هل تفعل الكرة ماعجزت عنه السياسة؟
حسن عبد القادر
استطاعت قطر وبعد تجهيز وعمل دؤوب استمر لأكثر من عشر سنوات، أن تعيد إنشاء بنية تحتية متكاملة للدولة القطرية، لم يكن هذا الأمر ليتم لولا إنفاق مئات مليارات الدولارات والتي هي محصلة قوة إقتصادية فائقة لدى هذه الدولة الصغيرة في الحجم الكبيرة في تأثيرها القاري والدول والتي استطاعت نقل هذا الثقل إلى العالمية بعد حصولها على موافقك استضافة المونديال على أرضها وإتمام تجهيز كل ما يحتاجه هذا الحدث الكروي على أتم وجه.
شاهدنا جميعاً يوم الافتتاح للمونديال كيف حاول أمير قطر الشيخ تميم بن حمد تقريب وجهات النظر ولو بشكل مبدئي، حين رعى مصافحة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكانت هي المرة الأولى التي يتصافح فيها الرئيسان.
في نفس الوقت شاهدنا جميعاً كيف أن أمير قطر خرج من الملعب ممسكاً بيد ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، وهذا لربما دليل آخر على التقارب الكبير الحاصل مؤخراً بين البلدين بعد قطيعة سياسية واقتصادية دامت لسنوات.
لعل أي مواطن عربي يهمه هذا التقارب الحاصل ويفرح به لأن القوة الاقتصادية والعسكرية والثقافية، لاتكون ذات قيمة بشكلها المنفرد، إلا عندما تكون وجهات النظر لدى السياسيين متفقة إلى حد ما، وبدوره يشعر المواطن العربي بطمأنينة داخلية في ظل الأزمات التي يشهدها العالم على كافة الأصعدة.
إذا أردنا الإنصاف والحديث خارج الحدود المرسومة على الواقع والتي تفصل الدول العربية وبدورها تمنعك من دخول بلد عربي آخر لأنك لا تحمل جنسيته أو تأشيرة دخول إليه، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة من الفرح الكبير في الشارع العربي بعد فوز المنتخب السعودي على منتخب الأرجنتين في أولى مباريات الفريقين وهذه الفرحة التي تعدت أي حدود أو جغرافية وجمعها فقط الإنتماء للوطن العربي بغض النظر عن جواز سفرك وتأشيرتك على هذا الجواز هل تدخلك هذا البلد أو ذاك .
ربما نحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن يتجاوز السياسيون في هذه البقعة من الأرض كل الخلافات الحاصلة بينهم ويعيدوا النظر مرة ثانية في حساباتهم لمواجهة ما هو قادم إليهم بصورة مباشرة وإلى العالم ككل، والتي تقول كل المعطيات أن خارطة القوة ستتغير لا محالة فالحروب اليوم في أوربا وسورية واليمن والثورة في إيران، ستخلق توازنات مختلفة جديدة وإن بقينا على ما نحن عليه سنكون ربما مجرد أرقام وأعداد ليس لها معنى أو وجود.