الأحد , يناير 5 2025
الرئيسية / تحليل / ‏من النصر العسكري إلى بناء الدولة: معضلة الحكم في سوريا الجديدة

‏من النصر العسكري إلى بناء الدولة: معضلة الحكم في سوريا الجديدة

‏من النصر العسكري إلى بناء الدولة: معضلة الحكم في سوريا الجديدة

خالد ابو صلاح

ما حدث في سوريا ليس انتقالًا سياسيًا تقليديًا، بل نصرٌ عسكريٌ مكتمل أسقط النظام البائد وأعاد البلاد إلى سكة الحياة.

عبر التاريخ، لم تُعرف حركة تحرر عسكرية تطيح بسلطة قائمة لتتخلى عن الحكم فورًا، أو لتتشارك بشكل كامل في إدارة البلاد مباشرة بعد انتصارها. عادةً ما تمسك السلطة الجديدة بزمام الأمور، خاصة في المفاصل السيادية، لتؤسس قواعد الحكم الجديد، وتضمن استقرارًا يُخرج البلاد من حالة الفوضى والانهيار.

لكن الإدارة الحالية وضعت نفسها في معضلة معقدة: لا هي استثمرت انتصارها العسكري لترسخ شرعيتها كسلطة أمر واقع وتضع خطة واضحة لإدارة المرحلة القادمة، ولا التزمت بما أعلنت عنه بأنها حكومة تصريف أعمال، ستهيئ لمؤتمر وطني شامل وتبتعد عن اتخاذ قرارات سيادية.

هذا التناقض أوجد حالة من التوتر بين ما أُعلن عنه رسميًا وما يتم العمل عليه فعليًا. فالقرارات السيادية التي اتُخذت تُظهر مسعى للتمسك بمفاصل السلطة، في حين أن غياب إعلان دستوري أو خطة واضحة لإدارة المرحلة القادمة أثار شكوكًا ومخاوف لدى الحاضنة الثورية وعموم السوريين.

المؤتمر الوطني المزمع عقده يمثل مفصلًا حاسمًا في هذه المرحلة، لكنه يواجه تحديات كبرى:

 إذا جرى التحضير له كعملية انتقال سياسي تقليدية، فلن تتمكن الإدارة الحالية من الحصول على الأغلبية المطلوبة لشرعنة حكمها والسيطرة على مفاصل الأمور.

 وإذا تم الالتفاف على المؤتمر أو تقويضه، فإن ذلك سيضع الإدارة في موضع الشك ويفتح المجال لاتهامات بعدم الالتزام بالوعود.

السؤال الحاسم الذي يتطلب إجابة واضحة ليس “من يحكم؟” بل “كيف سنُحكم؟”

 

السوريون اليوم بحاجة إلى رؤية متكاملة حول إدارة البلاد، خطة واضحة لإعادة بناء الدولة، وآليات تضمن مشاركة وطنية مسؤولة. المشكلة ليست في شخص الحاكم، بل في كيفية إدارة الحكم، وضمان أن يكون المستقبل قائمًا على العدل، القانون، واستعادة الثقة بين الدولة والمجتمع.

 

الانتقال من النصر العسكري إلى بناء دولة مستقرة يحتاج إلى وضوح وشجاعة في اتخاذ القرار، بعيدًا عن التناقضات التي تُضعف الثقة وتعطل المسار الوطني. سوريا اليوم بحاجة إلى قيادة واثقة تُدرك أن بناء الشرعية يبدأ من الإجابة عن الأسئلة الكبرى، والعمل على تحقيقها بخطى ثابتة.

شاهد أيضاً

قسد والدور الأمريكي في سوريا بعد سقوط الأسد

قسد والدور الأمريكي في سوريا بعد سقوط الأسد محمد عثمانالقاهرةالشرق نيوز سقط الأسد فجر الثامن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + 7 =