الأحد , أبريل 28 2024
الرئيسية / كلام سوريين / مذكرات ضابط الفراغ يسبب الرزيلي

مذكرات ضابط الفراغ يسبب الرزيلي

المعتز الخضر

الفراغ يُسَبِّب الرَّزيلي..

على خط الانطلاق لسباق ال 3 كم في ما يُسمّى مُباريات الجيش في مادة التربية البدنية و كُنتُ برتبة نقيب و أنا أقوم بعملية الاحماء استعداداً للسباق مع بقية ضبّاط و عناصر الكتيبة، دَندَلت آذاني 👂👂 و أصغيت لحديث جانبي بين رئيس أركان اللواء و أحد ضُبّاط لجنة الاختبار برتبة عقيد ركن.. حيثُ يقول العقيد للعميد : يا زَلمي العالم وصلوا القمر و نحنا لسّاتنا على سباق 3 كيلو و خمسة كيلو و رَكّب حِرابَك و انزع حِرابَك و حَمّالة حَلّ و حَمّالة شِدّ و حَرَس صاعد و حَرَس نازل (في إشارة لدروس النظام المُنضَمّ) و أضافَ مُتَذَمِّراً و يبدو أنّهً كان مدعوم كثير أدعَم من أكرم بومالحة في مسلسل الخربة قائلاً للعميد : من كم يوم كنت بمهمة خارج القطر لحضور معرض عسكري و من بين الأسلحة التي رأيتها دبّابة سويدية و راح يتحدّث عن تطوّرها و تكنولوجيا الرمي من هذه الدبّابة.. فقاطعهُ العميد قائلاً : يا عمّي بنعرف هالشّي لكن نحنا ما عنّا شي جديد ما حَدَن مَيعطينا (و كأنّهُ تَنَبّأ بالمؤامرة الكونية) و أضاف قائلاً :نِحنا مَنِشغِل هالرِّعاع و أشار إلى مجاميع العسكر (يقصد عناصر الجيش) لازم نِشغِلهِن بِ شِي لأنّو الفراغ يُسَبِّب الرَّزيلي (الرّذيلَة).. انتهت الحادثة.. لكّنهُ ذَكّرني بفترة من حياتِنا في إقليم دَهشة و وحواكمة شرق و وحواكمة غرب كَفر المِجاريح.. ففي بِطاح الكَفر و في فترة استراحة المُحارب التي يقضيها آهالي الكفر بين فترتَي انتهاء حصاد موسم الشّتوي و بداية الموسم الصيفي يحدُث هُناك فراغ يُسَبِّب الرَّزيلي.. حيثُ يجتمع بعض شيّاب و عجايز الكَفر و يبدأ بعضُهُم بتنكيت البراذع في الإقليم و ما حولهُ.. أذكُر وقتها من اقترح سَدّ نهر فُرات الأحزان بالكريكات و قطع ماءَهُ عن نجع التّلاتيح و ذلك بسبب مُشادَّة كلامية جرت بينهُ و بين أحد أهالي التلاتيح من يومين بالكَرنك حول مُشاركة أو عدم مُشاركة أهالي التلاتيح في التصدّي للحملة الفرنسية بقيادة اليَطنان ريشان على نجوع دَهشة و وحواكمة شرق و وحواكمة غرب عام ألف و تسع مية و خشبة و أنّهم لم يشتركوا بحرق الطيّارات في المطار و ما اجدَحَوا بيهن و لا جَدحَة .. و بعد جِدال و سِجال و أخذ و ردّ بين كوينيسة الشيّاب و العجايز ارتأت الأغلبية أنْ لا طاقةَ لهم بسدّ النهر و قطع المياه عن التلاتيح و أنَّ ذلك ضربٌ من الجنون.. نظرَ الآخر من مَقعَدِهِ على أحد جوايز توثة(ت) المِشعَل بعد أن رفع عُنقَهُ باتّجاه الشمال عابراً بنَظَرِهِ نهر فُرات الأحزان جِهة كَفر الشّلاتيح و قال : هذاك مو تركتور هذاك اللي يُكرب (يحرث)؟ رفعَ الجميع نظرهُ جهة الإشارة و جاء التأكيد من أكثر من شخص.. إي بالله تركتور.. فانتفضَ ذات الشخص الذي أراد قبل قليل سَدّ نهر فُرات الأحزان و قال : أشوفهم يكربون بگاعنا عجل الشغلة سايبة تساءَل بصوتٍ عالٍ و أيّدهُ لفيف من الحضور.. (كانت الأرض في الطرف الثاني من شاطئ فُرات الأحزان يوماً ما تتبع لأهالي المِجاريح و التّلاتيح قبل أن يجور نهر فرات الأحزان و يأكل الأرض من جهة الجنوب و يُخرِج أرض من جهة الشمال لتبقى تلك الأرض بعيدة عن مُتناوَل أصحابها و يفصل بينها و بينهم و يمنع وصولهم لفلاحتها لعدم وجود جسر يربط الأرض بأصحابها و بقيت على هذه الحال سنين طويلة لم يُقدِم أهالي كفر الشلاتيح على فلاحتها فهم يعلمون أنّ أصحابها هم من كفرَي المِجاريح و التلاتيح و تُقَدّر بحوالي خمسة آلاف دونم..) بعد تلك الرؤية للتركتور دخلت المنطقة بمرحلة حَرِجَة و مُنعَطَف تاريخي خطير دخلت في تفصيلات أحداثِها يد القائد المُلهَم و رجال أمنِهِ و عَسَسِهِ و حتى قوّات المَلِّيس في ذلك الوقت لتفرقة الأهالي و إحداث شَرخ اجتماعي و تفتيت عَضُد اللُّحمة الوطنيّة مُتجاهلين الهجمة الشّرسة للامبرياليّة التي طالما حَذّر منها مُثَقَّفو بيت بوقَعقور و بيت بو مالحة في مسلسل الخِربة.. تعالت الأصوات و انتقلت النّقاشات من جلسات العصر و المغرب مرّت لمّة خَيّالَة لمجموعة من الشيّاب و العجايز في دَهشة إلى الرَّبعات و الدّواوين و المَشيخات على طول الشريط المُلاصق لفرات الأحزان في دَهشة و حواكمة شرق و حواكمة غرب و التلاتيح و انتقل الجُهد الرئيسي لللمَدّ الجماهيري من مُقارعة الإمبريالية و الرجعية إلى التناوش مع نجع الشلاتيح و من يؤيّدهم من القوى الاستعمارية
كجمهورية مَدَغَشقَر و زَنجَبار.. دارت مُحادثات محمومة و أُقيمت التنسيقيّات و منابِر الخَطابَة في النّجوع الجنوبيّة للوصول إلى قرار استراتيجي و حازم في الموضوع و تمّ التوصّل إلى تشكيل لِجنة من عدّة شخصيّات تقوم بزيارة إلى نجع الشّلاتيح و تُبلِغَهُم رسالة دُبلوماسيّة لكنها شديدة اللّهجة تنطوي على شيء من التهديد و الوعيد في حال فلاحة الأرض المُتنازَع عليها ريثما يوجِدون حلّ للموضوع.. لم يُبدي الشّلاتيحيّون أي ردّ واضح لا سلباً و لا إيجاباً و عادت اللجنة.. عاد الرجل الذي اقترح سدّ نهر الفرات باقتراح آخر أكثر موضوعية و هو تقديم طلب للحكومة الرشيدة لدراسة إمكانية إنشاء جسر في المنطقة يشبه الجسر الأعيوِر ليمكّن سكّان دَهشة و حواكمَة شرق و وحواكمة غرب و التلاتيح من الوصول بآليّاتِهم الزراعية إلى أرضهم المُغتصبة لفلاحتها.. لكن المُقترح لم يجد تأييد لأنّ المنطقة بالأساس مغضوب عليها من قِبَل القائد المُلهَم و حكومتهِ و جلاوِزَتهِ من زمان و مَنسيّة و موضوعة خارج المُخطط التنظيمي هي و أهلها.. و هنا جاء المُقتَرح الثاني من قِبَل البعض و هو إرسال وفد آخر للشلاتيح يكون أعضاؤهُ من المايعرفون اطعَمة(ت) إثومهُم و يشيلون معاهم اجْنِي و سنديانات و مَحاذيف و