الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / مقال / هل يدفع العرب ثمن دعمهم لحافظ الأسد ؟
Syrian President Hafez al-Assad (L) and Saudi Crown Prince Abdullah ibn Abdel Aziz cover their noses as they leave the conference hall of the Organisation of the Islamic Conference (OIC) summit and walk into Terhan's freezing cold weather, 10 December. Torrential rain followed by a carpet of snow tumbled on Tehran early in the day, causing flooding and electrical problems at the brand new conference hall, where leaders from the 55 OIC member states held a closed door session. / AFP PHOTO / MARWAN NAAMANI (Photo credit should read MARWAN NAAMANI/AFP/Getty Images)

هل يدفع العرب ثمن دعمهم لحافظ الأسد ؟

هل يدفع العرب ثمن دعمهم لحافظ الأسد ؟

مقال رأي
فراس علاوي

لم يكن جمال عبد الناصر يعني حرفية دعوته لمشروع وحدوي  ،  عربي بل كان مشروعاً توسعياً يحمل في طياته الكثير من معاني السيطرة أكثر منها الاندماج والتوحد وهو مابدا واضحاً في محاولة هضم الهوية السورية بكافة أشكالها خلال فترة الوحدة معها .

في هذا الوقت بالذات كان هناك مشروع آخر ينمو في الظل كما ينمو (العفن ) في أجواء من الرطوبة والظل تحت الاشجار متوارياً عن العيون .
مجموعة من الضباط تجمعهم فكرة واحدة وهي الوصول للسلطة في سوريا ، لم يكن هؤلاء الضباط بعيدين عن أعين رجال المخابرات المصرية ، لكن لسبب ما وبسبب الصراع المحتدم في سوريا بين القوى السياسية ، ومعارك عبد الناصر على أكثر من جبهة تم تجاهلهم في حين كانت سوريا بيئة خصبة لنمو هذا المشروع ، لم يكن هناك أفضل من دعوات العروبة والوحدة والقومية والاشتراكية التي كانت سائدة تلك الفترة لتكون حاملاً لهذا المشروع الذي في حقيقته هو مشروع انفصالي لا يملك القدرة على ان يكون  توسعياً كمشروع ناصر لكنه بذات الوقت يستخدم الادوات ذاتها والخطاب ذاته .
من هنا كان لابد من الاستعاضة عن مشروع توسعي سلطوي لاحدود واضحة لطموحه بمشروع آخر يملك ذات الخطاب لكنه يكتفي بسلطة مطلقة على مساحة جغرافية أصغر بكثير حتى مما هو متوقع له .
كانت هزيمة 67 بداية الطريق لنهاية مشروع وظهور آخر ولم يكن ما تلاها سوى ترتيب لتلك الأوراق ، وليس من قبيل الصدفة أن ينتهي مشروع توسعي عربي في لحظة مشروع يحمل ذات السمات لكن بصورة أكثر تقزيماً .
فهل دعم العرب حافظ الأسد ليكون بديلاً مقبولاً لمشروع ناصر التوسعي ؟
هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن الإجابة بنعم هي الإجابة الصحيحة ، فما هي هذه المؤشرات ؟

1_السماح لقوى عسكرية تقوم على أساس ( طائفي أقلوي ) بالظهور على مسرح الاحداث في بلد مثل سوريا يعتبر ركيزة اساسية في سلسلة الصراع مع إسرائيل وفق الرؤية العربية آنذاك .

2_ السماح بوصول حكم عسكري في سوريا في ظل صراع الملكيات العربية للحفاظ على نفسها في ظل موجة التغيير التي طالت بعض الدول في المحيط العربي وعدم دعم حكم سياسي مدني أقل طموحاً وأكثر إرتباطاً بها .

3_ السماح بوصول تيار “يساري ” قريب من الاتحاد السوفياتي في محيط يقترب من الولايات المتحدة والمعسكر الغربي .

