الشرق نيوز
مقال راي
هناء درويش
إن إسقاط الأنظمة الدكتاتورية من خلال التظاهرات المدنية يتطلب تنسيقاً وجهداَ كبيراً . كما يتطلب الكثير من التنظيم والتخطيط كتنظيم التجمعات السلمية وتحديد الأهداف الواضحة لهذا الحراك
والعمل على التنسيق والتواصل مع مجموعات وأفراد فاعلين ولديهم تجربة بهذا المجال وذلك لزيادة تأثير الحراك وفاعليته على الأرض ، اي بالمحصلة يحتاج لقوة إجتماعية تقود الحراك تشكل نخبة قائدة له ٠
كما أن الاستخدام الفعال والمنظم والمحسوب لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في الحشد لهذا الحراك ولزيادة عدد المشاركين في مظاهراته ٠
ومع كل ذلك يجب ألا يغفل منظمو الحراك عن الجانب الاقتصادي خاصة وأن للحراك أساس اقتصادي مبني على حالة التجويع والإذلال الذي أنتهجهتا الأنظمة الدكتاتورية عامة و النظام الأسدي خاصة ضد أهلنا في مناطق سيطرته ٠
ومن هنا كان لاستخدام الحركات المدنية للمقاطعة الاقتصادية ضغط وتأثير كبيرين على النظام
وبالحديث عن حراك أهلنا في السويداء والجنوب السوري يطرق أذهان الكثيرين بعض التساؤلات منها
أولًا لماذا السويداء دوناً عن غيرها من المحافظات
وللإجابة على هذا السؤال علينا أن نفهم أولاً طبيعة وخاصية السويداء المكانية والبشرية كونها شبه مستقلة إجتماعيا وادارياً عن النظام فالسويداء استطاعت أن تبني بنية اجتماعية متماسكة خاصة بها بعيداً عن النظام وهذا الأمر سمح لها بالحركة الموحدة وهذا ما لانجده في الكثير من المحافظات السورية التي انقسمت بين معارض ومؤيد وهذا ما أضعف الحراك الثوري في العديد منها.
هنا قد يقول قائل أن خطاب شيوخ العقل فيها ليس بنفس السوية فخطاب شيخ العقل الهجري كان خطاباً متوازناً فيه المعاني والدلالات والأفكار الوطنية
بينما كان حديث الجربوع أكثر مهادنة وأقرب للتهدئة وللنظام ،
لكن بالعودة لترتيب شيوخ العقل نجد أن الهجري هو بالترتيب الأعلى من الجربوع والحناوي وهو بذلك يعبر عن السويداء ويمثل توجهها أكثر من سواه.
ثانياً قد يسأل البعض ألا يخشى شيخ العقل الهجري وسواه الاغتيال كما حدث مع الشيخ البلعوس في بداية الحراك الثوري!
لا أحد يستطيع أن يجزم بعدم قيام النظام باغتيال الهجري وذلك انطلاقاً من التاريخ الاجرامي لهذا النظام
إلا أنه من المستبعد في هذه الآونة أن يقوم بذلك فهذا التصرف سيؤدي إلى حالة من الاصطفاف والتوحد بين المؤيدين والمعارضين ضد هذا النظام كون أن الهجري له مكانة كبيرة تفوق مكانة البلعوس /دينياً /عند أهل السويداء.
ثالثاً هل يمكن أن يتخلى بشار الأسد عن السويداء بشكلٍ نهائي ؟
من الممكن أن يهملها بشكل كبير يفوق اهماله لها في المراحل السابقة من خلال علاقة الدولة بالمحافظة
ومن المؤكد أنه سيعمد إلى إثارة حالات الفوضى والشغب والثارات بين مكوناتها مما يؤدي إلى إشغالها بنفسها واضعاف الروح الجماعية والقضاء على الحراك ٠
رابعاً هل يمكن التعامل مع اللامركزية في الوضع السوري الراهن خاصة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي؟
إن اللامركزية في الوقت الراهن هي سلاح ذو حدين فمن جهةٍ أنها تصب في مصلحة النظام وتخدمه بشكل كبير حيث تعطيه ذريعة قوية للاهتمام بمناطقه خاصة الساحلية ودعمها فقط اقتصادياً بسبب عجزه الاقتصادي واهمال بقية المحافظات متذرعاً بأنها مناطق حكم لامركزية ومن جانب آخر فإن النظام يخشاها لأنها تنفي ادعائه بسيطرته على كامل الأراضي السورية ويهيئ الظروف لخروجها مجدداً عن سيطرته ٠
إن أبرز ما يميز الحراك الشعبي في السويداء هذه المرحلة كونه أكثر زخماً عما سبقه من حراك فيها، وأوسع نطاقاً مع عدم وجود من يعارضه من بين أبناء السويداء والأهم من كل ذلك هو ارتفاع سقف المطالب فيه متمثلة بالمطالبة باسقاط النظام على العلن ودون اي خوف من اغتيال أو اعتقال
وعلينا جميعاً أن نسعى لدعم هذا الحراك الشعبي ٠
وذلك من خلال العمل على جذب دعم من قطاعات داخلية مهمة لإظهار وحدة المطالب وأهميتها وكونها حق لهذا الشعب المنكوب ٠
والعمل على حشد الجهود ودعوة العالم أجمع
من خلال جلب انتباه منظمات دولية لمراقبة الوضع والتدخل في حالة الضرورة حفاظاً على حياة وسلامة أهلنا في السويداء ودعما لصمودهم واستمراريتهم ٠
فقد تستغرق هذه الجهود وقتًا طويلاً. والصمود والاستمرارية عاملان هامان لخلق تغيير حقيقي في الواقع قد يصل بهذا الحراك إلى تحقيق أهداف ثورة 2011 باسقاط النظام السوري المجرم في حال تحققت الاسباب الموجبة والمؤيدة لذلك من دعم داخلي و إقليمي ودولي ٠