الشرق نيوز
رفض رئيس هيئة المفاوضات نصر الحريري في رسالة وجهها لأعضاء الهيئة ترك منصبه في رئاسة الهيئة ، ورفض الحريري إجراء إنتخابات داخلها لانتخاب رئيس جديد لها بعد التمديد الأخير له لمدة ثلاثة أشهر بالرغم من أن فترة التمديد إنتهت منذ مايقرب الشهرين
وجاء في رسالة الحريري
الزملاء والزميلات الأكارم في هيئة التفاوض السورية .
تحية طيبة وبعد …
أذكر نفسي وأذكركم أن قدرنا وضعنا في هذا المكان لنمثل أعظم ثورة لشعب أقل ما يقال فيه أنه عظيم تعاطفت مع مطالبه الكثير من شعوب وحكومات العالم ناضل في سبيل حريته وكرامته على مدى عقد من الزمن ولا يزال وقدم في سبيلهما كل غال ونفيس يعبر عن ذلك أكثر من مليون شهيد قضى وارتقى وروت دماؤهم ثرى هذا الوطن وملايين المهجرين واللاجئين اضطرتهم طائرات النظام وبراميله أن يركبوا المصاعب والبحار بحثا عن ملاذ آمن ومئات الألاف من المعتقلين المظلومين المعذبين منهم من مات تحت تعذيب لا يمكن أن يتصوره إنسان ومنهم من يعيش الموت يوميا مرات ومرات ويتمنى الموت ولا يموت وآلاف الحرائر المغتصبات المقهورات اللاتي لم تنفعهن دموعهن في استرحام قلوب جبلت على الوحشية ولا تعرف الرحمة .
اذا كان قدرنا أن نكون مشردين موزعين في أصقاع العالم تحرم علينا أرضنا وديارنا ولا نكون قادرين أن نتواجد فيها ونمارس واجبنا الوطني في الدفاع عن حقوق شعبنا فهذا نقبله ونتعايش معه مؤقتا ونسعى إلى العودة العزيزة الكريمة لنا ولأبناء شعبنا بأسرع وقت ممكن من خلال سعينا الحثيث لوضع حد لهذه الكارثة الإنسانية ووقف المعاناة المستمرة لشعبنا من خلال تنفيذ المهمة التي فوضنا بها لأجل الوصول إلى الحل السياسي المبني على أساس شرعية المطالب التي خرج من أجلها الشعب السوري وأيدتها المرجعيات الدولية مثل بيان جنيف وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ .
واذا كانت طبيعة الظروف والأزمة التي نعيشها وموقعنا الجغرافي ومحيطنا العربي الإقليمي وتوازنات المصالح والقوى الوطنية والإقليمية والدولية تجعل من اللازم علينا أن نكون بحاجة إلى مساعدة القريب والبعيد والشقيق والصديق فلا حرج وهذا مطلوب من أجل الاضطلاع بالعبء الكبير الموجود على كاهلنا ونعمل به بكل فخر في السعي الى توطيد أمتن العلاقات مع عالمنا العربي ومحيطنا الإقليمي المبنية على اساس المصلحة المشتركة والهواجس المشتركة في علاقة شراكة وتحالف وتفاهم تؤسس لشراكة استراتيجية يحكمها الماضي والحاضر والمستقبل .
لنستذكر أن شعبنا العظيم قام بثورته وأسماها ثورة الكرامة وهذا لم يكن عفويا ولا اعتباطيا بل هي حقيقة ثورة الكرامة ولم تكن يوما ثورة جوع أو عطش وما كان شعبنا ليدفع بحرا من الدماء والجراح والعذاب والمعاناة الا من أجل الحفاظ على هذه القيمة الإنسانية العليا والمقدسة والتي لا يجوز للاحقون من أبناء شعبنا التفريط بما قدمه الأولون من أجل تحقيق هذه الغاية النبيلة .
