الشرق نيوز
رامي أبو الزين
هل سينشطر الخندق الروسي – الإيراني في سوريا ؟
بات الخلاف الروسي – الإيراني في سورياً أمراً واقعاً لا تستطيع حتى الآلة الإعلامية الأسدية اخفاءه أو تورية بعض ملامحه التي باتت تتبلور بشكل واضح على الساحة السورية .
بداية هذا الخلاف بين قطبي حلفاء نظام الأسد كانت عندما بدأت الاتفاقات غيرالمعلنة بين اسرائيل و روسيا حول القضية السورية و التواجد الإيراني في سوريا بين ضفرين .
منذ أن سيطر المعسكر ( الأسدي الروسي الإيراني ) على مناطق واسعة من الأراضي التي كانت ثائرة على نظام الأسد ، دقت اسرائيل ناقوس الخطر بسبب التمدد الإيراني و اقتراب قوات عسكرية إيرانية من الحدود الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل ، فعملت جاهدة إلى تحويل الاصطفاف الروسي الإيراني الحاصل و تغيير سياسة موسكو في التعامل مع إيران في سوريا ، ووصلت إلى مبتغاها بعدما توصلت مع روسيا إلى اتفاق حول سحب القوات الإيرانية من جنوب غرب سوريا قرب الحدود مع فلسطين المحتلة ؛ و جاءت تفاصيل هذا الإتفاق على لسان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة ” فاسيلي نيبينزيا ” ليكون هذا الإعلان بمثابة شرارة التوتر بين روسيا و إيران .
أثار الإتفاق الروسي – الإسرائيلي استياء الإيرانيين ، فبدأت إيران و ميليشياتها العسكرية بإبداء ردود الأفعال المباشرة على الأرض مع القوات الروسية ، و بدأ ذلك الصدام ” الناعم ” عندما سيطرت قوات روسية على عدة نقاط عسكرية لنظام الأسد والمليشيات الأيرانية في منطقة القصير ، و انتقل بعد ذلك إلى ديرالزور عندما أرسلت روسيا مجموعات عسكرية كبيرة تابعة للفوج الخامس الذي بات معروفاً بأن قيادته روسية ، الأمر الذي وصفه محللون بمساعٍ روسية لإبعاد الميليشيات الإيرانية عن مراكز المدن و الدفع بها إلى نقاط غير حيوية في البادية السورية .
أمّا الصدام المباشر و الذي تخطى مرحلة الخلاف البارد ، أخذ محله في محافظة حماه و منطقة سهل الغاب على وجه الخصوص ، وذلك بعد اشتباكات مباشرة اندلعت بين القوات الروسية و الميليشيات الإيرانية بعد رفض قوات من الفرقة الرابعة المحسوبة على الطرف الإيراني تسليم نقاطهم العسكرية لقوات من الفيلق الخامس الذي تديره القوات الروسية ، الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة و المتوسطة أوقعت عشرات القتلى و الجرحى بين الطرفين .
الصدام المباشر بين الجانبين أدى إلى تدخل العميد في قوات النظام سهيل الحسن الملقب ب ” النمر ” والذي بات يعرف بولائه للقوات الروسية لمحاولة إيجاد تهدئة بين الطرفين عن طريق عقد عدة اجتماعات بين قادة عسكريين من الطرفين .
التصعيد بالموقف العسكري بين الروس و الإيرانيين على الأرض السورية يأتي ترجمة للإتفاق الروسي الإسرائيلي على تقويض مساعي إيران للتمدد في سوريا ، و بموازاة التصعيد الإسرائيلي العسكري على مواقع القوات الإيرانية في دمشق عبر الغارات الجوية من أسراب الطائرات الحربية و استخدام الصواريخ بعيدة المدى و الذي يأتي بالتنسيق مع موسكو .
فيما يبدو على الأرض أنه صراع عسكري على استلام زمام الأمور في سوريا بين روسيا و إيران و غياب تام لموقف نظام الأسد ، يقتصر صراع الحلفاء داخل سوريا على تحجيم المواقف و لن يصل الأمر إلى معركة إنهاء وجود طرف لآخر ، إذ يعتبر الخلاف الروسي الإيراني خلاف جيوسياسي أكثر من كونه عسكري ، حيث تسعى روسيا إلى تطويق النفوذ الإيراني داخل سوريا و ترسيم مناطق تواجدها بما يضمن لها إرضاء تل أبيب و تنفيذ الإتفاقات المبرمة بين روسيا و إسرائيل ، و إمساك زمام الأمور على الأرض بما يضمن لروسية دخول جولات التفاوض بموقف صلب ، من جانبها لاتزال إيران ترفض هذه ” الوصاية ” الروسية و تسعى إلى المضي في تحقيق مشاريعها في سوريا بعيداً عن أي مضايقات قريبة أو بعيدة .