حقائق تعرض للمرة الأولى حول عملية تفجير خلية الأزمة
خاص للشرق نيوز
في المرة السابقة عرضنا المحاولة الأولى لاغتيال أعضاء خلية الأزمة عن طريق تسميمهم من قبل أحد العناصر واليوم يتابع العميد عوض العلي المنشق من رئاسة فرع دمشق للأمن الجنائي حيث كان يشغل منصب رئيس الفرع في شهر أب 2012 شهادته حول تفجير خلية الأزمة ومقتل عدد من أفرادها أبرزهم اللواء آصف شوكت وداوود راجحة وزير الدفاع
تعرضت خلية ادارة الازمة لمحاولتي اغتيال :
الاولى :
بتاريخ 19-5-2012 بواسطة السم وكانت النتيجة أن اعضاء الخلية ورئيسها انذاك محمد سعيد بخيتان الامين القطري المساعد لحزب البعث نجوا من الموت بعد اسعافهم للمشفى , حيث تم القيام بغسيل معدة لهم ونجوا جميعاً , لكن كما تم تداوله حينه يقول بأن هذا النوع من السموم له آثار مديدة على جسم من يتعرض له .
الثانية :
وهي الأهم وتمت بواسطة التفجير المعروف , لقد سمعت وقرأت كثيراً من التأويلات والتحليلات عن ذلك التفجير , ولكن ما أنا متأكد منه حسب معلوماتي وما اطلعت عليه ساورده كما أعرفه :
بحكم عملي في الفرع خاصة بعد انطلاق الثورة السورية فقد كنت أبقى لساعة متأخرة بعد منتصف الليل في الفرع ,ولذلك اضطر احياناً للنوم في بيت الاستراحة خلف مشفى المجتهد , وغالباً أنام ببيتي الذي اسكنه مع عائلتي في مساكن الصبورة غرب دمشق واتأخر صباحاً في القدوم للفرع .
صباح الأربعاء ١٨ تموز ٢٠١٢ كنت في منزلي في الصبورة عندما وردني اتصال خليوي من العميد ابراهيم الصالح قائد شرطة مدينة دمشق وهو صديق قديم لي وكان الحديث كالتالي :
ـ صباح الخير
ـ اهلا
ـ وين انت ..؟؟
ـ بالبيت خير ان شاءالله عالصبح ..؟
ـ سمعت الانفجار ..؟
ـ لا .. انت تعرف بيتي بعيد .. اي انفجار ؟
ـ تم تفجير مكتب الامن القومي أثناء اجتماع خلية إدارة الأزمة وتم اسعاف الجميع إلى مشفى الشامي , مضيفاً كلمة .. خربت .
ـ نازل باتجاه المشفى …سلام .
خرجت باتجاه مشفى الشامي بمدينة دمشق .
بذات الوقت اتصلت مباشرة وكلفت ضابطين من الفرع مع عناصرهما ودورية من قسم الأدلة الجنائية بالذهاب مباشرة الى مكتب الأمن القومي .
يتابع العميد العلي
وصلت المشفى كان الباب مغلقاً وهناك عناصر أمنية تقف أمامه تمنع الدخول , كما كان هناك تواجد لكثيرين , معظمهم من مرافقي أعضاء خلية الأ زمة , كان الذهول والوجوم يظهر على الجميع , يتحركون بصمت وبشكل لاارادي .
كان العميد ابراهيم متواجداً جانب باب المشفى وقفت معه وشاهدت مرافق وزير الدفاع ويدعى أحمد البقاعي من درعا ( حيث ارسله الوزير سابقاً لمكتبي لمتابعة معاملة ترخيص سلاح لصهره ) وكان لباسه مليء ببقع من الدم نتيجة اسعافه للوزير , سألته عن صحة الوزير فرد بأن وضعه منتهي قبل وصوله المشفى / أي مات / ,وعلمت أيضاً بأن العماد آصف شوكت أيضاً توفي وهو موجود بغرفة تقع ببداية مدخل المشفى على اليسار .