لقد عملنا في هيئة التفاوض السورية ما استطعنا في سبيل صون كرامة ثورة الكرامة والسعي لتحقيق أهداف شعبنا الأصيل والحفاظ على أمتن العلاقات مع الدول العربية بما فيها تلك التي ربما لا تقف إلى جانب ثورتنا والدول الإقليمية وباقي الفاعلين في الأسرة الدولية و حماية وصون قرارنا الوطني واستقلاليته وعدم السماح لأحد بالتدخل فيه أو فرض وصايته وفي ذلك مرت الهيئة خلال سنتين ونصف من عمرها باستحقاقات واستحقاقات وأخذنا فيها قرارات وطنية جريئة ربما أغضبت هذه الدولة أو تلك ولم يكن ذلك بداعي اغضابها أو إفساد علاقتنا معها ولكننا في نفس الوقت أرضينا ضميرنا ووجداننا الوطني إذ كان دافعنا في ذلك فقط وفقط مصلحة شعبنا وقيمه العليا .
زملائي الأعزاء…
انتم تعلمون جميعا أن مشكلة هيئة التفاوض الحالية لم تكن قط مسألة انتخاب الرئيس …الرئيس الذي توسل اليكم واستجداكم في الاجتماع الاخير من أجل إجراء الانتخابات في شهر تشرين الثاني لعام ٢٠١٩ … الرئيس الذي صوت مع الزملاء في منصة موسكو من أجل أجراء الانتخابات في وقتها …الرئيس الذي قبل على مضض بالتمديد المؤقت بناء على رغبتكم وقراركم لمدة ثلاثة أشهر على أن يتم الاستحقاق خلالها …الرئيس الذي ما فتأ يذكركم ويطلب منكم بشكل مستمر وما زال أن يتم إنجاز الانتخابات التي تعطلت بسبب الأزمة الأخيرة التي تعرفون تفاصيلها وحيثياتها بأسرع وقت ممكن .
بلغني أن الأستاذ سعيد سويعد الصديق العزيز مدير دائرة الشؤون العربية في وزارة الخارجية السعودية قد تواصل مع مكونات وشخصيات من الهيئة الليلة الماضية ونقل إليهم رسالة شفهية و كتابية مفادها التالي :
رغبة المملكة في استئناف اجتماعات الهيئة الكترونيا بمشاركة المستقلين الجدد لسد الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للهيئة .
وفي هذه النقطة أود أمام الله والتاريخ والشعب السوري أن أثبت لنفسي لحضراتكم هذه النقاط :
أولا :
تثمين الموقف النبيل والإنساني والمشرف للمملكة العربية السعودية في وقوفها إلى جانب الشعب السوري في محنته السياسية والإنسانية ودعمها لكل الجهود الرامية إلى الوصول للحل السياسي وتطبيق بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن واستضافتها لهيئة التفاوض بنسختيها على اراضيها وتقديم الدعم الممكن لها للقيام بعملها والقيام بدورها العربي والمحوري الهام في المجموعة المصغرة وفي الأمم المتحدة من أجل تحقيق ذلك وحرصها الكبير على احترام إرادة السوريين وعدم فرض الوصاية عليهم أو التدخل في شؤونهم الداخلية بل سعت المملكة جاهدة دائما وابدا إلى لم شمل قوى الثورة والمعارضة السورية وتوحيد كلمتها وتسهيل عملها حتى تقوم بعملها التفاوضي على اكمل وجه .
ثانيا :
تثمين المقاربة الإيجابية والبناءة والمواقف النبيلة لمعالي وزير الخارجية وبقية الوزراء حيال مسألة الاجتماع الذي جرى في الرياض نهاية العام الماضي والذي كان السبب الرئيسي في حدوث الإشكالية داخل هيئة التفاوض وعطل اجتماعاتها لفترة ليست قصيرة وأؤكد أن التواصل والتشاور مع المملكة كان مستمرا خلال هذه الفترة.
ثالثا:
لقد لعبت المجموعة المصغرة والولايات المتحدة الأمريكية دورا هاما وبارزا ومشكورا في سبيل حلحلة كل المشاكل التي تعترض عمل الهيئة وتجاوز التحديات والاشكاليات في علاقة الهيئة مع مختلف شركائها .
رابعا :
تأكيد كل الأصدقاء والشركاء في المجموعة المصغرة وخارجها على الحفاظ على وحدة الهيئة وتماسكها وتعزيز دورها وتقديم كل أشكال الدعم المطلوب لها للقيام بهذا الدور .
خامسا :
اذا كنا فعلا بالحاجة إلى مساعدة ودعم الأشقاء والاصدقاء (ونشكرهم على هذا الدعم ) فإنه بنفس الوقت علينا الا نكون الا سوريين …سوريين فحسب حتى يليق بنا أن نكون ممثلين لهذا الشعب العظيم .
