سيناريوهات الرد الإيراني
فراس علاوي
هل سترد إيران على الخرق الإسرائيلي لأمنها القومي ؟
الجواب : نعم وبالتأكيد
ولعل من بديهيات التحليل السياسي والمعرفة بالعلاقات الدولية، والتداخل الدولي في الشرق الأوسط، هو استنتاج أن إيران سترد، ولن تستطيع إلا أن ترد، ويعود ذلك لأسباب مرتبطة بالتدخل الإيراني وطبيعة المشروع الإيراني ومرتكزات هذا المشروع في الشرق الأوسط، كذلك فإن عدم الرد سيوقع إيران في معادلات جيوسياسية جديدة، وتوازنات قوى جديدة أصعب مما سيترتب عليه ردها، مهما كان شكل هذا الرد.
طالما أنه هناك رد إيراني فكيف سيكون هذا الرد وماهي السيناريوهات المتوقعة للرد الإيراني ؟
السيناريو الأول : وهو الأكثر توقعاً
سيناريو استخباراتي وبذات الوقت يكون مقبولاً من الولايات المتحدة وحتى إسرائيل وبذات الوقت مرضي لإيران وجمهورها الداخلي وأنصارها الخارجيين، خاصة جمهور مايسمى حلف المقاومة ووحدة الساحات.
يعتمد هذا السيناريو على رغبة الجميع في عدم التصعيد والذهاب لحرب مفتوحة، وبالتالي الاكتفاء بعمليات استخباراتية مثل عمليات إغتيال خارج إسرائيل أو تفجير يطال بعض المصالح الإسرائيلية في الخارج، وقد يكون على شكل عمليات محدودة داخل إسرائيل أو على الحدود تقوم بها أذرع إيران المحلية، مثل حزب الله اللبناني أو المليشيات العراقية والسورية، أو حتى قيام عناصر مقربة من الفصائل الفلسطينية بعملية محدودة داخل الأراضي الإسرائيلية، وبالتالي تنتفي ذريعة عدم الرد من جهة، ويتم تبرير ماحصل أن الاغتيال تم لشخصية غير إيرانية وباختراق أمني، وبالتالي كان الرد على قدر العمل، هذا السيناريو يرفع الحرج عن الجميع خاصة إيران والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، التي ترغب بعدم التصعيد.
كما أن هذا السيناريو لايحتاج لتقديم خسائر كبرى ولايحتاج لتحضيرات كبرى، ويمكن امتصاص تأثيره من جميع القوى.
وقد يتوافق ذلك مع تعهد إيران بالضغط على حماس من أجل إتمام صفقة الأسرى، وبالتالي تحقيق جميع الأطراف لفوز ضمن الممكن.
السيناريو الثاني:
تصعيد عسكري محدود تقوم به أذرع إيران في المنطقة ويستهدف الحدود ولعمق معين عبر الصواريخ والمسيرات دون استهداف, أهداف ومناطق حيوية داخل إسرائيل، يليها تقديم تنازلات من إيران بكف أيدي هذه الأذرع من خلال موافقة حزب الله على تطبيق القرار ١٧٠١، وموافقة الحوثيين الذهاب في عملية سياسية في اليمن ، والضغط على مليشيا الحشد الشعبي في العراق لتغيير سلوكها.
وبالتالي تبتعد جميع القوى المتداخلة عن الانخراط في صراع مفتوح بين بعضها البعض.
ومن ثم بدء عملية سياسية شاملة تشمل صفقة إيرانية أمريكية إسرائيلية، تسمح لإيران بتحقيق بعض المكاسب الإقليمية مقابل ( قصقصة ) أجنحتها وأذرعها المحلية، وهذا السيناريو وإن كان ممكن الحدوث، إلا أنه غير مضمون العواقب من جهة إفلات الردود من الحدود المرسومة لها وبالتالي الذهاب باتجاه تصعيد أكبر، إذ قد يتكرر سيناريو السابع من أكتوبر بصورة أو بأخرى وهو مالايمكن ضبطه حينها.
السيناريو الثالث: هو أن تستخدم إيران اسلحتها ذاتها التي استخدمتها في الرد السابق، أي الطيران المسير والصواريخ ضعيفة التأثير، دون إحداث اي أضرار كبرى في الداخل الإسرائيلي، وبالتالي تنقذ ماء وجهها دون أن تنزلق الأمور إلى حرب مفتوحة بين الطرفين، هذا السيناريو جيد لإيران وإسرائيل ولكنه يترك أذرع إيران تحت رحمة نتنياهو وفريقه، الذي تتملكه الرغبة بالذهاب بعيدا في استهداف حزب الله اللبناني بشكل خاص في تعويض عما حصل في غزة، وهذا السيناريو قد يؤدي لتوتر العلاقة مع الحواضن الشعبية للأذرع الإيرانية.
السيناريو الرابع وهو الأقل احتمالاً وهو الذهاب بالرد الإيراني لأقصى حد وبالتالي انزلاق المنطقة لحرب مفتوحة، وهو مالاترغب به جميع الأطراف، ولعل التحشيد الأمريكي في المنطقة هو لمنع هذا السيناريو من الحدوث مع أنه المفضل لدى نتنياهو.
على ماذا يتوقف حدوث هذه السيناريوهات؟
هناك عدة عوامل تؤثر في حدوث اي من هذه السيناريوهات ولعل أبرزها
١_الانتخابات الأمريكية وقرب موعدها وهل الوقت المتبقي لإدارة بايدن قادر على إدارة هذه الملفات؟
وماذا ستجني الإدارة من تحقيق كل سيناريو على حدى؟
٢_ استطلاعات الرأي العام الأمريكي ومدى قدرتها على إفراز نتائج مبكرة تؤدي إلى اتخاذ سياسات وتكتيكات متفقة معها ، خاصة في حال كانت المؤشرات تدل على فوز دونالد ترمب ، وهو مايتمناه ويسعى إليه نتنياهو ولاترغب إيران في حدوثه.
٣_ المتغيرات الإقليمية ومواقف الدول المتداخلة بالشأنين الفلسطيني والسوري ومدى تطابقها أو تنافرها وقدرة كل من إيران وإسرائيل على ضمان موقفها دوليا وإقليميا في حال اندلع نزاع أكبر.
وبالتالي فإن التصعيد في المنطقة يتوقف على طبيعة وقدرة ومدى الرد الإيراني، وقدرة إسرائيل على امتصاص هذا الرد والتعامل معه، وعلى رغبة الولايات المتحدة في ضبط الأوضاع في الشرق الأوسط واستخدامه كورقة انتخابية بيد الديموقراطيين .