الثلاثاء , ديسمبر 24 2024
الرئيسية / مقال / سليماني ورموز الجزيرة ومصطلحات التقريع

سليماني ورموز الجزيرة ومصطلحات التقريع

سليماني ورموز الجزيرة ومصطلحات التقريع

مقال رأي
فراس علاوي

في كل مرة تُثار قضية رأي عام ” تمس أو تهم القضية السورية على وجه الخصوص ” ، يخرج المدافعون عن تلك القضية حاملين ألسنتهم وأقلامهم للدفاع عنها وهذا حقهم مع أن معظمهم من السوريين ، إنما لاعتبارات تقتضي الدفاع عن وجهة نظر المكان والعمل الذي اقتنع به فيبقى من حقه الدفاع عن تلك القضايا ، إذا استثنينا الصحفي الباحث عن الحقيقة والمحامي الباحث عن العدالة ورجل الدين الباحث عن العدل .
فمن الممكن أن نقبل دفاع الآخرين عن أخطاء مالم تؤد هذه الأخطاء لكوارث تهدد حياة الآخرين تحت ذرائع شتى ، لكن المستغرب هو لغة الدفاع المستخدمة من قبل أولئك المدافعين عن تلك القضايا اتجاه من استاء منها أو شعر بأنها تمس بقدسية قضاياه ، واستخدامهم أسلوب متعال في الخطاب الموجه لمن استاء أو اعترض ، متخذين من أنفسهم محامي الشيطان .
بنرجسية عالية يقف المدافع عن الخطأ المرتكب ليلقي على الجماهير التي ” لاتدرك الحقيقة ” حسب رؤيته خطبته العصماء مبتدئاً بجمل من قبيل ،
ما أدراكم ، هل أنتم تعلمون خفايا الأمور ومايجري ؟
ماهو مقدار معرفتكم ؟
 هل أنتم تفهمون حتى تقيمون ؟
مستخدمين ورفاقه أسلوب التقريع الأقرب للشتم ، ومزيداً من المصطلحات التي تفقد معناها الحقيقي حين تتحول إلى لغة تقريع وتهميش وإتهام بالجهل وعدم المعرفة .
ياسادتي
أصحاب معالي المعرفة
لاتحتاج القضايا التي تهم الناس ” بمختلف طبائعهم وفئاتهم ” وتؤذي مشاعرهم وتمس قضاياهم التي يرونها عادلة إلى مصطلحات كبرى أو إختصاص ، تلك الحجة التي فقدت قيمتها بعد زوال إحتكار المعرفة منذ نهاية القرن التاسع عشر وانتشار هذه المعرفة لاحقاً ، في أواسط ” العامة الذين لايدركون الحقيقة ولايعلمون خفايا الأمور ” حسب رؤيتكم .

قد لايفهم الناس بالسياسة لكنهم حتماً يعلمون ويدركون أن الجماهير حين تثور فهي على حق ، وأن من يبيع قضاياها بمكاسب شخصية هو خائن ، وأن الإرتزاق خيانة ، وأن التبعية العمياء تورث الخسارة ، وأن السلاح مع الجهل كارثة ،وأن التنطع للرياسة يحتاج الدراية والحكمة لا التبعية والتملق .
وقد لايفهمون بالاقتصاد لكنهم يعلمون من هو التاجر الفاشل والتاجر الرابح يعلمون من يغشهم ويميزون بين من كانت تجارته لناسه ، وبين من كانت تجارته لنفسه ويعلمون من ترّبَح على دمائهم ومن باع مبادئه بحفنة من ثروة.

قد لايعرفون ميكافلليلي لكنهم يدركون أن الغاية النبيلة لاتحتاج وسيلة سيئة لتحقيقها .
وربما لم يسمعوا ب هوبز وجون لوك وهيجل وماركس وجان جاك روسو ،  لكنهم يدركون بفطرتهم حقائق التغيير ، وعلاقات الإنسان بالإنسان والإنسان بمبادئه وديانته .

قد لايكونون مختصين بالفيزياء لكنهم بدون شك يدركون بأن لكل فعل رد فعل وأن هناك توازن في القوى وفي هذا الكون وأن الماء ” لا الإنسان ” يأخذ شكل الإناء الذي يوضع فيه .

قد لايعرفون النسبية لكنهم يدركون قيمة الوقت ومايدور في فضاءهم ، ويعلمون أن سر الانجذاب للأشياء هو مركزيتها وقوة تموضعها وثقلها .

قد لايفهمون بالميكانيك لكنهم يدركون بأن سيارة المرسيدس والبيجو والفولفو والبي إم وغيرها أفضل من سيارات آسيا وداسيا وشام التي لم يصنع منها نظام الاسد سوى العجلات فيما تبنى تصنيعها .

قد لايفهمون بالشعر لكنهم يميزون الخبيث من الطيب يستسيغون شعر المتنبي وأيي تمام ويدركون أن الزائف من الشعر بضاعة فاسدة يسوقها البعض ليتكسبون مواقف ومرابح .


قد لايفهم الكثير منهم مفردات الإعلام وليسوا خريجي دور الصحافة ، لكنهم يدركون قطعاً طبيعة المحتوى الذي يمس مشاعرهم وقدسية قضاياهم ، ويدركون بأنه من الصعب بل من المستحيل أن يتحول القاتل إلى رمز والمجرم إلى حمامة سلام ، فلم يخلد التاريخ ” نيرون ” سوى أنه حارق روما ، في حين خلد روما مدينة السياسة والأدب .
فقط شيء واحد اتركوه لهؤلاء الناس اتركوا لهم رفاهة الإحتجاج دون سماع أصواتكم وتنظيراتكم .

شاهد أيضاً

عيشة كلاب

المعتز الخضر أوصلتُ ابنتي إلى المدرسة في الصباح الباكر و عُدتُ أدراجي في السيارة الجرمانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 2 =