الخميس , نوفمبر 21 2024
الرئيسية / مقال / بين المماطلة والتيار الثالث موسكو تبدأ خطوات الحل السياسي في سوريا

بين المماطلة والتيار الثالث موسكو تبدأ خطوات الحل السياسي في سوريا

بين المماطلة والتيار الثالث موسكو تبدأ خطوات الحل السياسي في سوريا
فراس علاوي
مقال رأي
كيف ستتفادى موسكو التهديدات الغربية بعد قضية تسميم المعارض الروسي نافالي؟
هل تعمل موسكو على تغيير استراتيجيتها في سوريا؟
هل تعمل موسكو على تجهيز تيار ثالث يضمن مصالحها؟
ماهي أهداف زيارة لافروف لدمشق؟

لم يكن ينقص موسكو سوى اتهامها بتسميم أحد أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين /نافالي/، حتى تتم أركان الذرائع الغربية بتطبيق عقوبات جديدة عليها.

موسكو التي تخوض صراعاً مع القوى الغربية على أكثر من جبهة، بداية من أوكرانيا مروراً بسوريا وإنتهاء ببيتها الداخلي، تحتاج لخطوات سريعة واستراتيجية خروج من الأزمة التي قد تصيبها نتيجة العقوبات التي يهددها الغرب بها ، في ظل السباق الذي يخوضه الغرب قبيل الانتخابات الأمريكية نهاية العام الحالي.

وبإجراء تفاضل بسيط حول الجبهة الأقل تأثيراً على السلطة في موسكو، يملك الروس القدرة الأكبر على المناورة في سوريا وبالتالي تغيير استراتيجيتها المتبعة فيها.

حقيقة الأمر أن ماتعمل عليه موسكو هو ذاته الذي رسمته كاستراتيجية تدخل لها في سوريا منذ العام 201‪5، والتي كانت تقوم على عاملين أساسيين عسكري وسياسي .

