الثلاثاء , يناير 7 2025
الرئيسية / الآن / في ذكرى مقتله: قاسم سليماني خنجر إيران المسموم في جسد سوريا

في ذكرى مقتله: قاسم سليماني خنجر إيران المسموم في جسد سوريا

 

في ذكرى مقتله: قاسم سليماني خنجر إيران المسموم في جسد سوريا

مصطفى الحلبي

 

في الذكرى السنوية لاغتيال المجرم قاسم سليماني، تتجدد الأحاديث حول شخصية هذا الرجل ودوره في الأحداث التي شكلت وجه المنطقة العربية والشرق الأوسط بصورة عامة خلال السنوات السابقة.

في الثالث من يناير من كل عام، يتجدد الحديث حول إحدى أكثر الأحداث تأثيرًا على مستوى الشرق الأوسط خلال الخمس سنوات الأخيرة، وهو مقتل المجرم قاسم سليماني. لا شك أن سليماني، الذي شغل منصب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، كان شخصية محورية في السياسة الإيرانية، وقد ارتبط اسمه بالعديد من الأزمات والصراعات في المنطقة. 

قاسم سليماني الذي كان رمزا للسياسات العدائية التي اتبعتها إيران تجاه الدول العربية. وعلى الرغم من محاولة العديد من أنصاره تجميل صورته، فإن الحقيقة تبقى رهينة أفعاله التي أدت إلى إراقة الدماء وزعزعة الاستقرار في العديد من البلدان.

 

وُلد قاسم سليماني في عام 1957 في محافظة كرمان الإيرانية، وبدأ حياته العسكرية في البداية كمقاتل في الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت من 1980 إلى 1988. ومنذ ذلك الحين، ارتقى بسرعة في الرتب العسكرية ليصبح أحد أبرز القادة في الحرس الثوري. وقد عُيّن كقائد لفيلق القدس عام 1998، وهو الوحدة المسؤولة عن العمليات العسكرية الخارجية للحرس الثوري.

 

كان سليماني رمزًا للتدخل الإيراني في شؤون الدول الأخرى، حيث أسهمت سياسته العسكرية في توسيع نفوذ إيران وتطوير عملائها في مختلف البلدان، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن. تغلغل قاسم سليماني في الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية في هذه الدول جعلته شخصية مثيرة للجدل وترتكب العديد من الجرائم التي أدت إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي والسلم الأهلي.

منذ توليه قيادة فيلق القدس، بدأ سليماني بتنفيذ استراتيجية شاملة مبنية على تصدير الثورة الإيرانية. استخدم سليماني مليشيات مختلفة كأدوات لنشر النفوذ الإيراني، مقدماً الدعم العسكري واللوجستي لتلك الجماعات، مما ساعدهم في تقوية مواقعهم في الصراعات المحلية. ولكن لم يكن هذا النفوذ دون تداعيات، فقد أدى تدخله إلى تصاعد العنف والاضطرابات السياسية في العديد من الدول، وجعل من المنطقة بؤرة توتر دائم.

مقتل سليماني في غارة أمريكية قرب مطار بغداد عام 2020 كان بمثابة حدث مفصلي في مسار الصراع العربي الإيراني. كان هذا الحدث تحولاً كبيرًا في السياسة الأمريكية تجاه إيران، حيث وضعت الولايات المتحدة حدًا لأحد أبرز رموز الإرهاب الإيرانية في المنطقة. الهجوم الذي أسفر عن مقتل سليماني لم يكن مجرد استهداف لفرد، بل كان رسالة واضحة من الإدارة الأمريكية بأن أفعال إيران العدائية لن تمر دون عقاب.

 

كما أظهر مقتل سليماني كيف أن الأحداث السياسية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، تتأثر بشكل كبير بالمعادلات الدولية. فقد تزامن اغتياله مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، مما أدى إلى تداعيات ضخمة لعدة دول. ردود الفعل الإيرانية كانت قوية، حيث اعتبرته النظام الإيراني شهيدًا ونوعية من القائد الذي ضحى بنفسه من أجل الوطن والمقاومة.

 

علاوة على ذلك، كان لمقتل سليماني تأثيرات كبيرة على الحركات المسلحة التي كانت تتلقى الدعم منه، مما زعزع استقرار هذه الجماعات وأدى إلى تغييرات في موازين القوى. في العراق، مثلاً، برزت عمليات استهداف جديدة للوجود الأمريكي، حيث قامت مليشيات موالية لإيران بتنفيذ هجمات ضد القواعد الأمريكية. ومن جهة أخرى، أثارت عمليات الانتقام مخاوف من عودة المواجهات العسكرية المباشرة في المنطقة.

وبحسب عدة تحليلات، فإن مقتل سليماني قد يكون  قدم فرصة للدول العربية لإعادة النظر في علاقاتها وتعزيز تعاونها لمواجهة التحديات المشتركة. إن بناء جبهة عربية موحدة لدعم الاستقرار والهدوء يمكن أن يكون بمثابة الخطوة الأولى نحو تحقيق الأهداف المشتركة في مواجهة الأخطار المتجددة.

تظل ذكرى مقتل قاسم سليماني عالقة في أذهان العديد من الدول والشعوب، حيث تجسد واقع الصراع في منطقة الشرق الأوسط. شخصيته، بكل تعقيداتها، ستمثل دوماً رمزاً لصراع القوى وتضارب المصالح. على الرغم من محاولات بعض المروجين لتقديمه كرمز للمقاومة، تبقى الحقيقة واضحة أن أفعاله كانت لها تأثيرات مدمرة على الشعوب والدول في المنطقة. يكمن التحدي اليوم في كيفية التعامل مع إرثه وأثره على الساحة الجيوسياسية، واسترجاع الأمل نحو بناء مستقبل أكثر استقرارًا وسلامًا.

شاهد أيضاً

بيان لناشطي وأبناء الثورة السورية في المنطقة الشرقية

أصدر عدد من ناشطي الثورة السورية في محافظة ديرالزور والمنطقة الشرقية بياناً طالبوا فيه بتغيير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية + 8 =