الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / كلام سوريين / ثلج ومطر وطبخة حريري

ثلج ومطر وطبخة حريري

إدلب 

ذكريات شتاء إدلب 

د. أحمد منذر بنشي 

أسعد الله الصباح والمسا

تلج .. تلج ….. و الله عم تتلج.

يا الله ما أحلى المنظر
اسمع تلك الجمل لأرفع عن جسدي الصغير أغطية ثقيلة 
لم يسري لجسدي البرد كما توقعت فالدفء يعم المكان،
أنظر ناحية النافذة و قد تجمع أخوتي أمامها يناظرون الثلج.
أنهض متشوقاً أمسح الزجاج بطرف كم البيجامة بياض يملأ الأفق.
اليوم عطلة رسمية بمناسبة الثلج فلا مدارس و لا أفران و لا حياة.
البخار يملأ جو الغرفة يصدر من علبة السمنة التنك المملؤة ماءً.
بخار آخر يأتي من ناحية المطبخ قِدر كبير من النحاس استوى على الموقد.
و أمي تجلس على كرسي القش تحرك بالخاشوقة الخشبية الكبيرة.
و أختي الكبيرة تقف أمام البوتوغاز و أمامها تلال من الخبز اليابس يقلى بالسمن الحار.

آه الحريري هو فطورنا المفضل أيام البرد القارس و الثلوج.
أدخل غرفة الجلوس و قد توسطها صدر كبير من النحاس و صُفت صحون النحاس على أطرافه و طشت كبير نحاسيّ توسطهم كالشمس حولها الكواكب.

وخواشيق النحاس الواسعة و العميقة ملأته كما العسكر
جلس كل منا أمام صحنه منتظراً متأهباً و في يمينه سلاحه الخاشوقي.
تتطفطف الحريري من الطنجرة على الطشت فليهب خريرها لعابنا.
و يرش فوقها القرفة كندف الثلج المتساقطة خارجاً ثم يدلف الخبز المقلي فوقها و تعمل جمجاية أم هاشم بها رأساً على عقب ثم تمتليء الصحون المغشاة ببخارها لتسمع تكتكة الخبز المقمر تحت أسناننا يتخلله الشفط و النفخ و تعزف سميفونية أخرى من صباحات أم هاشم الثلجية

 

شاهد أيضاً

حروف على الجدران…شهادات الألم والصمود في زنازين المعتقلات

حروف على الجدران…شهادات الألم والصمود في زنازين المعتقلات هناء درويش   شاهدتُ مقطع فيديو لزنزانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × اثنان =