(البرشلوني أنا.. وزوجتي المدريدية)
عبدالله القصير
لن تعرف في حياتك كلها معنى “ضبط النفس” إلا عندما تكتشف -وأنت البرشلوني- أن ولع زوجتك بريال مدريد يفوق الفكرة التي كنتَ قد رَسَمتها في ذهنكَ قبل الزواج عن تعلّق الجنس اللطيف بكرة القدم، حيث لم تأخذ الأمر على محمل الجد إطلاقاً، خاصة أنك في أيام الخطوبة تكون نجمها الأول قبل كريستيانو، وقديسها بدلاً من كاسياس قبل انتقاله لبورتو، وحامي عرينها الأفضل من راموس وبيبي.
متى تشعر بأن الأمر “مش هزار” على رأي الأخوة المصريين؟ عندما تنتقل إلى عش الزوجية، وتحاول إسعاد قلبها بشاشة full HD مع اشتراك في باقة تنقل الدوريات الأوروبية، هنا تصيبك الدهشة مع شعور قوي وجارف أن الإنسانة الرقيقة التي تعيش معها هي “طارق دياب” حيناً و”محمد أبو تريكة” حيناً آخر، هذا قبل المباريات بيوم يومين لا يهم، أما أثناء بدء إحدى مباريات ريال مدريد فتشعر أنك عندما ذهبت إلى المحكمة لتكتب كتابك على عروسك، أن تلك العروس ليست إلا “عصام الشوالي” بشكل مختلف.
تتابع الميركاتو الصيفي والشتوي، تحفظ ترتيب الهدافين، تعرف مواعيد المباريات مع حساب فارق التوقيت، والمحطات الناقلة، لدرجة أنني استغنيت عن الدخول إلى المواقع الرياضية العربية الشهيرة.
في كأس الأمم الأوروبية الماضية التي أقيمت في فرنسا، اكتشفتُ أنها تراقب أداء بول بوغبا باهتمام بالغ، إذ كثرتْ الأقاويل وقتها عن قرب انتقاله إلى مدريد أو برشلونة، وفي كل مرة كانت تقول: “بوغبا لا يصلح للميرنغي، أتمنى أن ينتقل لبرشلونة” عندما انتقل إلى اليونايتد انتابني شك بأن لها ضلع في تلك الصفقة، وصارت كلما شاهدَتْ مباراة لمانشستر تقول: الحمد لله الذي لم يرزقنا بوغبا.
في نفس البطولة، وعندما فازت البرتغال باللقب “أي رونالدو” أحدهم رن جرس الباب، فتحت لأفاجأ باثنين من عناصر البوليس الألماني (حيث نعيش)، قالوا لي: “جيرانكم اتصلوا بنا، لأنهم سمعوا صراخ زوجتك”. قلت لهم: “لا أنا لم أضربها في حياتي، كل ما هنالك أن شخصاً برتغالياً فاز في باريس، يمكنكم أن تقبضوا عليها” انتهى الأمر بأن وقّعت على ما يشبه التعهد ألا نكرر الإزعاج.
في إحدى المرات أثناء مباراة ريال مدريد مع إشبيلية، صرختُ متحسراً على فرصة أضاعها لاعب الفريق الأندلسي، فالتفتت إلي وقالت: يعني بدك ريال يخسر؟؟ قلت متداركاً الموقف: “لا يا روحي أنا غاضب من مدافع الريال لأنه ترك لاعب الخصم لوحده، يجب على زيدان تبديله فوراً.. يعني شو بتتوقعي من واحد برشلوني؟؟”.
في الموسم الماضي عندما سجل سيرجيو راموس في الكلاسيكو هدف التعادل في الدقيقة تسعين، كانت تقفز من الفرح بشكل جنوني، بينما كنت أراقبها في نفس اللحظة وأقول: “ما ذنب طفلينا إذا طلقتها الآن؟ ماذا سيقول عني الناس؟ (الغبي طلق زوجته من أجل مباراة).
مع ذلك لم تكن الأمور كلها بهذا السوء، فقد اعتدت – وحسب مبدأ بافلوف على الكلاب – اعتدت أن الأوقات التي تلي فوز ريال مدريد تكون زاخرة بالأكلات اللذيذة والحلويات الفاخرة، أعود إلى المنزل وأنا مطمئن إلى أن طعامي اليوم سيكون عظيماً، في كأس الملك عندما خرج أبناء زيدان من المسابقة على يد سيلتا فيغو كرهتُ السردين وعلب الفول المدمّس.
منذ أيام بعد خسارة برشلونة أمام ملقا في يوم كان يجب أن يتصدر فيه البلوغرانا ترتيب الدوري، توجهت إلى الله بالدعاء على ريال مدريد والمدريديين، في اليوم التالي صحوت باكراً لأكتشف أن ورماً أصاب زوجتي في خدها بسبب ضرس العقل، التفتُّ إلى السماء وقلت: يا ربي قلت لك المدريديين وليس المدريديات.
مواقف كثيرة حدثت وتحدث دائماً بيننا، لكن حدث الريمونتادا التاريخية أمام باريس سان جيرمان كان له وقعه الخاص، المباراة التي لا أصدق أنها حدثت إلى الآن، يومها رنّ جرس منزلنا، فتحت زوجتي الباب، وإذ باثنين من رجال البوليس الألماني، قالوا لها: “اتصل بنا أحد جيرانكم، وقال أن رجلاً في بيتكم يصرخ ويبكي كالمجنون، ما الأمر؟” قالت لهما: “لا لا أنا ضد العنف مع الرجال، كل ما هنالك أن رجلاً أرجنتينياً اسمه ميسي حقق الريمونتادا، يمكنكم أن تقتادوه إلى السجن”.. وقبل أن يغادر الشرطي قال: “في الكلاسيكو القادم أدعوكما لتشاهدا المباراة في قسم الشرطة”.
نشرت في ملحق جيل- العربي الجديد