بقلم الكسندرسكوبوف
24 شباط 2018
ترجمة هادي الدمشقي
تعتريني أحيانا عدم الرغبة في التحليل والشرح بل يكفي أن أكرر جملة سوفيتية ” أشك إن كان لديك أم ” .
فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مرة أخرى في اتخاذ قرار يدعو إلى إنهاء القصف العشوائي للأسد على الغوطة الشرقية . والمعرقل لاتخاذ مثل هذا القرار روسيا دون شك .وهذا مثال ممتاز عن اطروحتي التي دافعت عنها يوم أمس حول نزع السلاح النووي من جانب واحد .على عكس ادعاءات الفاشيين الروس وولوج كم من ” أمراض الجنون اليساري” من أجل وقوف روسيا الاتحادية في وجه العالم الغربي, فالكرملين لا يناضل من أجل استغلال موارد الآخرين بل يقود “حرب مقدسة ” ضد الغرب ويدافع عن حق الديكتاتور الأسد في قصف المشافي في الغوطة الشرقية .
يدافع الكرملين عن حق الأسد في قصف المشافي في الغوطة , وميلوسيفيتش في تحويل كوسوفو إلى سريبرينيتسا كبيرة لأنه يريد بنفسه الاحتفاظ بالحق في تحويل الجمهورية الشيشانية إلى سريبرينيتسا كبيرة. وتريد زمرة بوتين أن تعيش في عالم يتمتع فيه أي مهووس “شرعي” بحق “سيادي” في تحويل الأراضي الواقعة تحت سيطرته إلى سريبرينيتسا كبيرة..
تكافح زمرة بوتين من أجل عودة العالم إلى القرن السابع عشر – إلى فهم “ويستفاليا” للسيادة لأن حق الإمبراطور غير المحدود هو مع شجاعة رعاياه. هذا الفهم للسيادة هو الذي يقوم عليه مبدأ “الشرعية”، الذي كان ينظر إليه في بداية القرن التاسع عشر. ويحاول بوتين يائسا إعادة هذه “الشرعية ” إلى العالم الحديث.
هذا المهوس الذي شن حربا من أجل الحفاظ على السلطة، والذي قتل فيها نصف مليون انسان من رعاياه ,هو الأكثر شرعية من بين الحكام. ومهما فعل، لن نسمح لأحد أن يحرمه من السلطه , هذه هي رسالة بوتين السياسية في سورية وعلى العالم أن يدركها.
ألغى مشروع يالطا – بوتسدام أخيرا مفهوم ويستفاليا للسيادة من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة. ولأن هذا الإعلان يتعلق بحقيقة أنه يحظر الآن وضع سريبرينيتسا ضمن الأراضي الخاضعة للمراقبة. فمن الذي يحرم مراقبتها ؟ المجتمع الدولي. البوليس المتمثل بشخص أمريكا ، ممنوع. فإذا تم تحويلها إلى سريبرينيتسا كوسوفو واحدة كبيرة سوف يأتون طائرين . وإذا قمت بتحويل جمهورية الشيشان إلى سريبرينيتسا، عاجلا أم آجلا، أيضا، سوف يأتون طائرين . الأفضل، بطبيعة الحال،أن تأتي في وقت مبكر. ولكن أن تأتي متأخر أفضل من لا تأتي أبدا..
السلام الذي بني على مبادئ يالطا – بوتسدام كان واقعا قائما. إلا أن وراء هذه الشاشة الاعلامية الكبيرة هناك “صبيان ” ستالين، تشرشل وروزفلت قاموا ببساطة بتقسيم أوروبا والعالم وفقا “لمفهوم العصابات “. نعم، لا يمكن تنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الفور وبالكامل. ولكن “إعلان حقوق الإنسان والمواطن” لعام 1789 أيضا لا يمكن تنفيذه فورا وبالكامل. ومع ذلك، منذ عام 1789 العالم في طريقه إلى تحقيقه. لأن هناك عدد كاف من الناس الذين يؤمنون بفرصة لتنفيذه، وهم على استعداد للقتال من أجله..
لا تسأل إذا كنت تؤمن بمستقبل مشرق، حيث لا يكون فيه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حلما، ولكن حقيقة واقعة. ببساطة أجب عن السؤال: في أي عالم تريد أن تعيش ؟ في عالم يسمح للنزوات بترتيب سريبرينيتسا؟ أو في عالم لا يعمل بهذه الطريقة ؟ لا تزال الغالبية العظمى غير مثاليين ، ولكن الناس العاديين عاجلا أم آجلا سيختارون الطريقة الأخيرة ويجدون وسيلة لتحقيقها . ولن يبق حق النقض ,الفيتو ,في صالحهم كما يتوهم هؤلاء المهوسين في الكرملين .
إذا استطاعت عصابة من المجرمين في الكرملين تحويل الأمم المتحدة إلى أضحوكة ,عاجزة وغير قادرة على حماية أي شخص، فالعالم عاجلا أم آجلا سيجد أولئك الذين باستطاعتهم تحمل المسؤولية . المسؤولية في تصفية أنظمة مصاصي الدماء. أولا في سوريا. ومن ثم في كل مكان..
ولكن للأسف عندها سيكون الآوان قد فات أن نناشد مجلس الأمن. وسيكون الوقت قد فات للطعن بالقانون الدولي. إن العالم برمته رأى الكرملين وهو يتجاهل مجلس الأمن ,ويتجاهل القانون الدولي. و يتجاهل رأي المجتمع العالمي..
إذا ما تم تدمير النظام الدولي القديم وتدميره بشكل لا رجعة فيه، فسيحل محله حتما نظام جديد. وسيتم تطويره من قبل المبدعين لحمايته. ولكن من غير المرجح أن يكون الكرملين أحد المبدعين للنظام العالمي الجديد. وفي النظام العالمي الجديد، لن يكون مقبولا ترتيب سريبرينيتسا وفق رغبة محبيها.
الشرق نيوز