فإذا كان هدف التدخل الروسي في سوريا هو العودة الروسية إلى مسرح الأحداث الدولية وإظهار نفسها كقطب آخر ورقم صعب في موازنة العلاقات الدولية، فإن أدواتها التي استخدمتها لإبقاء نظام الأسد أطول فترة ممكنة اعتمدت على الاستراتيجية الروسية القائمة على
أولاً
إبقاء نظام الأسد والحفاظ عليه كونه يعطي شرعية للتواجد الروسي في سوريا، لذلك كان لابد من التدخل العسكري لإعادة سيطرة النظام السوري على الجغرافيا السورية وإنقاذه من السقوط، وهو ماحصل بالفعل عبر الدعم العسكري اللامحدود لنظام الأسد وتكوين تحالفات عسكرية وسياسية داعمة له، وخلال السنوات الخمس الماضية من عمر التدخل الروسي استطاع الروس إعادة السيطرة لنظام الأسد، وبذات الوقت تأمين هذه السيطرة عبر اتفاقات ثلاثي آستانا وبالتالي تثبيت الحل العسكري الذي سعت إليه روسيا في سوريا، والذي كان آخر مراحله الاتفاق الروسي التركي الذي حدد خطوط الاتفاق بين الطرفين في إدلب وأريافها.
ثانياً
وبعد تحقيق الحل العسكري كان لابد من الانتقال لتحقيق الرؤية الروسية للحل السياسي، لكن العقبات التي ستعترض هذه الخطوة أكبر بكثير من تلك التي اعترضت الخطوة الأولى، ففي حين كان من مصلحة الجميع وقف العنف في سوريا بأي طريقة ممكنة وترك العالم هذه الخطوة للروس من خلال خفض التصعيد ومن ثم تجميد خطوط الاشتباك وصولاً لفضه.
فإن الحل السياسي يعني تقاسم الكعكة السورية ومرابح إعادة الإعمار ومكاسب الحل السياسي فيها، لذلك فإن هناك عقبات ستضعها هذه الدول في وجه الخطة الروسية التي تقتضي تعويم نظام الأسد والحفاظ على مرتكزاته الأساسية / قد لايُعتبر شخص بشار الأسد أحد هذه المرتكزات في مرحلة لاحقة /، إذ لايقبل الأمريكان ولا الأوربيون ولا حتى شركاء روسيا في سوريا/تركيا وإيران / باستفرادها بالحل السياسي، مما يفرض عليها إن أرادت فرض رؤيتها للحل أن تُقدِم على تقديم تنازلات قد يبدو بعضها موجعاً.
يراهن الروس على نتائج الانتخابات الأمريكية وماستسفر عنه، إذ أن أي تغيير في الاستراتيجية والسياسة الأمريكية يعطي الروس فسحة من الوقت لتغيير سياساتهم في المنطقة.
الضغط الذي تمارسه الدول الغربية على موسكو والذي ربما سيزداد بصورة متواترة بعد قضية تسميم المعارض الروسي، قد يدفع روسيا لتقديم تنازلات، تريدها الولايات المتحدة وأوربا قبل الانتخابات الامريكية، إذ يبدو عامل الوقت هنا ذا أهمية كبرى للطرفين وسيكسب من يجيد اللعب عليه بصورة أفضل.
من هنا يأتي الاعتقاد بأن موسكو بدأت فعلاً بخطوات الحل السياسي، وقد تبدو عودة وزير خارجيتها سيرغي لافروف بعد سنوات من غيابه عن دمشق في زيارة أُعلن عنها مؤخراً دليلاً آخر على أن الروس بدأوا خطواتهم الفعلية من دمشق، وهنا يبرز احتمالان
الأول أن يقدم الروس تنازلات من أجل كسب الوقت وعدم الدخول في بوابة الانتظار، وهذا يعني أن روسيا ستدعم حلاً وسطاً، بين عملها على الإبقاء على النظام وبين الرغبة الغربية في الانتقال السياسي، وذلك عبر تجهيز تيار ثالث يقع في المنطقة الرمادية مابين تشددالنظام ومطالب المعارضة والشارع السوري /الثائر /، هذا التيار ينطبق بصورة او بأخرى على منصة موسكو والتي يعتبر حزب الإرادة الشعبية الذي يرأسه قدري جميل حاملاً سياسياً لها، إذ تقع مطالب الحزب والمنصة ضمن هذه المنطقة من حيث عدم مطالبتها باسقاط النظام بالشكل الذي تريده المعارضة، والدعوة لتغيير النظام بالشكل الذي يريده الغرب، عبر تغيير سلوك النظام لابنيته الأساسية، من هذا المنطلق عملت موسكو على تدعيم منصتها عبر رعايتها لاتفاق بين /مجلس سوريا الديموقراطي / مسد وحزب الإرادة الشعبية وبدعم وغطاء سياسي من موسكو، مما يؤشر على أنها بالفعل تعمل على دعم هذا التيار وبشكل قد تعتبره ركيزة لحلها السياسي المرتقب، لعل العائق الوحيد الذي قد يعترض هذا الحل هو رفض أنقرة لأي تواجد لمسد /مجلس سوريا الديموقراطي الممثل السياسي لقوات سوريا الديموقراطية والتي تعتبرها أنقرة إرهابية /في أجسام المعارضة أو في شكل الحل المقبل، الأمر الذي يستدعي حواراً روسياَ تركياً قد تدفع من خلاله روسيا /قسد / لتقديم تنازلات وضمانات لتركيا، كما تقدم موسكو ضمانات لأنقرة في مستقبل الحل، ولعل رغبة أطراف أستانا بإيجاد حل بعيداً عن الرقابة والعين الأمريكية قد يسهل كثيراً التوصل لمثل هكذا توافقات، فيما يبدو بأن إيران لاتمانع مثل هكذا حل يبقي على بنية النظام وعلى مصالحها في سوريا، هذا الخيار والذي قد تعتبره موسكو تنازلاً من طرفها سيدفع الأطراف الأوربية لمراجعة مواقفها من حيث شكل الحل السياسي، مع تمسكها بدورها في إعادة الإعمار وقد يدفع دول عربية للقبول بمثل هكذا حل.
الثاني
هو أن يناور الروس ويلعبون على الوقت بانتظار ماستسفر عنه الانتخابات الأمريكية، وهو مايعني أن الوضع السوري سيدخل مرحلة الجمود حتى الصيف القادم، الأمر الذي سيترافق مع الانتخابات التي سيجريها نظام الأسد منتصف العام 202‪1، والتي ربما ستكون أحد المسائل التي سيبحثها لافروف مع بشار الأسد خلال زيارته لدمشق.

شاهد أيضاً

ملعب ديرالزور وصورة الخراب، عن كذبة الأمل بالعمل

ملعب ديرالزور وصورة الخراب  عن كذبة الأمل بالعمل فراس علاوي تمثل هذه الصورة فعلياً مايقوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × واحد =