الإثنين , أبريل 29 2024
الرئيسية / مقال / أحزاب الإدارة الذاتية والصراع على المكاسب

أحزاب الإدارة الذاتية والصراع على المكاسب

أحزاب الإدارة الذاتية والصراع على المكاسب

ماجد علي

يحتار المتابع للوضع السياسي في شمال شرق سوريا من أين يبدأ وكيف ينتهي؛ فالأجسام السياسية بدءاً من /مجلس سوريا الديمقراطية /، إلى أحزاب الإدارة الذاتية، إلى حركة المجتمع الديمقراطي، إلى المجالس المدنية، واللجان والهيئات المتشكلة، هيئات الإدارة الذاتية التي تشهد أروقتها صراعاً مدوياً حول الهيئات الرئيسية مثل الداخلية، الدفاع، العلاقات الخارجية، والأهم بالنسبة للجميع هيئات المالية والاقتصاد، مروراً بالتقسيمات الإدارية وليس انتهاءً بالهيكلية العجيبة التي تحتوي ضمن طياتها عشرات مراكز القرار، ومثلها من مكاتب فرعية ولجان منبثقه عنها، في غالبيتها لا تعرف كيف تتصرف ولا من أين يأتيهم القرار؟ ، والقاسم المشترك بينها كلها عبارة “القرار جاء من الأعلى” دون أن يعرف الشعب من هو هذا الأعلى طيلة الأعوام الماضية، عدا عن التكلفة الباهظة لعمل تلك التشكيلات، والهدر الفظيع في المال العام، والرشاوي والفساد المنظم والنهب المخطط، والتي تحمل المنطقة أعباء اقتصادية ضخمة، كان الفقراء أولى بها من كتلة الرواتب التي يتم صرفها على تلك الجهات.

روتين ممل وقاتل للحياة المدنية

تتشعب مصادر القرار، وتزداد حالة الفوضى رسوخاً، ويتعمق الشرخ الحاصل بين الشعب والإدارة الذاتية من جهة، وبين الإتحاد الديمقراطي والأحزاب المنضوية في مسد والإدارة وباقي التشكيلات من جهة ثانية. إذ أن بعضها مهمش ويقتصر دورها على تتمة وزيادة العدد، وبعضها الأخر يقوم بأداء أدوار وظيفية لا غير، والبعض الأخر مهمته /السب  والشتم /، وأخرين يتم الاعتماد عليهم في اللقاءات والمناصب المهمة، وهو ما أدى لتفاقم المشكلة التي بدأت تطفو على السطح، بالمقابل هناك تخوف لدى الإتحاد الديمقراطي من خروج القرار من يده بمفرده، بعد أن كان الأمر الناهي في كل القرارات، ولعب أسلوب وصلابة قرارات كوادر العمال الكردستاني دوراً سلبياً تأجيجياً لمواقف تلك الأحزاب التي طالما تعرضت للإهانات والمسبات والشتائم، وخيروا بين الطرد من الإدارة وتوقيف التمويل، أو بين التنفيذ دون نقاش. والغريب في الأمر أن بعض الأحزاب الكردية في مجمل تلك الأجسام السياسية يعود عمرها لأكثر من 4عقود، لكنها ارتضت الذل والهوان أمام حزبٍ لم يتجاوز عمره بضع سنوات، ما وضع قيادات تلك الأحزاب في مأزق أمام قواعدها.

الخطر يتفاقم ويحاصر الإتحاد الديمقراطي

لم يخطر في بال الإتحاد الديمقراطي وهو يساهم في تشويه التاريخ السياسي والحزبي للمنطقة عبر تغذية الانشطارات الحزبية ودعم المنشقين وتضمينهم في تلك الأجسام السياسية وصرف الرواتب لهم، خوفاً من تحولها إلى خطر يهدد طريقة عملهم القائمة على فرض القرارات دون استشارتهم أو حتى الأخذ برأيهم. خاصة وأن قيادات الإتحاد الديمقراطي تعتمد على الولاءات لا الكفاءات، وتفضل الأحزاب ذات الشخصيات المسحوقة والسياسيين من نوع عديمي الرأي والذين ينفذون المهام والإملاءات دون نقاش. وهو ما خلق أزمة سياسية تنظيمية بين أحزاب الإدارة الذاتية تجاه الإتحاد الديمقراطي بسبب تفرده بالقرارات دون استشارة من أحد. والأكثر سوءً أن أحزاب الإدارة الذاتية تتنافس فيما بينها على من يكون الأكثر ولاءً والأكثر مسخاً لشخصيتها السياسية. ذلك التفضيل بين تلك الأحزاب خلق ردات فعل كبيرة تتجسد في الاجتماعات أو ما يدور في الغرف المغلقة على وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وواتس اب، وحدّية النقاشات بين قيادات الأحزاب السياسية، خاصة وأن دخول التحالف الدولي على خط التواجد الدائم في المنطقة، وزيارة الوفود الدولية، أشعل مشاعر “الرجولة” لدى أحزاب الإدارة الذاتية ومسد، وكبْلَ عمل الإتحاد الديمقراطي الذي لم يعد يجرؤ على سياسات العنف المباشر ضد حلفائه الأخرين، بسبب مايدعى مشروعهم الديمقراطي.

