الجمعة , يونيو 6 2025
أخبار عاجلة
الرئيسية / كلام سوريين / بعد سقوط الأسد: فرصة السوريين لكتابة عقد اجتماعي جديد يؤسس لدولة المواطنة

بعد سقوط الأسد: فرصة السوريين لكتابة عقد اجتماعي جديد يؤسس لدولة المواطنة

بعد سقوط الأسد: فرصة السوريين لكتابة عقد اجتماعي جديد يؤسس لدولة المواطنة

مصطفى الحلبي

بعد سقوط نظام بشار الأسد، يقف الشعب السوري أمام لحظة تاريخية: تتيح فرصة صياغة عقد اجتماعي جديد يقوم على الكرامة، الحرية، والعدالة. 

وهنا يبرز سؤال هام: هل سيتمكن السوريون من بناء دولة المواطنة، بعد عقود من الاستبداد؟

 

 

العقد المزيف: خمسون عامًا من القمع

على مدى خمسة عقود، فرض نظام الأسد عقدًا اجتماعيًا زائفًا قائمًا على الخوف والولاء المطلق. لم يكن المواطن السوري شريكًا في الحكم، بل متهمًا يُراقب ويُقمع. كانت “الشرعية” حكرًا على من يهتف للقائد أو يكتب تقارير أمنية، بينما حُوّلت المواطنة إلى طاعة عمياء. الفساد، التمييز الطائفي، والمناطقية حكمت البلاد، وحُرم السوريون من أبسط حقوقهم في الكرامة والحرية.

مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، رفض السوريون هذا العقد المفروض، مطالبين بحياة كريمة. 

لكن النظام قابل هذه المطالب بالقتل والاعتقال والتهجير، مفضلاً إحراق البلاد على التنازل عن سلطته. اليوم، بعد سقوطه، تتجدد الفرصة لكتابة عقد جديد.

 

لحظة تاريخية: دور الحكومة الانتقالية

مع تشكيل حكومة انتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، تقف سوريا على مفترق طرق. إما أن تكون هذه المرحلة انتقالية شكلية تُعيد إنتاج الاستبداد بوجه جديد، أو أن تكون بداية لدولة تقوم على المواطنة والعدالة. 

وهذا يعني أن على الحكومة أن تتحمل مسؤولية إعادة بناء الدولة.

مبادئ العقد الاجتماعي الجديد

لن يكون العقد الاجتماعي مجرد وثيقة، بل ثقافة يومية تضمن حقوق السوريين. يجب أن يقوم على:

كرامة الإنسان: ضمان حرية المواطن وأمانه في رأيه وحياته.

فصل السلطات: إقامة قضاء مستقل لا يخضع لأي سلطة.

العدالة الانتقالية: محاسبة مرتكبي الجرائم لضمان عدم تكرار الماضي.

التمثيل العادل: مشاركة السوريين في الحكم، دون تمييز.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: توفير التعليم المجاني، الرعاية الصحية، فرص العمل، والدعم السكني.

تحديات في الطريق

الطريق إلى عقد اجتماعي جديد ليس سهلاً، إذ تواجهه عقبات:

بقايا منظومة الأسد في مفاصل الدولة.

مخاطر المحاصصة أو الفيدراليات المفروضة.

نفوذ القوى العسكرية على حساب الدولة المدنية.

تسويات سياسية تُعفي المجرمين على حساب العدالة.

دور الشعب: صياغة العقد بالشراكة

مع الشعب السوري، بعد عقد من الثورة والحرب، لم يعد يقبل بعقود مفروضة. العقد الجديد يجب أن يُكتب عبر حوار وطني شامل يشمل النقابات، الجامعات، المجالس المحلية، واللاجئين. يجب تأمين بيئة قانونية لحرية التعبير والتنظيم، مع دور داعم للحكومة لا متحكم.

المجتمع المدني هو الضامن الحقيقي للعقد الجديد. اللجان المحلية، المنظمات، ومجالس الأحياء يجب أن تُفعّل لتكريس ثقافة المشاركة في صنع القرار.

خاتمة: اختبار قيم الشعب السوري

ما بعد الأسد ليس مجرد نهاية مرحلة، بل اختبار لقيم الشعب السوري. هل يريد السوريون دولة مواطنة حقيقية.

 

 العقد الاجتماعي الجديد هو المعيار. إما أن نكتبه معًا كشعب واحد، أو نتركه يُفرض علينا مجددًا. التاريخ علّمنا أن العقود المفروضة لا تدوم، وأن الشعوب التي تقبل الاستبداد تُؤكل مرتين: مرة باسم القائد، ومرة باسم “حماية الوطن”.

سوريا تستحق عقدًا يُكتب في ساحاتها وجامعاتها، بعيدًا عن أقبية المخابرات. عقد يضمن وطنًا لا يركع فيه أحد، ولا يُصفق فيه أحد خوفًا، بل يُبنى بحب الوطن ليكون في صدارة الأمم، ويُحقق مستقبلًا يليق بتضحيات السوريين وتطلعات أجيالهم القادمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

إلى أين تتجه المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة ونظام الایراني ؟

إلى أين تتجه المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة ونظام الایراني ؟ واشنطن الشرق نيوز   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 1 =