الخميس , نوفمبر 7 2024
الرئيسية / مقال / الربيع العربي وموجته الثالثة

الربيع العربي وموجته الثالثة

فراس علاوي

الربيع العربي وموجته الثالثة

الشرق الاوسط كيف ترسم الخرائط ؟
بعد سلسلة حروب اجتاحت القارة الاوربية كانت أسبابها دينية وإجتماعية توصل الأوربيون لاتفاقية وستفاليا 1648 والتي أعادت رسم الخرائط الاوربية على أساس سياسي قومي مصلحي ، وأعادوا رسم هيكل وشكل العلاقات بين الدول وإبعاد الكنيسة عن التدخل بالحياة السياسية وتعتبر هذه الاتفاقية هي أساس ماقامت عليه أوربا لاحقاً .

مايجري الآن في الشرق الاوسط هو إعادة لرسم ملامحه مجدداً ، بعد سيطرة فكر استبدادي هو نتاج عقود من التداخلات الدولية الخارجية في شؤون بلدانه تحت مسميات شتى فمع إنتهاء حقبة الاستعمار القديم ، وعودته على شكل اتفاقات وصاية وإنتداب وإعادة رسم الحدود ومن ثم إقامة أنظمة شمولية تراوحت بين ملكية وجمهورية ، المحاولة الوحيد التي كانت لتغيير ملامح الشرق الاوسط كانت بالانقلاب على الملكيات والتي نجت منها عدد من البلدان الخليجية والمغرب والاردن .

إعادة إنتاج الشرق الاوسط الجديد يتزاحم عليه مشروعين الأول هو ما بشرت به كونداليزا رايس بما أطلقت عليه الفوضى الخلاقة والتي استفادت منها إيران بدخولها الناعم لعدد من العواصم العربية ، والآخر هو إرادات شعوب المنطقة والتي وإن حاولت الابتعاد عن السيطرة الدولية والإقليمية إلا أن هذه السيطرة شكلت الموجة الأولى من الربيع العربي والذي لم يحقق المتوقع منه في كثير من البلدان ، فباستثناء النموذج التونسي فشلت ليبيا واليمن في تشكيل حكومات وطنية تحقق طموحات شعوبها وذهبت مصر نحو الدولة العميقة التي لم تتفكك بانتصار ثورة 25 يناير ، فيما تحولت الثورة السورية إلى سلسلة حروب واحتلالات وانقسامات دولية وإقليمية لعب فيها موقع سوريا الجيو استراتيجي دوراً هاماً في عملية الصراع على سوريا ، الصراع على سوريا كان نقطة إنطلاق الموجة الثانية من الربيع العربي والتي كانت أفضل من ناحية نتائجها في السودان والجزائر وإن لم تحقق حتى اللحظة كامل أهدافها إلا انها عادت للمعادلة الصفرية في علاقة الشعب بالحكومة من خلال تخفيف التوتر وإنصياع الحكومات إلى إرادة الجماهير مع احتمالية تغير مواقفها لاحقاً حسب المتغيرات الإقليمية والدولية المتداخلة معها ، مما يجعل حالة عدم الثقة أو الاستقرار المستدام هي سمة تلك البلدان .

الموجة الثالثة للربيع العربي تبدو الأكثر مشاركة من قبل شعوب الدول كما يحدث في لبنان والعراق لكنها موجة خرجت من نطاق المحلية مستلهمة من التدخلات الخارجية في المسألة السورية أهداف أخرى تمثلت بأن الأخطار التي لحقت بهذه البلدان ليست بمجملها ذات منشأ داخلي وإنما هناك قوى إقليمية تركت داخل تلك البلدان تيارات وقوى محلية تابعة لها ، لذلك كان الخطاب الثوري في جزء منه موجه ضد (إيران ) ومشروعها في المنطقة .

هذا التطور في الرؤية الشعبية سينتج إنقسام جديد على المستوى الإقليمي والدولي مما يجعل الأوضاع في لبنان والعراق تتراوح بين إنهاء الحراك الثوري وبالتالي فرض قوى داخلية نفسها بالقوة بالاستعانة بقوة إقليمية متمثلة بإيران والتي تعاني هي الاخرى من تبعات التغيير أو تغيير حقيقي قد تكون محصلته المحطة الرابعة من الربيع وتحوله إلى ربيع إقليمي يشمل إيران أيضاً .

هذا الربيع الإقليمي مرتبط بتحقيق ثورات لبنان والعراق أهدافها ، ففي حال نجاح الحراك العراقي اللبناني سينعكس ذلك إيجاباً على الوضع السوري،  والذي سيدخل حالة الجمود حتى الانتخابات الامريكية وفي حال فشل ترمب من استكمال ولاية رئاسية أخرى فإن المرحلة ستطول وربما سينعكس ذلك سلباً على الحراك اللبناني العراقي أيضاً في حال عودة العلاقة بين إيران والديموقراطيين لسابق عهدها .

تطورات الموقف الاقليمي مرتبطة بكلا الحراكين في ظل استعصاء الحل السوري ونجاح أحدهما على الأقل سيغير من قواعد اللعبة في الشرق الاوسط وتغيير موازين التحالفات .

تبدو القوى الاقليمية باستثناء إيران حتى اللحظة حذرة بالتعامل مع كلا الحراكين وذلك إنطلاقاً من تجربتها في سوريا فجميع الأطراف تعيد ترتيب أوراقها وتحالفاتها خوفاً من تكرار التجربة السورية .

وبالتالي فإن التغيير في الشرق الاوسط مرتبط بشكل أو بآخر بخروج إيران من المنطقة سواء بتوافقات دولية أو تحت ضغط الداخل الإيراني .
وبالتالي فإن خارطة الشرق الأوسط ترسم من جديد في شوارع بيروت وبغداد .

شاهد أيضاً

يسار يمين يمين يسار أزمة النخب السورية التائهة

مقال رأي  فراس علاوي تعيش كثير من شخصيات اليسار السوري وشخصيات ذات مرجعيات ايديولوجية دينية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + أربعة =