففي المرات السابقة كان الحزب يعمل على تهيئة الحاضنة نفسياً قبيل أن يدخل أي صدام مباشر.

في حرب تموز 2006 على الرغم من مقتل مايقارب 1300 من عناصر وحاضنة حزب الله, بعد أسر الحزب لجنديين إسرائيليين, خرج حزب الله بخطاب المنتصر على الرغم من أن زعيمه حسن نصر الله حينها قال:لو كنت أعلم أن نتائج اختطاف جنديين يؤدي لكل هذا التدمير لما قمنا بها.

وعلى الرغم من ذلك كان يحظى بتعاطف ومساندة من حاضنته الاجتماعية بما فيها قرى خط التماس التي تعرضت لقصف اسرائيلي مدمر.

الظروف الآن تغيرت من ناحية التعاطف العربي مع الحزب الذي خسر كثيراً منه, بسبب التدخل في سوريا والعراق وسياساته التابعة لإيران, الغضب الرسمي العربي والشعبي من تصرفات حزب الله, إضافة للصراع اللبناني اللبناني وضع حزب الله في موقف الدفاع عن نفسه على الرغم من ادعائه مناصرة حماس, إلا أن ماتسرب /إن كان دقيقاً/ يعكس خيبة أمل من قبل قادة حماس برد فعل حزب الله اتجاه ماحدث في 7 أكتوبر, ولهذا الأمر مايليه لاحقاً في حال تم الاتفاق على انهاء القتال في غزة.

اليوم يبدو حزب الله مربكاً في ظل مايعانيه من ضربات متلاحقة , خاصة بما يتعلق بعملية الاغتيالات التي طالت عدداً من قياداته, والتي وضعت الحزب أمام حقيقة اختراق أمني واسع على مستوى القيادة والقواعد, الاستهدافات الاسرائيلية لقيادات الحزب في معظمها كان دقيقاً وناجحاً , مما اسقط هيبته على المستوى الاستخباراتي , إضافة للوضع القلق الذي وضع فيه الحزب نفسه عندما وقف بين خيارين, الاول التصعيد المباشر والقيام بعمل عسكري واسع, وهذا على مايبدو كان المتوقع من قبل حماس حسب ماتم تسريبه, ووفق ما أطلق عليه استراتيجية وحدة الساحات , لكن هذا الأمر لم يتم وإنما عول الحزب على الخيار الثاني وهو ما أطلق عليه حرب الاشغال أو استراتيجية الإشغال , من خلال تصعيد منضبط لايؤدي لحرب مفتوحة وواسعة معتمداً فيها على الدعم الإيراني من جهة , وعدم الرغبة الأمريكية والفرنسية بتوسيع نطاق الحرب خارج حدود غزة, إلا أن رغبة نتنياهو وفريقه بتحقيق نصر ما ينقذ ماحدث يوم 7 أكتوبر, جعل من استراتيجية الاشغال كارثية على الحزب الذي اعتاد أنصاره على بروبيغندا إعلامية مركزة وفاعلة غابت في الأيام الماضية بما فيها الكلمات التي ألقاها زعيمه حسن نصر الله , كل ما سبق  يضع الحزب في مواجهة مباشرة مع بيئته الحاضنة، التي باتت تستشعر جدية التهديد الاسرائيلي مما جعلها تشعر بالهلع من جهة نتيجة ماشاهدته من استخدام مفرط للقوة في غزة والخوف من مصير مشابه , كذلك الوضع الاقتصادي المزري الذي تعاني منه الحاضنة ، وسط مقتل ما يقارب ال٤٠ مدنيا ونزوح حوالي ٩٠ الف مواطن من القرى والبلدات المحاذية للحدود، حيث دمرت منازل بالكامل وبنى تحتية وتوقفت المصالح الاقتصادية.

لذلك وعلى مايبدو فإن قيادة الحزب باتت تراجع حساباتها بعد أن خسرت مايقارب ال300 عنصر من عناصرها وتدمر جزء مهم من بنية الحزب التحتية, والصراع السياسي مع القوى السياسية اللبنانية الرافضة لمشروع الحزب الذي يسيطر على قرار السلم والحرب ويحاول انتزاع القرار السياسي للدولة اللبنانية, تخوفاً من خسارات كبيرة قد تجعله يقدم على تنازلات مؤلمة ليس أكبرها تطبيق القرار 1701 والخضوع للضغوط الامريكية والفرنسية, تفادياً لتوسيع نطاق الحرب والدخول في حرب غير معروفة النتائج, يحاول نتنياهو من خلالها تغيير وضعه السياسي المتدهور في إسرائيل, من خلال إبعاد الحزب إلى الداخل اللبناني وإلحاق خسائر في بنيته التحتيه وقدراته البشرية والتسليحية, والحاق الدمار في مناطق حواضنه الشعبية, مما يؤهب لتمرد داخلها في ظل عدم قدرة الحزب على التعويض وإعادة الإعمار وبالتالي خسارة الحزب على المستويات كافة, الداخلية سياسياً من خلال تراجع مشروعه وتسببه بخسارات فادحة في مناطق نفوذه, وإعطاء خصومه أوراق ضغط مجانية من خلال اتهامه بجر لبنان إلى حرب مدمرة.

