الجمعة , مايو 3 2024
الرئيسية / مقالات رأي / هل كان حافظ الأسد عميلاً؟

هل كان حافظ الأسد عميلاً؟

مقال رأي

فراس علاوي

هل كان حافظ الأسد عميلاً؟
في كل مرة يتم الحديث فيها عن حقبة حافظ الأسد، التي حكم فيها سوريا، تبدأ عمليات وسمه بالعميل، لكن حتى اللحظة لم يتم نشر مايثبت هذه العمالة لجهة دولة ما، فالبعض بنسبه لبريطانيا وآخرين لروسيا والبعض الآخر لأمريكا وإسرائيل وهناك من ينسبه لفرنسا، لكن كل هذه الأحاديث لاتستند لملفات حقيقية أفرجت عنها مخابرات تلك الدول، ربما لم يحن وقت الإفراج عنها بعد، وجميعها تستند إلى تحليلات ورؤى نابعة من مصلحة وتحليل من يوجه اتهامه.
بالعموم فإن حافظ الأسد ربما ينطبق عليه كل ماسبق، إلا أن الوصف الأفضل لطبيعة وحالة وصول حافظ الأسد بأنها ضرورة مرحلة استطاع الاستفادة منها للوصول للسلطة.
حافظ الأسد استطاع الاستفادة من تناقضات وظروف دولية أوصلته لسدة الحكم، ففي حين كان من الممكن أن يكون هناك أشخاص آخرين مكانه مثل محمد عمران وصلاح جديد وعبدالكريم الجندي أو أحمد المير، وجميعهم ربما يحملون بشكل أو بآخر ميزات حافظ الأسد وربما أكثر منها ، كذلك كان هناك شخصيات أخرى كان من الممكن أن تصل إلى ماوصل إليه مثل سليم حاطوم أو حمد عبيد وغيرهم.
لكن الملفت في مسيرة صعود حافظ الأسد للوصول للحكم هي عدد الإنحيازات والتكتلات التي دخلها دون أن يكون في الواجهة.
كانت سياسات عبدالناصر هي أول الخطوات التي استفاد منها حافظ الأسد ورفاقه حينها من خلال
تجميع أنفسهم وتوزيع الأدوار فيما بينهم ، حين قام بنقلهم إلى الإقليم الجنوبي /مصر / أثناء الوحدة، مما تسبب بتجميعهم مع بعضهم البعض، مستفيدين من بعدهم عن تطورات الصراع في سوريا وبذات الوقت التخطيط لمرحلة مابعد الوحدة، التي كان يبدو حينها أنها تقاوم التفكك منذ يومها الأول.
كذلك تسببت سياسات النقل والعزل في إظهار هؤلاء الضباط على أنهم ضحايا تسلط عبدالناصر، وبالتالي بدأ النظر إليهم على أنهم المخلصين، وكان هذا بداية لماسمي اللجنة العسكرية /الخماسية /.
لم تكن هذه اللجنة تملك من أوراق القوة مايجعلها تقود عملية الإنفصال، لكنها بذات الوقت تلطت خلف أسماء وشخصيات قادت هذه العملية من أمثال عبدالكريم النحلاوي وغيره من قادة الإنفصال، الذي قاد ماسميت حينها اللجنة الثورية العربية العليا والتي أعلنت البيان رقم واحد، والذي تم بموجبه فصل سوريا عن مصر، لم يكن لحافظ الأسد ولا اللجنة العسكرية دور واضح فيها، لكنها استفادت منه لتقوية نفوذها داخل الجيش.

حزب البعث العربي الإشتراكي وانقلاب 8 آذار 196‪3
كان لابد للجنة العسكرية من غطاء سياسي يدعمها، وبما أن جميع أفرادها من منتسبي حزب البعث، فقد كان المؤهل لأن يكون حاملاً سياسياً لعملية الإنقلاب والوصول للسلطة في آذار 196‪3, الإنقلاب الذي أوصل الحزب للحكم، لكنه بذات الوقت لم يوصل اللجنة العسكرية التي كان حافظ الأسد أحد أفرادها للحكم، فبقي خارج دائرة الضوء لكنه داخل سياق اللعبة وإن بدأت ملامح وصوله للحكم عبر خطوات تسارعت لاحقاً، بعد سيطرة البعثيين على الحكم، انتقل الصراع إلى داخل اللجنة العسكرية نفسها، والتي انقسمت لقسمين رئيسيين
الأول يمثل أمين الحافظ ومحمد عمران ومن معهم من قيادات مدنية داخل الحزب،
والآخر يمثل صلاح جديد وحافظ الأسد ومن معه من قيادات عسكرية، انتهت عام 196‪6 بفوز جناح /جديد الأسد / بالحكم وبمساعدة من سليم حاطوم وغيرهم من القيادات العسكرية، هذا الانتصار أوصل حافظ الأسد لقيادة القوى الجوية ومن ثم وزارة الدفاع.
بعد استتباب الأمر تحول الصراع مرة أخرى لصراع داخلي هذه المرة أيضاَ بين حلفاء الأمس، أسفر هذا الصراع عن تباين وصراع بين تيار صلاح جديد والقيادات المدنية داخل الحزب، مقابل تيار يقوده بشكل واضح حافظ الأسد ومصطفى طلاس وعدد من الضباط، انتهى الصراع بإقصاء صلاح جديد وحلفائه عن السلطة وتفرد حافظ الأسد بها، وعمله لاحقا على تكريس هذا الاستبداد بالسلطة بشكل واضح عبر عدد من الممارسات الاستبدادية والقمعية وقدرته على نسج تحالفات دولية وإقليمية ومحلية.
استفاد حافظ الأسد من شكل الصراع وتبايناته في المنطقة ومن الهزائم التي لحقت بالسوريين للوصول إلى السلطة،
يدعي الكثيرون بأنه كان عميلاً لدولة بعينها، فقد تحدث أمين الحافظ أنه كان عميلاً للبريطانيين لكنه لم يسق دليلاً واضحاً لذلك، كما ساق آخرون عمالته لإسرائيل بالإتكاء على وجوده في وزارة الدفاع خلال هزيمة حزيران 1967 لكنهم بذلك يدينون كل من كان في السلطة آنذاك، إما بمعرفتهم وبالتالي شراكاتهم أو تقصيرهم وبالتالي عدم قدرتهم على قيادة البلاد، تلك الهزيمة التي لحقت بثلاث قيادات عربية، ويذهب آخرون بأنه يتبع للسوفييت وهو بذلك ايضاَ يشبه عشرات القادة الذين وصلوا خلال تلك المرحلة وعقدوا اتفاقيات مع السوفييت كقادة مصر والجزائر والعراق وليبيا واليمن وغيرهم.
حقيقة الأمر أن حافظ الأسد كان كل هؤلاء دون أن يكون رجلاً لطرف دون آخر، استطاع حتى توريثه الحكم لابنه بشار الأسد الاستفادة من المتناقضات التي تمر بها المنطقة والصراع داخلها، هذا الصراع هو نفسه الذي أوصل بشار الأسد بدعم أمريكي سعودي، وتم تعويمه لاحقاً بدعم قطري تركي، وبالتالي هل نستطيع القول بأن بشار الأسد هو رجل أمريكا أم السعودية أم قطر أم تركيا
وهي البلدان والتي بسبب مصالحها عملت على تعويمه وإيصاله للحكم، وللمفارقة فإن الدول السالفة الذكر جميعها تطالب اليوم بإزالته عن الحكم في سوريا.

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + تسعة =