اتصل بي يقول العميد العلي :
أحد الضباط الذين كلفتهم بالذهاب لمكتب الأمن القومي واعلمني أن المكتب تطوقه عناصر أمن القسم (٤٠ ) الذي يرأسه العقيد حافظ مخلوف , وهو القسم التابع للفرع الداخلي بادارة المخابرات العامة ( أمن الدولة ) وهم يمنعون دخول أي أ حد لمكان التفجير , عندها طلبت حضورهم للمشفى .
بعد وصولي للمشفى بوقت قصير, حضرت بشرى الأسد وهي زوجة العماد آصف شوكت وأخت رأس النظام بشار الأسد , حيث دخلت بسيارتها ال ( ب م دبليو ) الى مدخل المشفى وكانت ترتدي /بلوزة لون بنفسجي خفيف نص كم وياقة بزرين وبنطلون لون بيجي عريض / أي لباس بيت أو رياضة , وعلمت أنهم بعد حضورها وضعوا جثمان زوجها بغرفة في أحد الطوابق العلوية وبقيت بمفردها مع جثمانه مايقارب ساعتين من الزمن ثم غادرت المشفى .
يتابع العميد العلي
بعد وصول بشرى بدقائق حضر العقيد حافظ مخلوف وهو يحمل بيده محفظة جلدية سوداء بحجم محفظة طلاب المدارس ودخل المشفى .
بعد وصول ضباط الفرع للمشفى كلفتهم بالتواجد أمام المشفى , واتفقت مع قائد الشرطة أن نذهب لمكتبه كونه اقرب من مكتبي .
بهذا الوقت فتح باب المشفى ودخلت أنا والعميد ابراهيم كما دخل قناصون أيضاً مع بنادقهم القناصة وصعدوا الى سطح المشفى ,
وصلنا إلى جناح وزير الداخلية وكان بأحد الطوابق العلوية وهو يشبه البلكون وبآخره غرفة صغيرة واجهتها بللور شفاف , كان الوزير يجلس على كرسي طبي والأطباء يعالجون يده اليمنى حيث اصيبت بقطع في الوتر وابنه الأكبر الدكتور ابراهيم يمسك يده اليسرى وكان الرجل يتألم حيث اصيب بالإضافة ليده بشظايا كثيرة في رأسه لكنها صغيرة وليست خطرة حسب الأطباء.
يتابع العميد عوض
بينما كنت والعميد ابراهيم والرائد حسن طالوستان من مكتب الوزير وزوجة الوزير وابنه الأصغر دخل ضابطان برتبة عقيد أحدهما ابن اخ العماد حسن تركماني ويشبهه شكلاً واعتقد اسمه علي والآخر قريبه اعرفه كونه زارني بمكتبي سابقاً , سألتهم عن وضع العماد فقالوا أن وضعه جيد ودخل غرفة العمليات لإجراء عمل جراحي بسيط ان شاءالله .
كانوا مطمئنين على صحته ويتكلمون عن وضعه بثقة لدرجة أنهم حرصوا أن يطمئنوا على صحة وزير الداخلية عند دخول العماد غرفة العمليات ثم عادوا ينتظرون خروجه وعندما أُخرج منها كان جثة هامدة .
ملاحظة حينها كان العماد حسن يرأس خلية ادارة الازمة بدلاً من محمد سعيد بخيتان الذي تم استبداله بعد عملية التسميم .
بعد أن انتهى الأطباء من معالجة وزير الداخلية ,طلبت من ضباط الفرع الذهاب مرة أخرى لموقع التفجير وعند وصولهم أخبروني أن الوضع كما هو عليه حيث يمنع الدخول , عندها طلبت منهم العودة والتواجد أمام المشفى مجدداً .
