فرق توقيت
عيسى الشيخ حسن
لو سألتني: كم الساعة الآن؟
لقلت لك: ساعتي ظلّت هناك
نسيتُها في لوح قطن
ربّما وقفت على العاشرة ليلًا
حين غَرِقَتْ تمامًا
وربّما وقفت على التاسعة صباحًا
حين ضربتها فأس أختي
وربّما ربّما
وقفَتْ بعد وقت طويل
حين دهستها سلسلة الجرّار “التريكس”
وهو يحرث الأرض
بعد القطفة الأخيرة
.
لو سألتني: كم الساعة الآن؟
لقلت لك السابعة والربع
السابعة و17 دقيقة على وجه التحديد
لكنّ الساعة في برلين الخامسة و17 دقيقة
يقول صديق قديم
لم أره منذ ثلاث عشرة سنة
الواحدة ليلًا في كندا
يقول زميلي الذي هاجر إلى هناك
.
ساعتي الآن واقفة
سيكون هذا صعبًا في مسائل الرياضيات
ربّما كان بليغًا عند الشعراء الحزانى
ربّما أقلّ بلاغة
فالساعات الواقفة لا يلتفت إليها أحد
الشباب مثلًا
مهتمون بحركة الوقت في ساعة الهاتف
الكهول يتابعونها في نشرات الأخبار
.
الليل عندي أن تحدثيني عن البلاد يا أمّي
النهار عندي أن نذهب إلى السوق يا صديقي
الضحى يعني “الدوابّ” في المرعى
“العْصير الزغيْرة” أن نشرب الحزن والحكايات والشاي
ساعتي الآن لا تؤخّر
ساعتي الآن لا تقدّم
.
كل هذه الشموس أشرقت أمام عينيّ
كل تلك الشموس غرُبت أمام عينيّ
وأنا أعشّي ساعة جدّي
لتمشي معنا يومًا جديدًا.
.
لا تعشِّ ساعتي
لا تفعل
فقبل قليل
أقصد قبل خمسة وعشرين عامًا
شربَتْ كثيرًا
مع شجيرات القطن
.
ربّما نبتَتْ حين هاجرتُ
ساعاتٍ صغيرات
ربّما هي الآن قميص قطني
في متجر
أو على حبل غسيل
بلّلته ليالي المأساة
نشّفته شموس الذكريات البعيدة
.
الساعة الآن لا تقدّم
الساعة الآن لا تؤخّر