إدلب
ذكريات شتاء إدلب
د. أحمد منذر بنشي
أسعد الله الصباح والمسا
تلج .. تلج ….. و الله عم تتلج.
يا الله ما أحلى المنظر
اسمع تلك الجمل لأرفع عن جسدي الصغير أغطية ثقيلة
لم يسري لجسدي البرد كما توقعت فالدفء يعم المكان،
أنظر ناحية النافذة و قد تجمع أخوتي أمامها يناظرون الثلج.
أنهض متشوقاً أمسح الزجاج بطرف كم البيجامة بياض يملأ الأفق.
اليوم عطلة رسمية بمناسبة الثلج فلا مدارس و لا أفران و لا حياة.
البخار يملأ جو الغرفة يصدر من علبة السمنة التنك المملؤة ماءً.
بخار آخر يأتي من ناحية المطبخ قِدر كبير من النحاس استوى على الموقد.
و أمي تجلس على كرسي القش تحرك بالخاشوقة الخشبية الكبيرة.
و أختي الكبيرة تقف أمام البوتوغاز و أمامها تلال من الخبز اليابس يقلى بالسمن الحار.
آه الحريري هو فطورنا المفضل أيام البرد القارس و الثلوج.
أدخل غرفة الجلوس و قد توسطها صدر كبير من النحاس و صُفت صحون النحاس على أطرافه و طشت كبير نحاسيّ توسطهم كالشمس حولها الكواكب.
وخواشيق النحاس الواسعة و العميقة ملأته كما العسكر
جلس كل منا أمام صحنه منتظراً متأهباً و في يمينه سلاحه الخاشوقي.
تتطفطف الحريري من الطنجرة على الطشت فليهب خريرها لعابنا.
و يرش فوقها القرفة كندف الثلج المتساقطة خارجاً ثم يدلف الخبز المقلي فوقها و تعمل جمجاية أم هاشم بها رأساً على عقب ثم تمتليء الصحون المغشاة ببخارها لتسمع تكتكة الخبز المقمر تحت أسناننا يتخلله الشفط و النفخ و تعزف سميفونية أخرى من صباحات أم هاشم الثلجية