بشار الأسد لمواليه اذهبوا للجميع
فراس علاوي
بدا بشار الأسد في لقائه مع قناة سكاي نيوز أكثر وضوحاً من لقاءاته السابقة , على الرغم من الرسائل الخارجية التي حاول توجيهها للدول العربية وتبيان خيبة أمله مما كان متوقعاً من عودته للجامعة العربية , والتي وإن حقق منها مكسب سياسي تجلى في ارتفاع حدة خطابه السياسي اتجاه الأطراف الأخرى وتسويق فرضية انتصاره السياسي , فإنه لم يحقق خرقاً على مستوى الملفات الأخرى وأهمها الوساطة التي كان يطلبها لتخفيف حدة العقوبات الأمريكية والغربية عن النظام أو الحصول على دعم اقتصادي واضح , لم يتطرق بشار الأسد للأوضاع الداخلية كأي /رئيس دولة / يحاول انقاذ ماتبقى من دولته , وإنما كرر ماقاله سابقاً من تهم وجهها للدول العربية والاقليمية والغربية , كما أن إعلانه فشل المبادرة العربية وتحميل مايجري في سوريا الآن للدول العربية من خلال مهاجمتها بشكل مباشر , كذلك هجومه المكرر على تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وتحميلها مسؤولية الفشل الذي وصلت له /الدولة السورية / , كل ذلك كان متوقعاً كونه الاستراتيجية التي بني عليها خطاب السلطة في سوريا منذ العام 2011.
لم يعترف بشار الأسد بالممارسات القمعية التي قامت بها سلطته وفروعه الأمنية من قصف للمدن وتدمير للبنى التحتية وقتل للمدنيين وهذه أيضاً ضمن سياسة الانكار التي يتبعها ونظامه منذ العام 2011 .
إذن مالجديد في لقاء بشار الأسد
الجديد هو اعتراف بشار الأسد بعدم وجود بنية تحتية في مناطق سيطرة نظامه وعدم القدرة على إعادة الإعماروإعادة اللاجئين , وبالتالي على الحاضنة أن تتحمل ذلك وكأنه يقول لهم اذهبوا للجحيم , بالمقابل فإنه بدا غير آبه بما يعاني منه المواطن البسيط والذي ليس بالضرورة أن يكون مؤيداً للنظام لكنه يتواجد في تلك البقعة الجغرافية .
حديث بشار الأسد يؤسس لمرحلة جديدة يعتمد فيها على المقربين منه بشكل خاص وذلك بعد قطع جميع الحبال وإغلاق الأبواب نصف المفتوحة اتجاهه , وبالتالي وضع جميع البيض في السلة الإيرانية والتي يبدو أنها غير مستقرة هي الأخرى , لأسباب كثيرة تتعلق بالتطورات الدولية والاقليمية .
لم يتحدث بشار الأسد بصفته /رئيساً / وإنما بصفته قائداً لمليشيا فلم يذكر استراتيجيات للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تعيشه البلاد , بل بدا بحالة انكار وانفصال عن الواقع بمايتعلق بملايين المعارضين واللاجئين وطوابير المواطنين في مناطق سيطرته سواء على مكاتب السفر واستخراج جوازات السفر أو على الخبز ومقومات الحياة الأساسية .
بدا بشار متخوفاً من تغيرات في البنية الاجتماعية الداعمة له لذلك لم يذكر مصطلحاته التي دأب على تكرارها كسوريا المفيدة أو الشعب السوري المنتصر , يؤكد ذلك على تخوفه من تململ محتمل لحاضنته , وهذا ماحملته تسريبات حول حراكات اجتماعية بدأت تأخذ طريقها للظهور سواء في الساحل السوري كحركة 10 آب أو الحديث عن حراكات جديدة خلال الأيام أو الأسابيع القادمة.
التسريبات ذاتها تحدثت عن عودة النظام للاعتماد على المليشيات المحلية الأكثر قرباً من الدائرة الضيقة لبشار الأسد خاصة في منطقة نفوذه في الساحل السوري , وهذا يفسر ظهور أكثر من شخص مقرب منها على السوشال ميديا متوعداً المعترضين على الأوضاع السيئة كما فعل وسيم الأسد ابن عم بشار الأسد .
حين ظهر مهدداً بصورة مبطنة كل من يفكر بالاعتراض على مايحدث مايعني اطلاق يد هذه المليشيات ضمن حواضن النظام , يخشى النظام من حاضنته التي قاسمته المكاسب التي حصل عليها خلال عقود من أن تتخلى عنه في حال ذهبت الأوضاع باتجاه لاترغبه , زاد من هذا التوتر الحديث عن عملية عسكرية أمريكية محتملة في المنطقة ضد إيران وحلفائها والتي قد تكون ساحتها الأرض السورية , كذلك نشاط خلايا تنظيم الدولة مؤخراً ضمن عمليات التصعيد على الأرض , وكذلك ظهور عدد من الضباط المنتمين للطائفة / العلوية / وإعلانهم التبرؤ من أفعال النظام , كل ذلك عزز فرضية خوف النظام وهو مايبررماتم الحديث عنه من زيارة مطولة قام بها بشار الاسد للساحل السوري ولقائه مع عدد من شيوخ ووجهاء الطائفة والحلقة الضيقة للطائفة , وتقديم وعود لهم بحسم مايحدث في الساحل من جهة , وانتشار مليشيات محلية تم ابعادها منذ أشهر لكنها عادت لتظهر مجدداً في الشارع كدليل على الارتباك وعدم الثقة , بشار الاسد وحسب مانقل عنه قوله بأن الحرائق بالساحل سوف تتوقف في حال استقرار الأوضاع مما يدل على أنها حوادث مفتعلة .
التعويل على حراك واسع هو أمر مستبعد لكن ارتباك النظام بدا واضحاً خاصة مع تراجع صرف الليرة السورية أمام الدولار بشكل كبير وفشل التدخل الايراني وتوالي التسريبات عن الديون الايرانية لسوريا وكيفية تحصيلها .
لكن المقلق هو وصول سعر صرف الدولار مايعادل 15 الف ليرة للدولار الواحد ما ينذر بتفكك مؤسسات الدولة وتحول سوريا لدولة فاشلة وبالتالي لن تنفع معها الحلول الاسعافية التي يقوم بها النظام .
أمر أخر يقلق النظام وهو مايحدث في لبنان خاصرة سوريا الرخوة ورئة النظام التي يتنفس منها بسبب العقوبات واحتمال التصعيد فيه , وبالتالي ازدياد الضغط على النظام .
لذلك فقد نرى عودة النظام مجدداً للحلقة الأضيق من دائرة حلفائه بصورة أكثر وضوحاً تاركاً مواليه قائلاً/ لهم دبروا أنفسكم أو اذهبوا للجحيم /