العقوبات الدولية هل تؤدي لتغيير في نظام الأسد؟
هناء درويش
هل تؤدي العقوبات الدولية لتغيير الأنظمة؟
على مر التاريخ لم نسمع بنظام دكتاتوري سقط أو تم تغييره بسبب عقوبات دولية اقتصادية أو تجارية مهما كان شكلها وصفتها، هي وإن كانت مساهمة في ذلك لكنها لم تكن يوماً سبباً رئيساً في ذلك والأمثلة كثيرة في كوبا وفنزويلا وإيران وغيرها من الأنظمة التي تعاني منذ سنوات من العقوبات والحصار ولم تسقط أنظمتها، فالأنظمة الدكتاتورية تُحصن نفسها ضد هذه العقوبات من خلال منظومة الفساد التي تديرها في بلادها من أجل أن تجمع السلطة بين يديها أكبر قدر من القوة والمال والسيطرة، لذلك فإن نظام الأسد وهو أحد هذه الأنظمة بل ربما الأكثرها فساداً وقدرة على التعامل مع العقوبات وتحويلها إلى عقوبات على حاضنته بدلاً من السلطة ذاتها ، لم يتأثر بشكل مباشر بالعقوبات التي تفرض عليه من الدول الغربية، خاصة القوانين الخاصة بالعقوبات مثل قانون قيصر وقانون الكبتاغون إنما من تأثر هو المواطن العادي سواء كان من حاضنة النظام أو ممن يعارضونه لكن الفرصة لم تسنح لهم بالخروج من سوريا ، فهو دائماً يُوجِد بدائل لذلك من خلال استغلال حتى الحاضنة الاجتماعية التي تدعمه وبالتالي يستطيع البقاء على قيد الحياة، المخدرات والكبتاغون هي بدائل لدعم شبكات النظام الاقتصادية والسياسية والأمنية ويشرف عليها أبرز قادة النظام وحلفائه .
هذه العقوبات تبقى فاشلة بتاثيرها على السلطة رغم أنها تؤثر باقتصادها وبحاضنتها لكنها لاتؤثر بها بشكل مباشر.
لذلك فإن التعويل يكون على تململ تلك الحاضنة وتحركها ورفضها لما يحدث وذلك بعد إنهاكها والضغط عليها اقتصادياً ، فهل تراهن الدول التي تعاقب نظام الأسد على تململ حاضنته؟ .
هل تدرك تلك الدول كيف يحكم النظام حاضنته وكيف يتحكم بها؟
لعل المراهنة على تحرك الحاضنة هي مراهنة قاصرة لاتتفهم طبيعة العلاقة بين النظام وحاضنته والقائمة على الحماية المتبادلة بين السلطة وحاضنتها، ويأتي ذلك من خلال زرع النظام فكرة أن زواله يعني زوالها وأن بقائه متمتعاً بالقوة هو الضمان الوحيد لبقائها، وهذا مايفسر عدم تحركها رغم ماتعانيه من إنعكاسات سلبية للعقوبات عليها ، وخسائرها خلال سنوات الصراع الذي فرضه النظام عليها وكانت وقوده دون اعتراض.
لذلك التعويل على حراكها هو رهان خاسر وقاصر مالم يتم من خلال دعمها خارجياً وهذا غير ممكن في ظل انقسام دولي تسبب بعدم دعم الأكثرية الثائرة ضد النظام فكيف بأقلية تشكل أساساً خزان بشري لقوات النظام، والحديث هنا عن داعمي مايسمى بالميليشيات المحلية كالدفاع الوطني وغيرها من مليشيات ساندت النظام عسكرياً وأمنياً .
الحراك الاجتماعي يجب أن يأتي عن قناعة وإدراك لأحقية هذه الفئات بالتخلص ممن تسبب بماتعانيه.
لذلك عليها أن تعالج السبب لا أن تبرر له.
ومع ذلك فإن الأنظمة الاستبدادية تتخوف من أي تغير في تركيبة حاضنتها ومن الانقلاب عليها، في حال تفككت هذه الحاضنة بفعل الانهيار الاقتصادي المتوقع، وبالتالي قد يبدأ هذا التفكك بالصراع بين المتنفذين في السلطة على مكتسباتها والهروب من خسائرها، ومن ثم انقسام الحاضنة إلى ولاءات تابعة لمراكز القوى داخل السلطة، مما يعني انقسام داخل هرم السلطة نفسه.
لهذا السبب زار رأس النظام بشار الأسد، محافظتي اللاذقية وطرطوس، من أجل محاولة طمأنة الحواضن من جهة ومحاولة تهديدها بوجود / الدولة / كقوة مؤثرة رغم ضعفها في المنطقة.
فهل يخشى النظام من حاضنته ؟ ، أم أنه مطمئن إليها، تجارب التاريخ مع نظام الأسد تقول بأن الحاضنة ستذهب بعيداً في دعم النظام رغم الخسائر التي تلحق وستلحق بها والسبب في ذلك، أن النظام اقنعها بأن مصيرها مرتبط بمصيره وأن ماحصلته من مكاسب سببه بقاء النظام وقوته وزوال النظام يعني اضمحلالها وزوالها من المشهد.
الوسومالاقتصاد العقوبات الدولية سوريا نظام الأسد
شاهد أيضاً
عيشة كلاب
المعتز الخضر أوصلتُ ابنتي إلى المدرسة في الصباح الباكر و عُدتُ أدراجي في السيارة الجرمانية …