بيدرسون في دمشق النفخ في قربة مقطوعة
فراس علاوي
يعود المبعوث الدولي غير بيدرسون مجدداً إلى دمشق مطلقاً ذات التصريحات التي يتحدث بها في كل مرة حول دعوته دمشق لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية، والتي توقفت منذ أشهر دون أن تحرز أي تقدم يذكر سوى أنها جمعت الوفود الثلاثة في قاعة واحدة وهو مايحدث منذ أن انطلقت أعمال هذه اللجنة بعد ولادة قيصرية لحمل استمر عدة أشهر وشهدت كثيراً من التجاذبات.
لايوجد مايبني عليه بيدرسون تفاؤله بأن الجولة القادمة إن حدثت ستكون مميزة عن سابقاتها، أو أنها ستحدث خرقاً واضحاً في الاستعصاء الناتج عن توقف العملية السياسية، لكنه فيما يبدو يريد ملئ الفراغ والوقت الذي يعاني منه بعد أن اختصر العملية السياسية السورية باللجنة الدستورية، ومع توقفها أصبح كالعاطل عن العمل يريد أن يملأ ساعات يومه.
تصريح بيدرسون الغريب الذي أطلقه بعد لقاءه وزير خارجية حكومة دمشق فيصل المقداد، بأن القرار ٢٢٥٤ لم يعد كافياً أو أنه قاصر عن تحقيق الحل في سوريا هو كلام حمال أوجه تكمن خطورته في أنه غالباً وكما عمل بيدرسون خلال فترته يحمل التفسير الروسي للقرار ٢٢٥٤ والذي يقول بإعلان دستور ومن ثم الذهاب لانتخابات وهو بذلك يتقاطع مع مخرجات استانا من جهة، ومع رؤية الاطراف العربية الداعمة لنظام الأسد والداعية لتعويمه من جهة أخرى، مع اقتراب انعقاد القمة العربية في الجزائر والتي شهدت الكثير من الشد والجذب، قبل أن تعلن الاطراف المختلفة فيها عدم دعوة النظام السوري وبالتالي توقفت عملية تعويمه مؤقتاً حتى الوصول لاتفاق وتوافق حول هذا التعويم، إذ يبدو أن النظام السوري لم يوافق على الشروط، العربية التي طلبت منه لاعادة تعويمه وبالتالي تم تأجيل هذه العملية بالتزامن مع الحديث عن مبادرة اردنية تستند إلى القرار ٢٢٥٤، لكنها بقيت مبهمة التفاصيل، وهي المرة الثانية التي يتحدث فيها الاردن عن مبادرة دون ان تقدم أي خطوة من أجل تطبيقها.
بيدرسون والذي،يضمن سلفاً موقف المعارضة السورية الموافقة على أي طرح يقدمه، بذريعة عدم منح نظام الأسد فرصة الانفراد بالحل السياسي والذي لايجد معارضة حقيقية من الطرف الثالث المتمثل بممثلي المجتمع المدني، يرى بيدرسون أن قبول دمشق لأي طرح يتقدم به هو تقدم في مساره السياسي الذي لم يحقق فيه أي تقدم مما يجعل وساطته التي دفعته الامم المتحدة لقبولها فاشلة، وهو مابات يخشاه من أن يخرج بخفي حنين من مهمته، لذلك نراه في كل مرة يطلق تصريحاً يلمح فيه الى احتمالية فشل المسار الدستوري وذلك من أجل حض الاطراف المنخرطة للعودة لطاولة المفاوضات.
ربما ينجح بيدرسون في إعادة اللاعبين إلى الطاولة مجدداً بعد أن يقدم مقترحاته للنظام السوري، والتي باتت تعتمد بصورة كبيرة على مبادرة خطوة مقابل خطوة، المبادرة التي لاتملك ملامح واضحة لتطبيقها أو آلية صريحة للعمل بها.
إذ لاتملك الاطراف أوراقاً متساوية للقيام بهذه الخطوات، إضافة لقدرة النظام على التلاعب بالكثبر من الأوراق التي يملكها والملفات التي يمسك بها كملف المعتقلين والمليشيات المحلية وقوانين استملاك ومصادرة أموال وأملاك معارضيه وفصل الموظفين والعاملين في الجهاز الاداري للدولة من معارضيه، بالمقابل لاتملك المعارضة بالوقت الحالي أي ورقة ضغط على النظام في ظل الترهل السياسي والعسكري الذي لحق بها.
تعويل بيدرسون على مواقف حلفاء النظام السوري الدوليين ربما هو مادفعه للتحرك، فقد كان الموقف الروسي هو ما أوقف الجولة السابقة، لكن وفي ظل الازمات التي تعاني منها روسيا بسبب حربها في أوكرانيا وماتعانيه إيران داخلياً.
هل يرغب بيدرسون بانتزاع جواب منفرد من النظام السوري؟
مراهنة بيدرسون قد تكون الاخيرة قبل إعلان إفلاسه وعدم قدرته على تحقيق تقدم في العملية السياسية مما قد يدفعه للاستقالة، مما يعني وفاة اللجنة الدستورية والتي نعيت في أكثر من مناسبة. مايدفع بيدرسون للمحاولة هو تمسك الاطراف ببقاء هذه اللجنة كنوع من إضاعة الوقت / السياسي / حتى الوصول لاتفاق من نوع ما.
إذ يتمسك وفد المعارضة بها باعتبارها نافذته الوحيدة للتعامل مع الاطراف الدولية وخسارتها تعني فقدانه موقعه السياسي بعدما فقد كثيراً من حاضنته الشعبية وهو مايشبه موقف ممثلي المجتمع المدني بشقيه المؤيد والمعارض لمواقف نظام الأسد.
بينما يجد فيها نظام الأسد نوعاً من الملهاة وإضاعة للوقت وإغراق العملية السياسية في التفاصيل كما هي عادته.
وبالتالي هل تفشل جولة بيدرسون الاخيرة؟
فيكون كمن ينفخ في قربة مقطوعة وتضيع جهوده
أم أن موعد استقالته قد اقترب هذا ماستجيب عنه الأيام وربما الأسابيع القادمة.