الجمعة , يناير 3 2025
الرئيسية / كلام سوريين / حروف على الجدران…شهادات الألم والصمود في زنازين المعتقلات

حروف على الجدران…شهادات الألم والصمود في زنازين المعتقلات

حروف على الجدران…شهادات الألم والصمود في زنازين المعتقلات

هناء درويش

 

شاهدتُ مقطع فيديو لزنزانة يعتقد أنها احتضنت يوماً ما عشرات المعتقلات السوريات في أحد الأفرع الأمنية. 

كانت الزنزانة ضيقة،جدرانها قاتمة،لكن ما لفت نظري لم يكن سواد الجدران بل تلك الكلمات التي تغطيها،رسائل كتبتها أيدٍ مرتجفة، ربما بأظافرها أو قطع معدنية صغيرة وجدوها بين ركام العتمة.

كانت الحروف تتحدث،تحمل أنفاس من عبروا من هنا،من عاشوا الألم والقهر،وتركوا أثراً من أرواحهم على تلك الجدران الباردة.

كل زاوية في تلك الزنزانة كانت شاهدة على معاناة لا يمكن تخيلها.

 كلمات الشوق والحنين للأبناء الذين كبروا دون أن يحتضنوا أمهاتهم، للأمهات اللواتي ربما رحلن دون أن يسمعن صوت بناتهن.

للأزواج الذين أصبحوا ذكرى بعيدة أو ربما اختفوا في غياهب سجون أخرى. 

بين الحروف المبعثرة كانت هناك أسما،كأنها محاولة أخيرة لتثبيت الوجود،لإثبات أنهن كنّ هنا.

أنهن لم يختفين في صمت القهر دون أن يتركوا أثراً.

بعض الرسائل كانت تبدو وكأنها صرخات مكتومة كلمات لا تعرف صاحباتها إن كان العالم سيقرأها يوماً ما أو إن كان أحد سيشعر بوجعهن.

ربما كتبت هذه الحروف في لحظات من الألم الجسدي أو النفسي أو في ساعات طويلة من الوحدة التي لا يقطعها سوى صدى الصرخات أو صوت الأبواب الحديدية وهي تُغلق.

 وسط كل هذا القهر كانت تلك الكلمات تحمل حساً مرهفاًحساً إنسانياً يعكس قوة المرأة حتى في أقسى لحظات حياتها. 

بين جدران قاسية لا تعرف الرحمة 

تركت المعتقلات بصماتهن كأنهن يقلن للعالم: نحن هنا.

 نحن موجودات،حتى لو حاول الظلم أن يمحو أثرنا.

هذه الزنزانة ليست مجرد مكان مظلم بل شاهد حي على كم الإجرام الذي تعرضت له النساء السوريات. 

هي شهادة على الألم، وعلى الحب الذي لم تنجح القيود في قتله،وعلى الأمل الذي حاول أن ينجو بين الشقوق. 

هي لوحة إنسانية مليئة بالمعاناة لكنها في الوقت ذاته تروي قصة نساء رفضن أن يكون الصمت نهايتهن.

مشاهدة هذا الفيديو كانت كافية لتحرك داخلي مشاعر لا تُوصف خليط من الحزن والغضب والعجز. 

لكنها أيضاً جعلتني أدرك أن تلك الرسائل ليست مجرد كلمات عابرة.

بل هي صرخات تبحث عن عدالة قد تأت يوماً ما.

 وعن ذاكرة لا يجب أن تُمحى أبداً.

شاهد أيضاً

سوريا الجديدة: استثمار طاقات الشباب وبناء مستقبل واعد

سوريا الجديدة: استثمار طاقات الشباب وبناء مستقبل واعد.   تقرير : خالد المحمد      …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − 3 =