خامسا :
إن ما قام به الأخ والصديق سعيد سويعد وإيماني انه قام بذلك عن حسن وطيب نية يخرج عن كل العهود والمواثيق وعن نص استضافة خادم الحرمين الشريفين للسوريين وهيئتهم التفاوضية وبالتالي لا يمكن قبوله للأسباب التالية :
١. في نص رسالته الشفهية والكتابية يتدخل الأستاذ سعيد بشكل صارخ في شؤون الهيئة خلافا لتاريخ المملكة في عدم تدخلها بشؤون الهيئة وسياسة معالي وزير الخارجية و الوزير ثامر السبهان المسؤول عن الملف السوري كما تم ابلاغنا بذلك .
٢. هذا الإجراء ينسف جوهر الرسالة المشتركة التي أبلغنا بها عن المجموعة المصغرة في احترام الهيئة واستقلالية قرارها .
٣. تخرج الرسالة عن الأساس المرجعي وشرعية ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الرياض ٢ والمحدد ببيان الرياض الختامي وتحاول فرض أعضاء جدد في الهيئة بدون تصويت .
٤.تتجاهل الرسالة النظام الداخلي للهيئة والمقر من قبل أعضائها والذي ينص على عدم قبول استبدال اي من أعضائها بدون إجراء التصويت القانوني .
٥.تمثل امتهان لكرامة السوريين ومحاولة فرض الوصاية عليهم ومحاولة إظهار أنهم غير قادرين على إدارة شؤونهم وهذا بطبيعة الحال سيؤكد فيما لو تم دعاية النظام وحلفائه في ارتهان المعارضة لجهات خارجية .
٦.تتحدث الرسالة عن انتخابات وفراغ رئاسي والسوريون وحدهم من يحدد ذلك ولا يوجد أحد في الهيئة يرفض إجراء الانتخابات بل هي موجودة كنقطة أولى في جدول الأعمال وما الإشاعات التي تسمع هنا وهناك عن قضية الانتخابات الا محاولات هروب إلى الأمام وابتعاد عن الحقيقة.
٧. يهدد هذا التصرف وحدة هيئة التفاوض التي عملنا جميعا عليها ومن أجلها خلال السنوات الماضية وهذا ينذر بتقويض كل الجهود التي بذلت في سبيل التوصل إلى الحل السياسي .
٨. تفتح هذه الرسالة المجال أمام العديد من الدول والأطراف في المستقبل بالتدخل في الهيئة وقراراتها بما يجعلها رهينة التجاذبات والمصالح الإقليمية والدولية وهذا ما لا يجب السماح به .
٩.تخالف الرسالة قرار هيئة التفاوض في اجتماعها الذي تم بالتنسيق مع الأشقاء في المملكة والاصدقاء من المجتمع الدولي والذي ابقى الرئاسة الحالية حتى يتم انتخاب هيئة رئاسية جديدة باسرع وقت ممكن .
زملائي الأعزاء..
حرصنا كبير على المحافظة على الهيئة وعدم السماح بتفككها وصيانة قرارها والحفاظ على استقلاليته..أنتم من يقرر حلول مشاكلكم وانتم من يحدد الفراغ وعدم الفراغ وانتم من تقدرون مصلحة شعبكم أكثر من أي جهة أخرى وانتم الأقدر على الاستبدال وعلى إجراء الانتخابات …انتم من تمثلون هذا الشعب ومؤتمنون على مصلحته ومستقبله وأعدكم أن أبقى أعمل ما استطعت من الحفاظ على الهيئة ومستعد في سبيل ذلك لتقديم استقالتي في أي لحظة .
أدعوكم جميعا إلى استحضار كل أشكال المسؤولية والحس الوطني وفتح حوار بناء بينكم وإجراء الانتخابات بأسرع وقت ومواجهة كل الاستحقاقات الأخرى بما فيها اجتماع الرياض بكل حرية واستقلالية إذ أنه ربما تكون هذه الفرصة الأخيرة لإنقاذ الهيئة .
عاشت سورية حرة أبية كريمة سيدة مستقلة .
الرحمة لشهداء ثورة الكرامة
الشفاء العاجل لجرحى ثورة الكرامة
الحرية لمعتقلي ثورة الكرامة .
محبكم
د.نصر الحريري.