السبت , أبريل 27 2024
الرئيسية / مقال / إعلان وفاة محور آستانا فماهو البديل؟

إعلان وفاة محور آستانا فماهو البديل؟

إعلان وفاة محور آستانا فماهو البديل ؟

فراس علاوي

عشرون جولة وستة أعوام احتاجتها القوى الضامنة لمحادثات آستانا حول الملف السوري , لتقتنع بأن لاجدوى من المفاوضات غير المنتجة والتي أصرت الاطراف المشاركة على المضي بها رغم عدم احرازها أي تقدم يذكر .

في نهاية الجولة العشرين والتي عقدت في العاصمة الكازاخية آستانا أعلن نائب وزير الخارجية الكازاخي كانات توميش  أن الاجتماع حول سوريا سيكون الأخير ي صيغة آستانا .

وعلى الرغم من التصريحات الروسية على لسان معاون وزير الخارجية ميخائيل بغدانوف بأن تصريح الخارجية الكازاخية كان مفاجئاً لهم , إلا أنه من الواضح أن مسار آستانا قد تم اغلاقه وأن مساراً جديداً طور التشكل, في ظل تغير المعطيات والعلاقات الدولية خاصة العربية منها والاقليمية مع النظام السوري , والتي شهدت عودة العلاقات الدبلوماسية لعدد من الدول العربية مع النظام السوري وإعادته للجامعة العربية وفي ظل خارطة طريق للتقارب التركي مع النظام السوري , تم دعمها في الاجتماع الرباعي في آستانا والذي ضم نواب وزراء الخارجية الروسي والتركي والايراني والنظام السوري .

بداية ماذا أنتج مسار آستانا خلال الأعوام السابقة وعشرون جولة مفاوضات ؟

لعل وصف مسار آستانا بالفاشل من قبل الشارع السوري هو توصيف وتعبير دقيق , إذ لم يقدم المسار خلال عشرون جولة أي نتيجة أو تطور إيجابي للقضية السورية بل على العكس من ذلك فقد كان له إنعكاس سلبي واضح على الملف السوري فقد ساهم في :

1-تفتيت المعارضة السورية المفتتة أساساً , وتفكيك بعض التفاهمات البسيطة التي كانت تجمعها , وذلك من خلال اختلاف المواقف من المشاركة بالمسار في بدايته عام 2017

2-تجميد الفصائل العسكرية من خلال ماسمي مناطق خفض التصعيد , وإعلان انتهاء الحل العسكري بموافقة قادة بعض الفصائل العسكرية والتي تحولت لفصائل تابعة للمسار .

3-إطلاق مرحلة تعويم النظام من خلال قبول مشاركته في المباحثات .

4-تسليم مناطق واسعة للنظام من خلال اتفاقيات تجميد الجبهات وتبريدها

5-اجتراح مسار جديد خارج التوافقات الأممية مما أثرعلى التقدم بالمسار الأممي في جنيف .

6-القفز على تراتبية القرار 2254 والذهاب إلى مسارات منفردة كمسار اللجنة الدستورية وبالتالي انتهاء الحديث عن هيئة الحكم الانتقالية .

7-تبني الرؤية والتفسير الروسي للحل وللقرار 2254 وشرعنة الوجود الروسي والتي تقضي بالذهاب لدستور وانتخابات .

8-المساهمة بتحويل الصراع من صراع مع النظام السوري إلى صراع داخلي بين قوى الأمر الواقع .

9-تهميش قضية المعتقلين وتحويلها إلى قضايا تبادل سجناء جزئية قبل أي جولة .

وبالتالي فإن مسار آستانا عمل على تصفية القضية السورية وتحويلها إلى مفاوضات من أجل تحقيق مصالح الدول المتداخلة حتى لو كانت على حساب القضية السورية ذاتها , ويظهر ذلك جلياً في البيانات الختامية لجميع الجولات والتي تشبه بعضها حد التطابق مما يؤكد عدم إحراز أي تقدم باستثناء التنازلات التي قدمتها المعارضة بشقيها السياسي والعسكري .

إذن ماهو البديل المتوقع لمسار آستانا وماهي المدن المرشحة لاستقبال المسار الجديد ؟

لايبدو حتى اللحظة أن شكلاً واضحاً لمسار جديد قد بدأ بالتشكل , إلا أنه من المؤكد وبعد التطورات التي لحقت بالملف السوري بما يتعلق بتعويم النظام السوري وإعادة العلاقات مع كثير من الدول , بأن مساراً أكثر مشاركة وأوسع حضوراً قد يظهر للعلن , يدلل على ذلك النقاشات حول نقل مفاوضات اللجنة الدستورية من جنيف إلى عاصمة عربية وبموافقة جميع الاطراف المشاركة والراعية , والظهور المفاجئ لمنصات سياسية جديدة تحاول احتكار العمل المدني , خارطة الطريق التي يتم الحديث عنها للتقارب التركي مع نظام الأسد , الاندفاعة العربية نحو دمشق ومحاولات تعويم النظام السوري عربياً وإقليمياً .

من خلال المعطيات السابقة يبدو بأن البديل المتوقع هو بديل دستوري يترافق مع تشكيل سياسي جديد كتيار ثالث بين النظام والمعارضة ليكون جزءاً من الحل المفترض وفق التفسيرات المختلفة للقرار 2254 .

إذن سيتم دمج المسار الدستوري مع مسار آستانا التفاوضي لينتج مسار واحد يرسم شكل الحل المتوقع من الدول الراعية , يبدو هذا الكلام منطقياً في ظل تراجع الدور والاهتمام الامريكي بالمنطقة وبالتالي قد يصبح منتج هذا المسار أمراً واقعاً ضمن سياسة الخطوة مقابل خطوة التي يروج لها المبعوث الدولي غير بيدرسون والتي تحظى بقبول دولي وأممي .

ماهي المسارات المتوقعة والدول المرشحة لاستضافة المسار الجديد ؟

المسار المتوقع هو مفاوضات مباشرة بين النظام والجزء المشكل من المعارضة برعاية إقليمية وعربية وبتوافق روسي وربما إيراني ولعل جولة وزير الخارجية الايراني في الخليج العربي هي لدعم هذا المسار ومناقشة مخرجاته .

أما الدول المتوقعة فتتراوح بين مسقط وهي الأكثر توقعاً وقبولاً بين الاطراف جميعها , وابوظبي والتي قد تشهد تحفظاً من قبل بعض أطراف المعارضة , واسطنبول والتي قد تشهد تحفظاً من قبل النظام السوري , مع استبعاد الرياض والدوحة , يصبح خيار القاهرة مطروحاً أيضاً باعتبارها تستضيف مقر الجامعة العربية .

وبالتالي فإن الملف السوري لايزال مرهوناً بتوافقات دولية وإقليمية يبدو أنها ليست بالقريبة في ظل الانشغال بملفات دولية أكثر ضرورة بالنسبة للدول الكبرى كالحرب الاوكرانية والصراع مع الصين والملف النووي الايراني .

كذلك فإن الدول الاقليمية والعربية تستعجل التحرك في المسارات المفتوحة والمسموح الحراك فيها استباقاً لمرحلة الجمود التي تسبق الانتخابات الامريكية والتي قد تخلط الاوراق في حال تأخر أي مسار يتم تشكيله في المنطقة عن الانطلاق .

 

 

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × خمسة =