العرب في دمشق الربع ساعة الأخيرة
فراس علاوي
لم تشهد دمشق منذ آذار 2011 حراكاً دبلوماسياً مماثلاً ,بعد قطيعة دامت لعقد من الزمن عاد العرب إلى دمشق فماذا هم فاعلون ؟
أسئلة كثيرة وتحليلات أكثر سال حبرها منذ بداية الحراك الدبلوماسي سواء من خلال زيارات وزراء خارجية عدد من الدول إلى دمشق أو من خلال زيارة وزير خارجية نظام الأسد لعدد من العواصم العربية والتي أبرزها العاصمة السعودية الرياض .
قطبا السياسة العربية في القاهرة الرياض عادا وبشكل مفاجئ ومتسارع للملف السوري , وإن كانت إندفاعة الرياض أكبر وأكثر سرعة متسلحة بالاتفاقية التي تم توقيعها مع الايرانيين و وباستضافة السعودية للقمة العربية في الرياض والتي تم تأجيلها من آذار حتى شهر أيار القادم لسببين رئيسيين
الأول هو الوصول لأكبر قدر من التوافق بمايخص الملف السوري وعودة نظام الأسد المحتملة للجامعة العربية من خلال حضور النظام السوري لمؤتمر القمة العربي .
الثاني هو انتظار ماستسفر عنه الانتخابات التركية والتي تبدو في وضع غائم وغير محسوم النتائج مما يعني أن أي مخرجات تتعلق بالمنطقة قبيل معرفة شكل الحكومة التركية القادمة ستكون قاصرة وغير كافية لتحقيق الاستقرار وهو الهدف المعلن لجميع أشكال الحراك الدبلوماسي العربي والاقليمي .
لايحمل العرب حتى اللحظة خارطة طريق موحدة للتعامل مع النظام السوري , والذين يملكون معه سجلاً حافلاً من المراوغة وعدم التجاوب مع المبادرات التي قدمت له سابقاً .
على الرغم من محاولات تقريب وجهات النظر بين الدول الفاعلة بما يخص التقارب مع النظام السوري وإعادته للجامعة العربية , إلا أن دولاً عربية تحاول الحصول على مكاسب في أماكن أخرى من أجل الموافقة على عودته , لذلك رفعت بعض الدول سقف مطالبها من النظام السوري وسقف مفاوضاتها مع السعوديين بشكل خاص , لهذا السبب لم ينتج إجتماع جدة الذي ضم وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي إضافة لمصر والعراق والأردن ورقة أو خارطة طريق للتعامل مع النظام السوري , على الرغم من المؤشرات التي تقول بأن الجميع موافق أو على الأقل غير رافض لعودته , فإن هناك خلاف على كيفية عودته وتوقيتها .
لهذا السبب حطت طائرة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في دمشق , ولم يلتق نظيره المقداد الذي كان في زيارة إلى تونس والجزائر وإنما التقى رأس النظام بشار الأسد , فيما يبدو أنه نقل رسالة أخيرة له عن الشروط العربية لعودته .
لاينطلق العرب من مبادرة واضحة المعالم والخطوط ,لكنها بذات الوقت تستند إلى تفسيرات القرار 2254 ومبدأ خطوة مقابل خطوة وهذا سبب تواجد المبعوث الأممي غير بيدرسون ضمن المشاورات العربية العربية .
من المؤكد أن الوزير السعودي لم يحمل دعوة لنظام الأسد لحضور القمة فلازال الوقت مبكراً على ذلك .
وبالتالي فإن الشروط التي تداولها وزراء الخارجية لعودة النظام هي ماحملها الوزير السعودي وهذا هوالسبب في لقاءه رأس النظام وليس وزير خارجيته الذي يبدو أنه لم يقدم أجوبة مقنعة خلال زيارته للرياض .
السؤال هل سيتوقف الحراك الدبلوماسي اتجاه دمشق ؟
لعل الإجابة المنطقية تقول بأن هذا الحراك سوف يزداد ويتنوع وسيشهد حضور دول جديدة وستتنوع الزيارات بين علنية وسرية , وقد نشهد مبادرات فردية لدول عربية غير فاعلة بشكل كبير في الملف السوري سياسياً على الأقل مثل الكويت وعمان والبحرين .
هل يعني ذلك تعويم نظام الأسد ؟
من الناحية السياسية نعم هو إعادة تنشيط سياسي للنظام وعلى المدى القصير نعم هو تعويم سياسي وهذا أقصى مايطمح له النظام حالياً .
لكن هل يعني أن ذلك يصب في مصلحة النظام على المدى المتوسط والطويل ؟
يتوقف ذلك على الشروط العربية ومدى المساحة التي تناور فيها الدول العربية في ظل الانشغال
الدولي بقضايا كبرى كالحرب الأوكرانية وأزمات الاقتصاد , الأمر الذي جعل ساحة المناورة أوسع
وبالتالي فإن تحقيق أي اختراق سياسي سيكون مقبولاً لدى الجميع بمافيه الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا , فيما يشجع الموقف الروسي على هذا التقارب .
من هنا نستطيع أن نقول بأن النصف الأول من شهر أيار سيكون حاسماً بما يتعلق بالملف السوري وتداعياته الإقليمية والدولية وحتى ذلك التاريخ سنرى كثيراً من العرب في دمشق برسائل مختلفة .