كم امبَسمر و خنجرين ثلاث و گُردَة گُردتين و كم اكلُنُك و يتلَثّمون و يسولفون من ورا الحياطين كتهديد صريح و واضح و مُباشر للشلاتيح… و تمّ الأمر.. لكن ردّ الشلاتيح كان أكثر وضوحاً، كان الردّ : اليريد الگاع يجي و يزرعها زِلِم.. و ما أن عبرت اللجنة فرات الأحزان ألّا و التركتورات بالعشرات صارت تكرُب بالكاع و البلدوزرات تچرُف و اتمَهمَد.. أُسقِطَ في أيدي الجنوبيّين و وَجدوا أنفسهم أمام أمرٍ صِعيب.. و راح البعض يُهَدّئ من الإثارة : ألّا يا جِماعة احنا گيعانّنا المهجورات ال عندنا مِحنا فالحينهن تا انعدي ورا النهر.. خلهم يفلحونها إذنها طعوس و اگبَب علواه ما تعوّد.. أمّا الرأي الذي رسى عليه الجميع تقريباً فهو اللجوء إلى دَهاليز القائد المُلهَم و سراديب وسُرادق القيادة الحكيمة و قال أصحاب هذا الرأي : احنا يالجنوبيّين أگوى من الشماليين بالدولة و الحكومة عندنا جنرالات و هم ما عندهم و عندنا مسؤولين بالدولة و هم ما عندهم عندنا مثقّفين و نُخَب و هم ما عندهم.. اندَخِّل الموضوع بدوائر الحكومة بما فيها شركة معكرونة دانا حتى يصير فيها تشابك و تنسيق و ناخذها بالقانون.. سأل أحدهم : ليش الحكومة راح تسأل عنّا.. ردّ واحد مفَتّح بالسلسيون و قال : نجمع كم ليرة و يروح كم واحد عالعاصمة و يرشرِشون هين و هين ألّا يجيبون بيها قرار و تصير السالفة تحت حماية القانون.. قَبِلَ الجميع بالحلّ الاستراتيجي و تمّ تحديد أسماء اللجنة بقيادة صاحب الفكرة المفَتّح بالسلسيون و جمع الأهالي مبلغ مئة ألف ليرة مشمشيّة و لبس أعضاء اللجنة البِدَن و راحوا عالعاصمة و قضوا رُدهَة من الزمن و عادوا بخُفَّي حُنين.. و بعد استجوابِهم من قِبَل مجلس أعيان الجنوبيّين أجابوا أنّهم فعلوا ما بوِسعِهِم و أنّ القيادة وعدتهم خير فأُقيمت الأفراح و الليالي المِلاح سبع ليالي و في اليوم الثامن صدر قرار القيادة الحكيمة بأنَّ هذه الأرض تُعتَبَر أملاك دولة و أنَّ الدولة قد أجّرتها لِمن يفلحها الآن و على المُتضرّر سدّ نهر فُرات الأحزان و سَدّ بوزو بصرماية عتيقة.. التوقيع القائد المُلهَم..
#بعد أيام طويلة أراد أحد أعضاء اللجنة الجنوبية التي ذهبت للعاصمة لتخليص الموضوع قانونياً أراد يبَرّي ذِمتو قبل ما يواجه ربّ كريم و قال : و الله لا رحنا و لا جينا خذينا المية ألف مشمشيّة و قعدنا بفندق بالعاصمة و قضّيناها من مطعم لمطعم و من سوگ لسوگ ألّا خلصن المصاري.. بينما الموضوع كانت نهايتهُ على يدّ الشماليين بنفس الطريقة لكنهم لم يأكلوا كباب بكامل المبلغ بل تقاسموا الكباب بينهم و بين مِفتاح القائد المُلهَم و طَجّت لِعبَت..

الكولونيل من على ظهر الباخرة الإغريقية بلو ستار.

شاهد أيضاً

الملالي يجعلون طهران “عاصمة الاكتئاب”

الملالي يجعلون طهران “عاصمة الاكتئاب”؟!   نظام مير محمدي كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 5 =