الوفد الفرنسي فجر الموقف

قبل أيام زار وفد فرنسي رفيع المستوى المنطقة، والتقى مع بعض الأحزاب السياسية في الإدارة الذاتية، ونظراً لتواجد 33حزب مابين كردي وعربي وسرياني في الإدارة الذاتية فإنه من الصعب جمعها كلها في وفد واحد. وما حصل أن الإتحاد الديمقراطي لجأ لحيلة واضحة، وسراً، عبر دعوة بعض الشخصيات المحسوبة عليه والتي لا تثير المشاكل ولا تتحدث خارج التأطير المرسوم، وشكل لجنة على مقاسه باسم لجنة/وفد يمثل كل شمال شرق سوريا. وما أن تسرب النبأ لباقي الأحزاب حتى بدأت المشاكل في صفوفها، ما دفع بأحد الكوادر لتوجيه خطاب هادئ ومبطن بلغة التهديد إلى الأحزاب المعترضة، وأقترح تشكيل لجنة/وفد كل ستة أشهر للقيام بالواجبات الدبلوماسية وما شابه، وهو ما لاقى اعتراضا شديداً من بقية الأحزاب التي تطالب بتواجدها ضمن الوفد، ودفع الوضع قيادي كردي للقول إنهم لم يطلبوا من الإتحاد الديمقراطي شق صفوفهم وتغذية تكاثر الأحزاب الكردية، وانهم يرفضون أن يمثل أي حزب حزب أخر، وقال البعض الأخر انهم يمثلون جهة تعمل تحت أمرة العمال الكردستاني ولا بد من تواجدهم الدائم، وحزب ثالث أراد الابتزاز بالقول إنه ترك المجلس الكردي ولابد من “تدليله” دوماً تكريماً لانشقاقه، وأخر  قال لهم إنه كان من بين من يمثل تيار البرزانيين، وترك ذلك التمثيل لأجل مصالحه ولابد  من تواجده في أي وفد.

هذه الصراعات لم تتوقف على زيارة الوفد الفرنسي، بل أن في كل مرة يزور أي وفد سياسي دولي إلى المنطقة، تشهد أروقة الإدارة الذاتية مناكفات وصراعات وخلافات، منها أثناء استلام الدول الأجنبية لمعتقليها من الدواعش في سجون قسد، وزيارة فد من الإدارة الذاتية “للانبطاح” في دمشق مع النظام السوري، أو زيارة إقليم كردستان العراق، أو أي وفد أخر، كما حصل أثناء زيارة وفد عسكري أمريكي قبل أشهر، وتبادل المسبات والأحاديث الغير لبقة بين بعض الأحزاب بسبب عدم حضورها للاجتماع. والسبب المباشرة لرغبة الجميع الحضور هو للتشبيك مع تلك الوفود الدولية ولو على حساب كامل مشروعهم السياسي، وهو ما يخيف الإتحاد الديمقراطي أيضاً، مخافة أن يتم دعم بعض تلك الأحزاب دولياً، فيكون أمام واقع جديد.

وما يزعج الإتحاد الديمقراطي أكثر، إن وفد التحالف الدولي وجه لهم ملاحظات شديدة الدقة حول القمع المزدوج لمعارضيه وشركائه على حدٍ سواء، وزيادة حدية الصراعات بينه وبين الأحزاب، والفوضى العارمة للهيئات والمجالس واللجان، وعدم تمكنها من القيام بأي واجب، وعدم قدرته على تفكيكها أيضاً، بسبب كثافة أعداد الموظفين.

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر + 8 =