سوريا للواجهة مجدداً 1_2
الشمال صراع سياسي بلبوس عسكري
فراس علاوي
بعد أشهر من تراجع الحدث السوري على المستوى الدولي وإنحساره في مستوى محلي و إقليمي والمراوحة في المكان بالنسبة للعملية السياسية ، والتي اقتصرت على محاولات تشكيل اللجنة الدستورية واقتصار الحل السياسي في سوريا على مخرجات آستانا وسوتشي واستعصاء التقدم فيهما رغم ماقدمته المعارضة السورية من تنازلات لوجهة النظر الروسية …
تلقي الولايات المتحدة الأمريكية الحجر في المياه الراكدة وتتحرك على مسارين أساسيين مسار عسكري وآخر سياسي في عودة جديدة لحلبة الصراع السوري وبزخم أكبر ولاعبين جدد ..
الأهداف الأساسية للعودة الأمريكية تتمثل بأمرين هامين الأول إستعادة تركيا من الحضن الروسي والثاني إخراج إيران أو على الأقل إنهاء دورها الفاعل في سوريا ولبنان وربما العراق لاحقاً ..
في الجزءالأول من الأهداف عملت الولايات المتحدة على الضغط على شريكها في حلف الناتو سياسياً وإقتصادياً من خلال حزمة من القرارات والتصريحات بشأن تطور العلاقات التركية الروسية سياسياً وإقتصادياً والتي توجت بصفقة الS400 الأمر الذي أغضب واشنطن ، مما جعلها تتدخل لجهة إفشال توافقات آستانا بما يخص الشأن السوري وهو مايجمع الروس والأتراك وكذلك تهديد تركيا بإيقاف برنامج تزويدها بطائرات ال F 35 وبالفعل بدأت ببعض الخطوات العملية مما جعل التقارب الهش بين الاتراك وروسيا يختل خاصة عندما وُضِعَ قيد التنفيذ في أصعب مراحله وهي منطقة إدلب وعملية إعادة تدجين الفصائل المارقة في إدلب وريف حماة …
عدم وفاء كلا الطرفين بإلتزاماته في توافقات آستانا تحول إلى خصومة عسكرية بالوكالة سرعان ما استغلتها الولايات المتحدة بإعطاء الضوء الأخضر للفصائل العسكرية باستخدام بعض الأسلحة التي كانت تمارس الفيتو على استخدامها كالصواريخ مضادة للدروع من نوع كورنيت وتاو وبتسهيل تركي كنوع من الضغط على الجانب الروسي ،
حتى اللحظة مايجري في الشمال هو عملية كسر عظم مابين الفصائل التي لم توقع على آستانا وبين الروس وحلفاؤهم من بقايا جيش نظام الأسد ، ومعارك سياسية لكسب الأوراق قبيل جولة مفاوضات جديدة بين الروس والأتراك لكن هذه المرة تحت نظر الأمريكان ..
حتى اللحظة تركيا لم تدفع بأوراق قوتها على الأرض لذلك فهي تركت الفصائل المدعومة من قبلها بعيدة عن المواجهة وإن شاركت بصورة رمزية وهذا يعكس إرتياح تركي للزج بقوى عسكرية كان من الممكن أن تشكل حجرة عثر في وجه توافقاتها في الشمال ، كما حدث سابقاً في آستانا وسوتشي وهذا ماتدركه الفصائل على الأرض لذلك ترى في عملياتها العسكرية ورقة قوة منفردة تفقد حتى اللحظة الاستثمار السياسي لها في ظل ترهل المعارضة السورية وتشرذمها ….
حدود التوافقات الروسية التركية يتم رسمها بالحديد والنار وهي قابلة للتوسع أو الإنكماش حسب ماتقتضيه المفاوضات بين الطرفين والتي يبدو أنها تنتظر أيضاً ماستسفر عنه قمة القدس هذا الشهر والتي قد تقلب الطاولة على جميع التوازنات والتحالفات السياسية في المنطقة..