الأحد , أبريل 28 2024
الرئيسية / مقال / سوريا الطائفة في خدمة العائلة

سوريا الطائفة في خدمة العائلة

سوريا الطائفة في خدمة العائلة

 

حتى يصل للحكم تخلص حافظ الأسد من أبرز حلفائه في اللجنة العسكرية آنذاك والتي وصلت نهاية ستينيات القرن الماضي لقيادة حزب البعث عبر سلسلة من الإنقلابات كان أخرها إنقلاب حافظ الأسد الذي أُطلقَ عليه ” الحركة التصحيحية” حيث استلهم حافظ الأسد من هذا الإسم طريقته في التخلص من خصومه ومنافسيه ، اللجنة العسكرية التي بنيت على أساس طائفي كان أبرز وجوهها هم من ” الطائفة العلوية ” التي ينتمي إليها حافظ الاسد نفسه ، لكنه بدأ سلسلة التخلص من رفاق الأمس ليستفرد بالسلطة وكان أبرز تلك الوجوه محمد عمران وصلاح جديد .

 

كانت هذه أول تضحية بالطائفة لمصلحة الوصول للسلطة ، ومن أجل تمكين سلطته عمل حافظ الأسد على صناعة دائرة مقربة منه اعتمدت على الولاء المطلق له ، وكان أركان الطائفة أبرز رجالات تلك المرحلة والتي تضمنت صراعات سياسية وعسكرية تخللها الكثير من عمليات الإغتيال ، ليخوض صراعاً من نوع آخر مع الإسلاميين في سوريا وقدم من خلاله عدداً من رجال طائفته كقرابين لتثبيت حكمه مجدداً ، بعد أن استتب الأمر لحافظ الأسد برز صراعاً آخر داخل الطائفة ” الأسرة ” بين الأخوين حافظ ورفعت على السلطة ضحى خلاله بعدد آخر من رجالات الطائفة.

 

وبذلك في كل مرة يتم استخدام الطائفة لخدمة العائلة مقابل امتيازات لبعض أفرادها في حين تقدم باقي الأسر أبناءها بشكل شبه مجاني من أجل بقاء آل الأسد في السلطة ، بعد ذلك وفي أيام حافظ الأسد الأخيرة جعل السلطة محصورة ضمن دائرة ضيقة من العائلة تربطها ببعضها البعض صلات قربى شديدة الخصوصية وإبعاد مراكز القوة داخل الطائفة خوفاً على مصير وريثه بشار الأسد من أي مطامع داخل الطائفة ومرة أخرى تمت التضحية برجالات الطائفة لمصلحة العائلة ، بعد وصول بشار الأسد للحكم بدا واضحاً أن السلطة تتجه لحكم عائلي تركز بعائلتي الأسد ومخلوف وبعض الشخصيات المقربة منهما سواء بقرابات عائلية أو مصاهرة وازداد الشرخ الواضح بين العائلة التي تملك جميع الامتيازات والطائفة التي تقبل بالفتات ومع ذلك بقيت الطائفة رهينة طوعية بيد الأسرة ، ومع إنطلاق الثورة السورية استطاعت البروبيغندا التي استخدمها بشار الأسد وأركان حكمه إقناع الطائفة بأن سقوط نظامه يعني فناء الطائفة وبالرغم من محاولات الثوار السوريين تقديم التطمينات من خلال الشعارات التي هتفوا بها في مظاهرات الثورة وتسميات جمعاتها ، إلا أن صوت النظام كان أقوى وأكثر قدرة على الإقناع والتخويف من الانتقام من الطائفة معتمداً بعض الشعارات الطائفية وبذات الوقت مستنداً على بعض الأصوات النشاز التي أطلقها البعض ، الطائفة التي أدركت انها انساقت خلف آل الأسد لكنها بذات الوقت اعتبرت حربها على السوريين حرب وجود ، خطأ إرتكبته الطائفة في عدم قدرتها على تحديد أولوياتها ومصالحها المستقبلية وفضلت الانحياز للعائلة بدلاً من الوقوف مع الشعب ” الشريك في الوطن ” فلم يدرك رجالاتها بأن النظام سيزول عاجلاً أم آجلاً وأن إنخراطها في الدفاع عنه والذهاب بعيداً في هذا الدفاع ستدفع ثمنه غالياً وهو ماحصل حين خسرت الطائفة عدد كبير من شبابها دفاعاً عن عائلة الأسد والمقربين منهم في حال لم يحصل أهالي هؤلاء سوى على القليل من التعويض( الفتات)  وكأنهم لم يقتلوا في سبيل بقاء العائلة .

 

على أنصار الأسد والمدافعين عن نظامه الإدراك أن الظرف الدولي والإقليمي لن يسمح بعودة حكم الطائفة ولن يسمح باستمرارها بالبقاء في الحكم وبالتالي فإن العائلة التي حكمت وتمتعت بالامتيازات ستفاوض على نجاتها وترك الطائفة تلاقي مصيرها مجردة من جميع أسلحتها السياسية والعسكرية وحتى الدعم الدولي لها ومجردة من تعاطف الشارع السوري الذي وقفت بمجملها ضده وزادت من الشرخ الإجتماعي بينها وبين باقي فئات المجتمع ، فهل قدمت الطائفة نفسها قرباناً على مذبح العائلة أم أن الوقت لم يدركها بعد وتستطيع التخلص من العائلة لضمان تعايش أفضل مستقبلاً ؟

فراس علاوي

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 5 =