فرحتنا باقتتال حزب الله وإسرائيل :مابين العداوة المشتركة والقضية التي لا تنسى
هناء درويش
في خضم هذه الأحداث والإنقسام الحاد الذي تشهده المنطقة، لا يمكن أن نمر مرور الكرام على الأحداث الجارية بين حزب الله (الشيعي) وإسرائيل.
خاصة في ظل ما يُروّج له بأن فرح السوريين بتبادل الضربات بين هذين العدوين قد يعكس انحرافاً في موقف السوريين من القضية الفلسطينية.
وهذا الادعاء يتجاهل حقيقة تاريخيّة ودينية واضحة لطالما كانت جزءاً من فهمنا للصراع.
في القرآن الكريم وتحديداً في سورة الروم يقول الله تعالى (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غَلبِهم سيَغلبون ) في هذه الآيات يصف القرآن الكريم نزاعاً وقع بين الروم والفرس حيث كان العرب في حينه يتابعون هذا الصراع، رغم اختلاف انحيازهم لأي من الطرفين حيث كان المشركون فرحين لانتصار اللرس ، فيما كان المسلمون ينتظرون انتصار الكتابيين الروم ،يعود ذلك لاعتبارات دينية إلا أن هذا الفرح لم يغير حقيقة أنهم كانوا خارج ذلك الصراع بشكل مباشر بل يدركون أن احتدام المعارك بين هذه القوى المتصارعة قد يجلب لهم مكاسب غير مباشرة، وهذا ماحصل تاريخياً إذ قامت الدولة الإسلامية على أنقاض هاتين الدولتين.
وبالنظر لواقعنا اليوم نجد تشابهاً كبيراً بين ما كانت عليه حالة العرب آنذاك، ومانراه الآن من ردود فعل تجاه الصراع بين إيران وأذرعها وفي مقدمتهم حزب الله وبين إسرائيل.
البعض قد يتهمنا بأن فرحتنا برؤية حزب الله يتلقى ضربات من إسرائيل دليل على ابتعادنا عن القضية التي اعتبرنا قضيتنا ولكن الحقيقة أكثر تعقيداً من ذلك.
فرحتنا بمقتل حسن نصر الله وضعف حزب الله ليست فرحة بمن يُفترض أن يكون عدواً مشتركاً مع إسرائيل ولكنها فرحة بسقوط طرف آخر من أطراف القمع والتسلط في المنطقة.
حزب الله لم يعد بالنسبة للكثيرين مجرد مقاوم مزعوم ضد الاحتلال الإسرائيلي بل أصبح رمزاً للطائفية والإجرام الذي استهدف المدنيين في سوريا وعزز وجود نظام مجرم مستبد.
على الرغم من ذلك تبقى إسرائيل عدونا والقضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة.
لا يمكن لنا أن ننسى هذا العدو الذي احتل أرضنا وشرّد شعبنا مهما كانت الظروف والتحالفات المؤقتة التي تتغير مع الزمن.
فرحنا باقتتال حزب الله وإسرائيل لا يعني أبداً أننا نسينا فلسطين ولكنه يأتي من إدراكنا أن كلاً من حزب الله وإسرائيل يمثلان وجهين لعملة واحدة حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز نفوذه على حساب شعوب المنطقة بما فيهم نحن السوريين.
في النهاية علينا أن نتذكر أن الصراع في منطقتنا معقد ومتشابك وما يهمنا هو مصلحة شعبنا وحقوقه
وخلاصة القول
الشعوب لا تنسى من ظلمها وهجرها سواء جاء هذا الظلم من عدو تقليدي مثل إسرائيل أو من طرف كان يوماً ما يدعي مقاومة الاحتلال ولكنه أوغل في دماء الأبرياء كما فعل حزب الله في سوريا.
إن موقفنا من حزب الله ليس انحرافاً عن مبادئنا الراسخة في دعم القضية الفلسطينية بل هو رد فعل طبيعي على من شارك في قمع ثورتنا وقتل أبناء شعبنا كما أن موقفنا من إسرائيل كعدو تاريخي ومحتل لأرضنا لا يتغير بتغير الظروف أو بتحالفات بعض الأطراف فالعدواة لإسرائيل قائمة ولا تتبدد ولكن هذا لا يعني أن من قمعنا أو قتلنا يُمنح صك براءة فقط لأنه يُقاتل عدونا المشترك.