أنس محمد
في أوج ثورة آذار (٢٠١١) كانت هناك أصوات تردد عبارة “إن تراجعت الثورة وعاد الثوار إلى منازلهم فلن تقوم قائمة لهذا الشعب أبداً وسيقوم النظام بتشديد القبضة الأمنية الدموية ومنع أي حراك مستقبلي ووأده في مهده كما فعل سابقاً .
فيما كانت أصوات أخرى تردد أن ما أحدثته ثورة آذار (٢٠١١) يمكن أن يكون أساساً ومنطلقاً لموجات وانتفاضات بل وحتى ثورات أخرى حتى تحقق أهدافها في بناء سوريا مابعد نظام الأسد .
وأمام المشهد العام المعروف الذي ألت إليه ثورة آذار (٢٠١١) حيث تم استدراج الثورة إلى أفعال صبت في عكس مصالحها وأهدافها، وتحولها إلى صدام عسكري غير متكافئ إذ تمت السيطرة على الثورة عسكرياً بفعل التدخل الروسي الإيراني العنيف من جهة وبفعل القبضة الأمنية الدموية من جهة أخرى؛ لكن شعلة الثورة لم تنطفئ في وجدان الشعب السوري ولم تستطع القبضة الأمنية الدموية إخمادها.
هذه الشعلة الذي كان نتيجة لاسباب كثيرة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وساهم التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي وسهولة تبادل المعلومة بانفجارها على عكس حراك الثمانينات وما تبعه من طمس معالمه وشعاراته وأحداثه و مآسيه…
ونتيجة لذلك ولدت في الآونة الأخيرة جذور حراك جديد تحت مسميات عديدة ( حركة آب_ حركة الضباط العلويين الأحرار _بالإضافة إلى بعض الأصوات المعارضة من الساحل ).
ثم ما لبثت هذه الأصوات أن تبلورت فبدأ الحديث عن حراك قريب في الساحل موجهة الأنظار إليه لكن الجنوب قلب التوقعات وقال كلمته مرة أخرى فحملت السويداء راية الاحتجاجات بشكل رئيسي و ساندتها جارتها درعا؛ فاتحد السهل مع الجبل في مشهد وطني مميز.
وشاهدنا بعض نقاط التظاهر في ريف دمشق وحلب وبعض الاعتقالات في الساحل كاعتقال الناشط “أيمن فارس” أثناء محاولته الوصول إلى السويداء؛ وغيره الكثيرين من أبناء الساحل وحمص وحماة وحلب وريف دمشق لكن الوضع ما زال مبكراً للحكم على بقية المناطق الخاضعة لسيطرة النظام؛ ومن الضروري الإشارة بأهمية تلك المناطق والمعروفة لدى النظام ب “سوريا المفيدة” فمن الصعب تقريباً على الأقل حتى كتابة هذا المقال قيام حراك شعبي فاعل فيها؛ لذلك حملت السويداء راية الحراك للأسبوع الثالث على التوالي مدعومة من توأمها وجارتها درعا؛ ولا أحد ينكر أن السويداء مرشحة بقوة لاستلام زمام أي حراك متوقع، فهي منذ عامين تقريباً تغلي بين مد وجزر مع النظام وخصوصاً تصادم الأخير مع “حركة رجال الكرامة”.
وبالعودة لانتفاضة آب فإن مساندة حوران(درعا) ل بني معروف (السويداء) أخذ طابع الاستمرار بثورة آذار (٢٠١١) بينما نرى حراك السويداء يحاول إيجاد مفهوم انتفاضة جديدة تجمع بين الأطراف السورية كافة تحت مطلب رئيسي هو اسقاط النظام فنرى متظاهري السويداء يقدمون علمهم (علم الطائفة وله دلالات رمزية ونفسية في قلوب أهل السويداء وقد تصدر جل ثوراتهم عبر التاريخ) على علم الثورة كما ابتكروا شعاراتهم الخاصة وأسلوبهم الخاص.
ومما لا شك فيه أن انتفاضة آب (٢٠٢٣) تختلف عن انتفاضة آذار (٢٠١١) التي تحولت إلى ثورة شاملة على كامل التراب السوري تقريباً ويمكن أن تكون انتفاضة آب نتيجة من نتائجها لكنها وبكل تأكيد ليست استمرار لها وعليه يجب التعامل مع الانتفاضة الحالية أو الحراك الحالي بنظرة مختلفة ويجب عدم تحميله إرث ثورة آذار (٢٠١١) الضخم؛ وبعد ثلاث أسابيع من بداية انتفاضة آب أو حراك السويداء فإن الأسابيع القادمة وحدها ستكون كفيلة بامتداد رقعة الحراك وتطوره أم انحصاره وانفراده في الجنوب فقط وهذا ما لا نتوقعه… ( وللحديث بقية ).
الوسومالثورة السورية السويداء درعا سوريا
شاهد أيضاً
يسار يمين يمين يسار أزمة النخب السورية التائهة
مقال رأي فراس علاوي تعيش كثير من شخصيات اليسار السوري وشخصيات ذات مرجعيات ايديولوجية دينية …