يتابع العميد العلي
ذهبت لمكتبي بعد ذلك وكان في المشفى خمسة من أعضاء الخلية الذين تعرضوا للتفجير وهم ( ثلاثة متوفين وهم العماد حسن تركماني والعماد آصف شوكت والعماد داوود راجحة ) و ( اثنان مصابان وهم وزير الداخلية اللواء محمد الشعار وعضوالقيادة القطرية رئيس مكتب الامن القومي اللواء هشام بختيار )
بعد ثلاثة أيام تم تجهيز جنازة عسكرية حيث تم نقل الجثامين الثلاثة إلى جبل قاسيون عند نصب الجندي المجهول , واصطف ذويهم بحضور ضباط وعناصر مراسم القصر بانتظار وداعهم من قبل بشار الأسد ,
علمتُ وقتها أن مشادة كلامية حصلت بين أحد ضباط مراسم القصر وأحد الضباط من عائلة التركماني ,عندما ابدى ضابط القصر ملاحظة حول كثرة عدد الجضور من آل التركماني وبعد انتظار لم يحضر بشار ليودعهم وتابعت الجنازات طريقها باتجاه المقابر .
وبينما كانت الجنازات على المحلق الجنوبي في طريقها للدفن , اعلمني أحد ضباط الفرع المتواجدين أمام المشفى عبر رسالة لاسلكية بوفاة اللواء هشام بختيار وتم دفنه بدون المراسم التي حظي بها من سبقوه .
بعد خمسة أيام من حادثة التفجير
يقول العميد العلي اتصل بي اللواء نزيه حسون معاون مدير ادارة المخابرات العامة ( امن الدولة ) وهو المكلف برئاسة لجنة التحقيق في حادثة التفجير يطلب دورية أدلة جنائية لإعداد تقرير خبرة في حادثة التفجير , فمن المعروف أن لاقيمة قانونية لتحقيقاتهم بدون تقرير خبرة الأدلة الجنائية لانهم سيعمدون على توزيع نسخاً منه للامم المتحدة وسفارات الدول ,
حينها قدّرت أنهم يريدون شهود زور على تحقيقاتهم خاصة أنهم لم يسمحوا للدورية نفسها التي طلبوها الدخول لمسرح الجريمة بعد التفجير مباشرة وهو الوقت المناسب لعملها فقلت له :
ان امكانات القسم عندي لاتفي بمثل هكذا حدث وإدارة الأمن الجنائي لديها مخبر وخبراء تفي بالغرض
قال : اتواصل مع من ..؟
قلت : اتصل مع اللواء مدير الادارة
وفي اليوم الثاني كنت مع مدير الإدارة وتبين أنهم طلبوا الدورية المذكورة من فرع الأدلة الجنائية الذي كان يرأسه حينها العميد كمال أبو العز واعدت لهم التقرير المطلوب .
وما علمته لاحقاً أن عبوات أخرى كانت مزروعة بالسقف ولم تنفجر ,وأن بعض من دخلوا المكتب بعد التفجير من ضباط وعناصر أمن الدولة ولعدم خبرتهم وقيامهم ببعض الحركات غير المسؤولة كادوا أن يتسببوا بتفجيرها .
ذهبت للتعزية بالعماد حسن , وكان ابناه علي وبلال يستقبلان المعزين وكان من قيادات اجهزة الدولة/ بوجه جاف جداً /وتقرأ في وجوههم شعوراً آخر غيرالحزن
بعد ذلك بعدة أيام أخبرني أحد الأشخاص أنه تم الإجهاز عليه في غرفة العمليات ,وأن أهله واقرباؤه يعلمون ذلك وهذا سبب الشعور الذي خيّم على ابنائه اثناء التعزية .
عائلة آصف شوكت
أما العماد اصف فقد حضر لدمشق بعض اخوته و/جماعته / يوم التفجير وحضروا مراسم الدفن وخلال هذه الفترة زارني أحدهم في مكتبي , حيث تربطني بهم علاقة قديمة منذ ايام خدمتي في طرطوس , وأخبرني أنهم باليوم الأول من وصولهم التقى بهم بشار ووعدهم بالثأر من الفاعلين ,مع العلم أن أغلب عائلة شوكت يحمّلون بشار مسؤولية مقتله ومنهم من صرح بذلك وأخرون لم يصرحوا .
اقيم لآصف شوكت مراسم عزاء في قريته المدحلة بريف محافظة طرطوس وبعدها اقاموا له مراسم عزاءً اخرى في دمشق وذهبت للتعزية فوجدت أن أغلب اخوته لم يحضروا مراسم العزاء بدمشق .