إذا أردنا أن نعرف، ماذا يحدث في الدوحة؟
مقال رأي
فراس علاوي
لعل مقال الراحل نهاد قلعي الذي لم يكتمل، يكاد يكون مثالاً صارخاً لاحتمالات السياسة وتوازناتها، فهو وإن جاء بنمط كوميدي إلا أنه فعلياً كان رسماً لخارطة لعبة الأمم
وكيفية إدارة مطابخها السياسية.
فما الذي يحدث بالدوحة؟ ، تنقل الصور هنا وهناك لقاءات بين متصدري المشهد السياسي السوري المقيمين في تركيا والدوحة وغيرها من عواصم العالم، بصورة بروتوكولية وكأنها لقاء الحلفاء، ويعلق رئيس الإئتلاف أن لقاءاته كانت مثمرة وبناءة في تصريحات تشبه مايقوله زعماء الدول حين تفشل مساعيهم.
فماذا يحدث في الدوحة؟
خلال الايام القليلة الماضية تواجد كلاً من سالم المسلط رئيس الإئتلاف السوري وأنس العبدة رئيس هيئة التفاوض السورية في العاصمة القطرية الدوحة ، والتقوا وزير الخارجية القطري، وقطر هي أحد أبرز الداعمين للإئتلاف مع الحكومة التركية، كما التقى المسلط مع رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب ورئيس الإئتلاف الأسبق أحمد معاذ الخطيب
كذلك التقى رئيس الإئتلاف الأسبق أحمد الجربا، كذلك التقى وزير الخارجية القطري مع الجربا بشكل منفصل وأعلن عن اللقاء بتوصيف الجربا كرئيس لجبهة السلام والحرية، وهذا التوصيف يحمل دلالة اعترافية بهذه الجبهة سياسياً رغم وجودها في مناطق تسيطر عليها الادارة الذاتية لقوات سوريا الديموقراطية قسد المرفوضة من قبل تركيا بشكل قاطع اعتبارها جسماً معارضاَ وهذا مايحمل معانٍ تؤيد التسريبات التي تتحدث عن جسم جديد للمعارضة السورية.
منذ أشهر يتداول المهتمون بالشأن السوري دعوة باسم رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب المقيم في العاصمة القطرية الدوحة، لماسمي ندوة حول مآلات القضية السورية ومراجعات ماتم تحقيقه عبر عقد من الزمن، ورغم نفي القائمين على هذه الدعوة ومنسقيها بأن جسماً سياسياً قد يولد ويكون بديلاً عن الإئتلاف ويتشكل نتيجة هذه الندوة، هذه التسريباتأو الاحاديث تبني فرضيتها معتمدة في ذلك على أسماء الشخصيات المدعوة من جهة، وموقف رياض حجاب المبتعد عن الإئتلاف وهيئة التفاوض بعد الذي حصل في الرياض 2 من جهة أخرى ,
بالمقابل وبعد ما أشاعه الإئتلاف عبر رئيسه سالم المسلط حول عملية إصلاح الإئتلاف والتي يبدو أنها وصلت لطريق مسدود، ومن ثم تواتر الحديث عن عملية إصلاح شاملة من ضمنها نقل مقر الإئتلاف للداخل السوري، وهو حديث بدأ مع رئاسة نصر الحريري للإئتلاف قبل أن يطاح به، التخبط داخل الإئتلاف بدا واضحاً الأمر الذي حال دون التوصل لتوافق حول عملية الإصلاح المروج لها، مما دفع رئيسه الذي يبدو أنه يسير منفرداً لإجراء لقاءات مع خصوم الأمس، هناك تخوف واضح لدى أعضاء الإئتلاف من تنازل تركي لمصلحة المحور الخليجي المصري بما يخص المعارضة السورية، وإن كانت الدوحة هي الملعب الأساسي لهذا الحراك، والذي يصر الجميع بأنه لن يكون بديلاَ عن الإئتلاف على الرغم من الفشل الذي يعيشه من كافة النواحي، سواء تراجع شعبيته بين صفوف السوريين ورفض الناشطين وفعاليات الحراك السوري خاصة بالشمال السوري لحضور أعضائه أو فشل مسار آستانا الذي لم ينتج أي حل حتى اللحظة خاصة جولته الاخيرة وكمية النقد الموجه لها من السوريين ، والفشل الأكبر الذي رافق اللجنة الدستورية التي وقعت في فخ تفاصيل نظام الأسد واغرقها في مستنقع التأجيل والتسويف، في ظل ابتعاد أمريكي أوربي عن دعمها ورضى روسي إيراني ومحاولات تركية لدعمها،
التصريح المنسوب لبيدرسون الذي أعلنته الخارجية الإيرانية بعد زيارته لها، والذي جاء فيه أنه لاتوجد أطراف سورية ترغب بإسقاط النظام، وإن تم نفيه لاحقاً، وهذه بالمناسبة ليست المرة الأولى التي يتم فيها نفي حديث لبيدرسون، وكأنها استراتيجية يمارسها كبالون أختبار، وبالرغم من هذا النفي إلا انه أوقع المعارضة الرسمية في حيرة اضطر السيد المسلط للتغريد بأنه غير معني بهذه التصريحات، مع أن مايحدث في مباحثات اللجنة الدستورية يكاد يتماهى مع حديث بيدرسون المنفي، حيث قفزت اللجنة الدستورية على تراتبية القرار ٢٢٥٤ وبالتالي القفز على فقرة الحكم الانتقالي والبيئة الآمنة مما يجعل تفسير المعارضة هنا يتماهى مع الرؤية الروسية للحل والتي تنص على دستور ومن ثم انتخابات بدون هيئة حكم انتقالية، وعلى الرغم من إصرار سياسيي المعارضة على نفي القفر على تراتبية القرار إلا أن بند اللجنة الدستورية هو الوحيد الذي بدأ مساره رغم التعثر الحاصل فيه، فحدوث أي خرق فيه يعني بشكل قطعي القفز للبند التالي وهو الانتخابات وبالتالي يعتبر الذهاب للجنة الدستورية هو تخلي عن بند هيئة الحكم الانتقالي.
بالعودة للدوحة ينتظر الجميع ظهور الدخان من مبنى الخارجية القطرية، والذي على أساسه ستبنى استراتيجية المعارضة للفترة القادمة، والإجابة على السؤال المطروح على طاولة السوريين، هل ستكون الدوحة مقراً للجسم الجديد؟ أم أننا سنبقى نراوح في المكان.
شكل اللقاءات يوحي بتغيير ما على شكل المعارضة قد يأتي بتيارات جديدة وإدخال توازنات جديدة ترضي اللاعبين الإقليميين المتوقع عودتهم بقوة للملف السوري كالسعودية والإمارات.
كذلك تطورات اخرى إقليمية ودولية تؤثرفي هذا المسار، أبرزها مايحدث في اليمن وصعود محور الرياض دبي القاهرة وكذلك مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا.
الوسومالإئتلاف الوطني الإئتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة الدوحة المعارضة السورية
شاهد أيضاً
يسار يمين يمين يسار أزمة النخب السورية التائهة
مقال رأي فراس علاوي تعيش كثير من شخصيات اليسار السوري وشخصيات ذات مرجعيات ايديولوجية دينية …