الإثنين , أبريل 29 2024
الرئيسية / مقال / السعودية وإيران توافق أم إتفاق؟

السعودية وإيران توافق أم إتفاق؟

السعودية وإيران توافق أم إتفاق ؟

فراس علاوي

بشكل مفاجئ وبعد قطيعة استمرت منذ العام 2016 بشكل مباشر إذ أغلقت كلاً من السعودية وإيران سفارتيهما في عاصمتي البلدين , أعلن من بكين وهذه هي المفاجأة عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وبحضور ممثلين عن البلدين وبرعاية صينية , تلا الإعلان لقاء في العاصمة الصينية بكين بين وزيري خارجية البلدين .

بالعودة للإتفاق ….

لم يكن الاتفاق بحد ذاته مفاجئاً فقد سبقته جولات من المفاوضات بين الطرفين في العاصمة العراقية بغداد حملت مؤشرات نجاحها من خلال تعدد الجولات وتقدم مواضيعها .

إذن فإن المفاجئ هو الرعاية الصينية للمفاوضات ونجاحها في تحقيق خرق دبلوماسي واضح في وقت مناسب لجميع الأطراف .

فالصين تخوض حرب دبلوماسية وأخرى باردة مع الولايات المتحدة المنشغلة في أوكرانيا وبالتالي

استغلت الصين هذا الإنشغال والتراجع الأمريكي الواضح في الشرق الأوسط , لتدعم اتفاق بين أكثر قوتين في الشرق الأوسط يمتلكان تأثير سياسي وديموغرافي وجيوسياسي في المنطقة , والتي كانت حتى أمد قريب تخوض صراع نفوذ في المنطقة امتد لعدة عقود وإن مر بمراحل مختلفة من التصعيد والهدوء .

الدخول الصيني الهادئ للمنطقة ومن بوابة الأمن والاستقرار يؤسس لوجود صيني مستقبلي ينافس الوجود الأمريكي والذي يرى في الصين العدو القادم بعد الإنتهاء من المعضلة الأوكرانية التي باتت تؤرق الجميع .

هذا الدخول يؤسس لتشكيل تحالفات جديدة تبحث عنها دول المنطقة التي تعاني منذ عقود من عدم الاستقرار , وبالتالي فالبحث عن تحالفات جديدة قد يعيد حالة التوازن للمنطقة وهذا ماتبحث عنه دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية وإيران .

السعودية

التي لم تنجح في اليمن وباتت تعاني في مناطق نفوذها التقليدية وتبحث أيضاً عن تحقيق الاستقرار من أجل بناء قوة إقتصادية عالمية تتماشى مع رؤية ولي العهد محمد بن سلمان والمسماة 2030

تدرك بأن استمرار الصراع خاصة في خاصرتها الرخوة في اليمن سوف يؤثر على هذه الرؤية الاقتصادية وأن النتيجة المرجوة من التدخل المباشرفي اليمن لن تكون كما ترغب في نهاية الأمر

كذلك ترى القيادة السعودية أن التقارب مع إيران يخفف من انعكاسات أي اتفاق إيراني أمريكي مفاجئ كما حصل من قبل .

 

إيران

والتي تعاني داخلياً وخارجياً واقتصادياً باتت تبحث عن استقرار يعيد لها بعضاً نتاج التدخلات التي قامت بها في محيطها الاستراتيجي , كذلك فقد رأت القيادة الإيرانية في خطوات التقارب والتطبيع العربي الإسرائيلي تهديد حقيقي لها , لذلك رأت في التقارب مع السعودية خطوة نحو قطع سلسلة التطبيع في ظل التردد السعودي اتجاهها .

إذن

الدول الثلاث المنخرطة في المفاوضات مستفيدة من حالة الاستقرار التي ستنعكس ولو بشكل جزئي على الدول الثلاث ومناطق نفوذها , ولكن السؤال .

هل سينعكس هذا الاتفاق إذا جاز تسميته أو التوافق في حال كان أقل من اتفاق على مناطق التوتر , والحرب الباردة بين كلاً من إيران والسعودية ؟

وهل سنرى إغلاق لملفات كانت عالقة بسبب دعم أحد أو كلا الطرفين لطرف ما في الصراع ؟

بداية ماهي الدول أو الأطراف التي تأثرت بشكل مباشر بسبب العلاقات السعودية الإيرانية ؟

وماهي انعكاسات الاتفاق أو التوافق على مايحدث في هذه الدول ؟

العراق

شكل العراق على الدوام ساحة للتنافس السعودي الايراني , والذي كسبته إيران بصورة واضحة بعد سقوط نظام صدام حسين .

إلا أنه وبسبب ازدياد العقوبات على إيران وماتشهده من احتجاجات , وأيضاً عدم الاستقرار الذي تشهده الساحة العراقية , كل ذلك جعل من العراق مصدر ازعاج لإيران ومنطقة نفوذ متزايد للسعودية ظهر في موجات الاحتجاج الماضية ضد سياسات الحكومات المدعومة إيرانياً ومن زيارات بعض الشخصيات المؤثرة في العراق إلى الرياض , لذلك كان من المناسب لإيران إغلاق ملف التنافس في العراق لمصلحتها من خلال رعاية العراق لهذا التقارب .

تأثر العراق لن يكون مباشراً نتيجة أي توافق أو اتفاق وإنما سيكون بصورة تدريجية وأقل حدة مع استمرار النفوذ الايراني سياسياً على أقل تقدير فيما سيكسب العراق اقتصادياً من خلال السماح بعودة العلاقات الاقتصادية مع المملكة .

سوريا

المسألة السورية أكثر تعقيداً وهناك أطراف أخرى متداخلة لذلك لن يكون تأثير هذا الاتفاق مباشراً , على الرغم من محاولة السعودية استعادة دورها في سوريا من خلال التقارب مع النظام السوري , إلا أن انعكاس أي تقارب سعودي إيراني سيكون محدوداً بسبب محدودية التأثير السعودي من جهة وعدم قدرة إيران على الحسم في سوريا في ظل وجود قوى دولية وإقليمية أخرى , بالمحصلة فإن انعكاس الاتفاق سيكون ضعيفاً وجزئياً .

لبنان

بسبب طبيعة نفوذ الدولتين في لبنان فإن تأثير الاتفاق سيظهر بصورة أكثر وضوحاً ولكن بذات الوقت لن يكون هذا التأثير فورياً , وذلك بسبب اختلاف طبيعة التدخل في لبنان ففي حين يعاني لبنان اقتصادياً بسبب العقوبات غير المباشرة التي فرضتها السعودية , فإن التدخل الإيراني هو الأقوى من خلال وجود حزب الله , وبالتالي فإن انعكاس أي اتفاق بين الدولتين سينعكس إنفراجة سياسية بالحد الأدنى , وبالتالي فإن تأثر لبنان سيكون أيضاً محدوداً وغير مباشر.

اليمن

لعل اليمن هو الساحة الأكثر سخونة خاصة للسعودية والتي أصبحت تستهدف بشكل مباشر من قبل مليشيا الحوثي وبالتالي فإن الهدوء في اليمن هو الهدف رقم واحد من التقارب السعودي مع إيران ,

إذاً ستشهد الساحة اليمنية تغيرات واضحة في حال تم التقارب بشكل كامل بين الدولتين وإن أي تقدم فيه سينعكس بصورة واضحة على الحالة اليمنية .

من هنا نستطيع القول أن ماحصل حتى الآن هو توافق وليس اتفاق وماهو إلا رسائل موجهة بشكل خاص إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل غيرها .

 

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × ثلاثة =