الخليج العربي ورطة السعودية وطريقة الخروج من عنق الزجاجة
هيثم البدوي
تتصاعد العقوبات على إيران مع ارتفاع مؤشرات المواجهة، و تأجيج المنطقة لدرجة يصعب بها التنبؤ بأحداث المنطقة و ردود أفعال الدول،
في خضم ذلك قررت إيران التعاطي مع ملف العقوبات بطريقتين،
الأولى و هي معلنة تعتمد على الاجراءات السياسية الدبلوماسية اعتمادا على وساطات الدول الحلفاء، ظهر ذلك من خلال سلسلة وساطات قادتها سلطنة عمان و قطر واليابان و تنوعت بين وساطات مع دول اقليمية و وساطات مع دول عالمية
-الثانية و هي غير معلنة تعتمد على الهجمات العسكرية المنفذة عن طريق مليشيات ارهابية مرتبطة بإيران عقائديا،
مؤخراً وفي أقل من شهرين نفذت إيران سلسلة هجمات بدأت بتفجيرات إرهابية لسفن في ميناء الفجيرة و بعدها نفذت قصفاً على مدن سعودية نجحت الدفاعات السعودية بإسقاطها تلتها هجمات بطائرات مسيرة في العمق الجغرافي للسعودية ، أضرت من خلاله بخطوط نقل النفط، ثم عاودت القصف على مطار أبها في السعودية لتصيبه و توقع إصابات مدنية، و انهتها مؤخراً بالهجوم على ناقلات نفط غربية تحمل نفط عربي من موانئ الإمارات و السعودية،
في ظل ذلك يبقى الموقف السعودي يدور في فلك السياسات الأمريكية، و مرتهن لطريقة تعاطي ترامب مع ملف إيران،
في حين أن رغبة السعودية قد تكون مغايرة لطريقة التعامل الامريكي مع ملف ايران، لكن في السياسة لا تنال الأهداف بالرغبات و التمني، فخطأ السعودية بالتعاطي مع ملف إيران ينطلق من عدة عوامل
١-بداية من اعتماد الرؤيا الضبابية الأمريكية، و التي تبتعد جغرافياً عن المنطقة و بذلك فهي غير مستعجلة للحل إضافة لخوض أمريكا عدة نزاعات على جبهات متعددة كجبهة الصين و روسيا، و قد تكون منطقة الخليج المكان الأنسب لتصفية الحسابات خاصة مع وصول الإنتاج الأمريكي من النفط ل ١٢ مليون برميل يومياً لتحتل المركز الأول في عالمياً انتاجه و مع استهلاك يومي للنفط يصل ل ١٧ مليون برميل فإن العجز الأمريكي للسوق الداخلية يمكن تأمينه من أقرب الأسواق ككندا مثلاً، في حين أن النزاع و طوله في منطقة الخليج يضر بالصين التي تعتمد على إمدادات الطاقة من إيران و الخليج العربي و بذلك يكون الضرر مشترك لأعداء أمريكا، و طبعا تكون السعودية من أكبر المتضررين بذلك
٢-تعتمد إيران سياسة ربط الملفات و بذلك فهي تتعامل مع كامل ملفات المنطقة بحزمة واحدة و بطريقة أيدولوجية و ميلشياوية بعيداً عن كونها دولة فهي لا تنخرط بالصراع على أساس كونها دولة،
في حين تعتمد السعودية سياسة فصل الملفات و عدم التعاطي معها بطريقة أيدولوجية أو ميلشياوية، بل باعتبارها دولة، و هنا يكمن الضرر الأكبر فتدخل السعودية كدولة ضمن تحالف ضد متمردين في اليمن جلب لها خسائر جمّة فلا يمكن للطائرات إنهاء متمردين في الجبال و يبدو كمثال إنهيار الاتحاد السوفيتي حاضراً بين أعيننا في أفغانستان،
من هنا فإن الخطأ هو استمرار التعامل بهذه الطريقة مع ملفات المنطقة و خاصة الملف السوري الذي ترفعت عنه السعودية و اعتمدت الرؤيا الأمريكية ، و الذي ظهر من خلال دعم قوات قسد والتي ليست أكثر من شركة مقاتلين مرتزقة عابرة للقارات لا ترى في إيران عدو تاريخي او ايديولوجي مما يعني ان الصراع ضد إيران متوقف على تقاسم المصالح، في حين أنه لو تم دعم المعارضة السورية التي تخلت عنها السعودية لصالح دول إقليمية، فإن ذلك يعني محاربة إيران انطلاقا من كونها محتل يجب طرده خارج سوريا اعتمادا على عداء ايديولوجي(ديني مذهبي) و تاريخي(عربي فارسي).
٣-ينطلق الخطأ الأخير من فكرة مفادها سوء اختيار مكان المواجهة ففي حين فرضت إيران المعركة في منطقة الخليج العربي و جنوب السعودية، بادرت السعودية لموقع الدّفاع و تناست أن مكان المعركة يشكل ثلثي عوامل النجاح فالمتضرر الأكبر من هذه المنطقة هي السعودية التي اختارت الدفاع في حين بادرت إيران للهجوم، في منطقة حرمت من مزاياها، و عليه فإن موقع المعركة لا يشكل لها سلبيات، في حين لو انتقلت السعودية من الدفاع للهجوم بمنطقة الحلم الإيراني التمثل بالهلال الشيعي فإن ذلك سيشكل ضربة قاسية لإيران تبدء بإنهاء وجودها و صب كامل اهتمامها بالدفاع عن وجودها هناك مع تخفيف الضغط علَى منطقة الخليج و وضعها في مواجهة حلفائها مما يساهم بتغير معادلة التحالفات و الاصطفاف في المنطقة التي تفيد السعودية و تعمل على تقريبها من الدول الإقليمية المحيطة بسوريا.
و بذلك ننتهي لفكرة مفادها ضرورة تغيّر التعاطي السعودي مع ملفات المنطقة و اختيار طريقة الحرب الغير تقليدية و الحرب بالوكالة في منطقة الهلال( الفارسي ) و دعم المعارضة السورية المتمثلة بالجيش الحر و نقل المعركة للداخل الإيراني عبر دعم الاثنيات المختلفة و الثائرة على النظام الإيراني كالأحوازيين العرب مع بقاء المسار العقابي الدبلوماسي ضد إيران و هو نفس السلاح الذي تستخدمه إيران ضد أعدائها.
مايرد في المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس الموقع