واقليمياً من خلال إلحاق ضربة موجعة له تحد من قدراته على التدخل, والتي قد تجعل الايرانيين غير القادرين على دعمه بشكل واسع, من التفكير مجدداً في الاعتماد عليه في تحقيق المشروع الايراني والذي يشكل حزب الله أحد أبرز أدواته الاقليمية.

مايحدد كل ذلك هو عدة عوامل أبرزها

1-نجاح الدبلوماسية الامريكية التي تمارس اقصى الضغط على كل من حزب الله واسرائيل لمنع توسيع نطاق الحرب.

2- الوصول لاتفاق شامل في المنطقة يضمن عدم التصعيد وتطبيق القرارات الدولية بمافيها القرار 1701

3- قبول الحزب بتقديم تنازلات مقابل عدم توسيع اسرائيل لنطاق الحرب مما يعني أنه سيقدم تنازلات أخرى في الداخل اللبناني لخصومه السياسيين.

من خلال المفاوضات التي يخوضها الحزب من طرف والايرانيون من طرف آخر مع الأمريكان والأوربيين يسعى الحزب وداعمته إيران لتكريس ثلاث شروط من أجل عدم توسيع الاشتباكات

الاول :هو عدم دعم الطرف الآخر المنافس للحزب في الداخل اللبناني, وبالتالي عدم إخراج الحزب من المعادلة السياسية, وضمان بقاء السيطرة الإيرانية على الملف اللبناني.

الثاني: عدم الحديث عن سلاح حزب الله ونزعه على الرغم من الحديث عن تطبيق القرار 1701

الثالث عدم ابعاد عناصر الحزب إلى عمق أكثر من 10 كم عن الحدود.

صراع إيراني إسرائيلي

الصراع جنوب لبنان وإن كان في ظاهره محاولة إسرائيلية لتحجيم قدرة الحزب وتفكيك بنيته التحتيه وشل قدرته على القيام بعمليات عسكرية تشبه ماحدث في 7 أكتوبر لاحقاً, ورد الحزب بشكل منضبط تكتيكياً,

إلا أن من يدير المفاوضات سياسياً مع الغرب هي إيران والتي تستخدم عدة أوراق في آن واحد من جنوب لبنان إلى البحر الأحمر إلى العراق, مما يعني أن إيران هي من تدير الصراع مع إسرائيل سياسياً عن طريق المفاوضات مع الغرب وعسكرياً عن طريق أذرعها في المنطقة.

من جهته فإن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس حذر في رسالة وجهها الى مجلس الأمن،  من أنّ إيران سرّعت من تقديم معونات عسكرية للحزب عبر سوريا منذ بدء الحرب في غزة. مشدداً  على أنّ إسرائيل لديها «حق أصيل في الدفاع عن أراضيها ومواطنيها». وشدد كاتس أنّ إيران ترتكب «انتهاكات جسيمة» لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، إضافة لانتهاك قراري مجلس الأمن 2231 المتعلق بالصواريخ الإيرانية البالستية و1540 والمتعلق بعدم دعم جهات تحت مستوى الدولة ومساعدتها للحصول على أسلحة.

الصراع الاسرائيلي الايراني يتخطى وجود حزب الله في لبنان ومصالحه أو حتى مصالح الدولة اللبنانية التي تبدو مغيبة عن المشهد, باستثناء بعض المشاهد البروتوكولية التي تدعمها المبادرة الفرنسية والتي جعلت الحكومة اللبنانية أحد أطراف التفاوض, فيما يدخل الاستعصاء الرئاسي اللبناني كأحد بنود التفاوض.

الأمر الذي يفقد الحزب أوراقه المحلية من خلال تغليب المصلحة الإيرانية على مصالح حاضنة الحزب.

يبدو استعداد إسرائيل ورغبتها لتوسيع دائرة الحرب في لبنان, أكبر بكثير من استعداد ورغبة حزب الله وهذا مايفسر التصعيد الاسرائيلي الذي بات يستهدف عمقاً أكبر داخل الأراضي اللبنانية, مستنداً على معلومات استخباراتية وخرق أمني داخل الحزب, والارباك داخل صفوف قيادته وكوادره العسكرية والأمنية, وتراجع الدعم الإيراني المباشر للحزب.

وبالتالي فإن أكثر ماتخشاه قيادة الحزب في الوقت الحاضر هو تمرد حاضنتها عليها بعد ازدياد الخسائر البشرية والمادية وازدياد حالات النزوح, وبالتالي افتقاده لاحد ابرز نقاط قوته وهو أمر تدركه اسرائيل لذلك فإن عملية الاستهداف تتماشى مع حالة الغضب الشعبي مما يحدث جنوب لبنان وعدم قدرة الحزب على الردع.

شاهد أيضاً

يسار يمين يمين يسار أزمة النخب السورية التائهة

مقال رأي  فراس علاوي تعيش كثير من شخصيات اليسار السوري وشخصيات ذات مرجعيات ايديولوجية دينية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × اثنان =