توقف المساعدات الإنسانية ينذر بكارثة لبعض العوائل في شمال غرب سوريا؟
حلا إسليم
راتبي لايكفي أساسيات الحياة
داخل غرفة باردة يتوسطها دلو ممتلئ بالماء بفعل قطرات المطر المتسربة من السقف، تفرز أم محمد (اسم مستعار) 60 عام، حبات العدس الطعام الأكثر توفراً بعد انقطاع السلة الغذائية عن عائلتها (المكونة من ثلاث أفراد) لما يقارب 6 أشهر.
“بعد تهجري من مدينة اللاذقية إلى مدينة إدلب عملت كمدرسة في إحدى مدارس المدينة براتبٍ يسد أجار المنزل وبعض الاحتياجات من كهرباء، جرة غاز …إلخ ” وفقاً لأم محمد،
اعتمدت على السلة الغذائية لتأمين قوتنا اليومي ما دفعني لتحمل عبء العيش في المخيم “أقمت في مخيم دير حسان آملة بتلقي السلة الغذائية لتسد بعض احتياجات اسرتي ، وبالفعل تلقيت المساعدة في أول شهر فقط”؛ بعد أن وضح لي أحد العاملين في المنظمات الإنسانية أنه لا يمكننا ضمان الحصول على السلة إلا في حال مكوثنا بشكل دائم هناك.
مساعدات إنسانية محدودة تزامنا مع ارتفاع نسبة البطالة .
تشهد مناطق شمال غرب سوريا خلال الفترات الأخيرة زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية للمدنيين في المنطقة، بالتزامن مع دخول فصل الشتاء وارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية إلى أكثر من 4.4 مليون نسمة يشكل النسبة الأكبر منهم القاطنين ضمن المخيمات، إضافة إلى الارتفاع المستمر في أسعار المواد والسلع الأساسية في المنطقة، يضاف إليها تزايد معدلات البطالة بين المدنيين بنسب مرتفعة للغاية وصلت إلى 88.74 % بشكل وسطي
بحسب بيان ل منسقو استجابة سوريا.
فقدت عملي بالوقت الذي توقفت فيه المساعدات
السيدة أم محمد تقول بعد تنهيدة طويلة مشيرة لمعانتها “بعد 4شهور من العيش في المخيم صارت الحياة أصعب؛ تحديداً عندما فقدت عملي كمدرسة تزامناً مع توقف المساعدات”.
حال عودتها للسكن في المدينة عملت كمتطوعة في إحدى القطاعات التعليمية مضيفة “بكل الأحوال أنا غير مستفيدة شي وعايشين بالدين”، أما عن تأمين مستلزماتها اليومية “اقترضت المال من صديقة مقربة مني خارج الشمال السوري” قالت السيدة بأسى.
عجز في عملية الاستجابة الإنسانية
“إن توقف المساعدات الإنسانية عن أي من المستفيدين يعتبر كارثة بحق السكان في شمال غرب سوريا، وسط عجز المدنيين عن تأمين أدنى مستلزماتهم” وفق أحد العاملين في منظمة بنفسج (رفض ذكر اسمه).
موضحاً أن ” المساعدات التي يتم تقديمها متنوعة ومتعددة الأغراض، ومنها تستهدف قطاع التعليم مثل قرطاسية ورواتب معلمين ومنها سلل غذائية ورواتب شهرية أو قسائم شرائية”.
مضيفاً : ” هناك تعاون بين عمل المنظمات والمجلس المحلي ومديرية التنمية حيث العائلة تستفيد من منظمة واحدة فقط بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الناس إلا في حالات خاصة مثل المنظمات التي تدعم الأيتام وذوي الاحتياجات”
كما أشار إلى استحالة تغطية المساعدات الإنسانية كافة المحتاجين، خاصة بعد قرار احتمالية توقف سلل wfpما سيُلحق الضرر بأكثر من 1200 مخيم في شمال غرب سوريا حيث يعتمد سكانها بشكل أساسي على سلل wfp حسب قوله.
ونوه أن نسبة 95% من المساعدات تستهدف الفقراء لكن ليس جميعهم حيث تخص (الأيتام، المتعرضين لكوارث طبيعية، أهالي المخيمات.. إلخ).