لابد من أسباب وراء هذه الموافقة العربية لوصول حكم عسكري ذا نزعة سلطوية قريبة من السوفييت ولعل هذه الاسباب تتلخص في :

1_إيجاد تخريجة أخلاقية للتخلص من معضلة الفشل في الصراع العربي الإسرائيلي ومعضلة دعم الشعب الفلسطيني من خلال إيجاد واجهة تتحمل تبعات هذا الفشل بل وتعمل على تحويله إلى أداة لبقاءها وبالتالي تحمل إرتدادات هذا الفشل والخوض لاحقاً في صراع مع الفصائل الفلسطينية المحتجة على هذا الفشل وبالتالي تحول حافظ الأسد ونظامه إلى جدار يحمي البلدان العربية ” الخليجية والمغاربية وحتى السودان ومصر لاحقاً ” من تداعيات الفشل في دعم الشعب الفلسطيني سياسياً وعسكرياً ، وخوض صراع جانبي مع فصائلها المارقة على هذه التوافقات ، فبالرغم من لاءات قمة الخرطوم إلا انه كان من الواضح أن العرب كانوا ذاهبين باتجاه عقد اتفاقات صلح سواء منفردة أو جماعية مع إسرائيل ، وبالتالي لابد من شكل آخر لهذه السياسة يمتص نقمة الفلسطينيين .

2_ الوقوف في وجه مشروع آخر توسعي بدأت ملامحه  بالظهور في العراق الأمر الذي أخاف دول الخليج بشكل خاص خوفاً من ظهور ” عبد الناصر” آخر في العراق يزعزع حالة الاستقرار الخليجية التي بدأت تتحول إلى دول ريعية تريد المحافظة على مكتسباتها .

3_ الخوف من تنامي ظهور الحركات الاسلامية وبالتالي فإن حكم أقلوي طائفي عسكري سيكون عامل جاذب للصراع بين القوى الإسلامية الصاعدة وتلك القوى ممايعني إبعاد ساحة الصراع عنها وتأجيله إلى مراحل لاحقة تكون قد أُستنزفت فيها بشكل كبير .

بالمقابل كان حافظ الأسد مرتاحاً لهذا الدعم السياسي والمالي والذي حوله لابتزاز واضح لهذه الدول من خلال استجلاب الدعم المالي تحت ذرائع شتى أبرزها دعم القضية الفلسطينية والمقاومة وخدمة المعركة ، لكن هذا الدعم حقيقة لم يكن إلا مايشبه الرشى لنظام الأسد لإبعاد هذا الصراع عن تلك الدول .

لم يكتف حافظ الأسد باستغلال هذا الدعم بل كان لابد من تأمين سلطته وحكمه وهو ما استطاع الحصول عليه من خلال إطلاق يده في لبنان مقابل تعهده بإنهاء الوجود الفلسطيني الغاضب في لبنان وتدجين القوى الأخرى .

لكن هل إنقلب السحر على الساحر ؟
فمع إنتصار ماسمي ” الثورة الإسلامية ” في إيران على نظام الشاه وجد حافظ الأسد نفسه مرغوباً من قبل قادة إيران الجدد والذين جاءوا بمشروع آخر توسعي يستخدم المذهب الشيعي كحامل له من أجل تحقيقه .

لذلك عمل على استخدام هذه الورقة جيداً في استنزاف الدعم العربي له من خلال محاولة العرب إيقاف التمدد الإيراني عن طريق إغراء حافظ الاسد بالبقاء في الصف العربي مقابل دعم مادي وهذا أحد أسباب عدم إنجرار حافظ الاسد بشكل كامل إلى الحضن الإيراني بالرغم من التقارب الذي حصل ، هذا التقارب لم يكن حينها على حساب التباعد مع المحور العربي هذا التباعد الذي بدأت ملامحه تظهر مع نهاية حكم حافظ الأسد وبدا أكثر وضوحاً مع وصول بشار الأسد للحكم فبالرغم من الدور العربي الكبير في دعم وصوله للحكم ومن ثم محاولة تعويمه دولياً إلا أنه لم يتبع ذات النهج الذي كان عليه حافظ الأسد ، فاختار الإنحياز الكامل للجانب الإيراني وبالتالي الابتعاد عن المحور العربي الداعم له .
وهو مايدعونا في ظل الظروف الراهنة هل دفع العرب ثمن دعمهم لحافظ الأسد ؟

شاهد أيضاً

ملعب ديرالزور وصورة الخراب، عن كذبة الأمل بالعمل

ملعب ديرالزور وصورة الخراب  عن كذبة الأمل بالعمل فراس علاوي تمثل هذه الصورة فعلياً مايقوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 − اثنان =