الثلاثاء , ديسمبر 24 2024
الرئيسية / مقال / ديرالزور….عندما يتكلم الفرات عشقاً

ديرالزور….عندما يتكلم الفرات عشقاً

مروان الحفار

فلنخبر طائرات التحالف بذلك…

تتميز لهجة دير الزُّور و الرقة و من وراءها العقلية التي أوجدتها بعبقرية لغوية و وجودية عالية جداً. يمكن أن تلاحظ بمفردة ربيعي التي يستخدمونها بدلاً عن مفردة صديقي ، رفيقي الخ. رغم أن المفردتين السابقتين تحملان أيضاً جمالية عالية ، فصديقي من الصدق و رفيقي من الرفق ، وهما حتما صفتان أساسيتان في الشخص الذي يراد أن يكون مرافق لأحدهم بالحياة و مؤنس له/لها.

العبقرية الجمالية في كلمة ربيعي أنها تُحمّل الإنسان المراد صداقته فصل من فصول السنة. فصل لا يُرى غالباً بكل جماليته في المنطقة الصحرواية، فصل يشتاق له كما يشتاق العاشق لحضن عشيقه. هذه المفردة كالأسطورة تمتد فوق الواقع الجاف القحل لترسم شيء آخر ، واقعا مختلفا أكثر جمالاً و أبعد منالاً.
إن كلمة ربيعي أمنية و حلم و صلاة. إن أقصر صلاة أعرفها هي المختزنة في الحروف الخمسة لربيعي.

المفردة تتحول لدعوة لصلاة او لأمنية بأن يمتد الفصل الغائب بالانسان الحاضر في هذه الصداقة.
فتجعل هذه العلاقة الوجودية مع هذا الإنسان جمال الربيع حاضراً طوال السنة رغم غيابه المكره. لقد انتصروا باللغة على الطبيعة. لقد انتصروا على الصحراء باللغة، لقد أوجدوا ربيعاً لا ينتهي من خمسة حروف. إنهم خلقوا من الحرف زهوراً و أشجار و مناخ لطيفاً كلطف قلوبهم.

و ان كان ابن جني النحوي العارف باللغة يقول “ان اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم” ، فلقد عبر أهل المنطقة عن غرضهم و أملهم بالصداقة بكل وضوح
“كن لي ربيعاً ، أكن لك وفيا كالشوك لا يغادر الصحراء و لو لم تمطر لألف عام”.

و أنا أقول هذا لأنني ببساطة أحبكم ، أنتم المهمشون عمداً.
زرتكم مرة واحدة و كانت كافية لحب أبدي..

شاهد أيضاً

عيشة كلاب

المعتز الخضر أوصلتُ ابنتي إلى المدرسة في الصباح الباكر و عُدتُ أدراجي في السيارة الجرمانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر + 19 =