“معايير غير عادلة” وإلغاء أسماء مستفيدين قدامى من المساعدات الجديدة
من جهتها قالت كوثر العاملة في منظمة الأوسم بمركز تعزيز خدمات الحماية:
حول المعايير التي على أساسها يتم اختيار المستفيدين “تختلف المعايير من منظمة إلى أخرى منهم من يستهدف الفقراء أو كبار السن أو المهجرين لكن غالباً يتم التركيز على المخيمات والأسر التي عدد أفرادها كبير أو امرأة مسؤولة عن الأسرة ومعيلة لها”
وأفادت أن أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية بمنحى تصاعدي خاصة بعد كارثة الزلزال وانخفاض درجات الحرارة ومن المستحيل ايصال المساعدات لجميعهم.
في الصدد ذاته تعبر (إيمان السعيد) 50 عاماً عن استيائها من أداء المنظمات الإنسانية بعد حذف اسمها من قائمة المستفيدين وهي أرملة وأم لثلاث أطفال.
قالت السعيد المهجرة من مدينة حلب موضحة أن السبب وراء حذف اسمها بعد مراجعتها للتنمية: “أن أولادي بلغوا 18 عام، هذا صحيح لكن أنا أرملة وجميعنا لا نملك فرص عمل”.
وتابعت بحرقة: “أعرف العديد من الأرامل يستفيدون من نفس المنظمة ولديهم ممتلكات من ذهب، وأراضي زراعية، ولديهم شباب أيضاً قد تجاوزوا 18 عاما وبعضهم مهاجرون لأوروبا، معايير غير عادلة “.
المساعدات الإنسانية حاجة ماسة للجميع
وفي هذا السياق قالت منسقة المشاريع الميدانية في أحد المنظمات نهى كنعان: “المساعدات الإنسانية باتت حاجة ماسة لكافة العوائل بسبب تدني مستوى دخل الفرد وقلة فرص العمل ويعود ذلك لكثرة السكان في بقعة جغرافية ضيقة وقلة المشاريع الممولة التي يمكن أن تساهم في تشغيل اليد العاملة وبالتالي تنقص من أعداد المحتاجين”.
أما عن سبب إيقاف سلل wfp قالت: “بعد الحرب بأوكرانيا وغزة ومنح المنطقة المساعدات لقرابة 10 سنوات وبرأيهم أن المنطقة بدأت تدخل بمرحلة التعافي صدر قرار بإيقاف المساعدات عن شمال سوريا”.
ومما لا شك فيه أن هذا القرار سيهدد حياة كثير من العوائل “كما سينعكس سلباً على المستفيدين من هذه السلل والتي كانت مصدر دعم شهري لا بأس به بالإضافة لانعكاس توزيع هذه المساعدات على السوق التي ساهمت من قبل بانخفاض أسعار المواد الغذائية التي كانت تتوزع نتيجة توفرها بشكل شهري وبالتالي النتائج ستكون سلبية على المنطقة بشكل عام بارتفاع الأسعار” وفق الكنعان.
ماهي الخطط البديلة؟
أما عن الخطط البديلة في حال توقف سلل wfp بالفعل يقول مسؤول المراقبة والتقييم في منظمة بنفسج: “هناك خطط ولكن لا تغطي ربع سلل wfp والمتضرر الأول هو سكان المخيمات (1200 مخيم) في شمال غرب سوريا وممكن أن يتسبب بمجاعة للعوائل التي تعتمد على هذه السلل بشكل رئيسي”.
وناشدت أم محمد المنظمات وجميع الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا على إيجاد حل أو بديل للعوائل المحتاجة وغير المستفيدة
واختمت حديثها برجاء: “دبرولنا حل كرمال الله”.
في ظل غياب أي أفق لحل سياسي في سوريا واستمرار حالة التهجير القسري وتزايد أعداد المخيمات، فضلا عن قلة فرص العمل، فإن تراجع الدعم الدولي، سينذر بكارثة انسانية لنحو 4 ملايين مدني في شمال غرب سوريا يعيشون على مايبدو تحت رحمة المساعدات الأممية تارة ورحمة الفيتو الروسي لايقاف ادخالها من المعابر تارة أخرى.