Alsharq News الشرق نيوز
مقالات مشابهة
زمن الأشياء الجميلة
نهى جبري
كان التلفون [الهاتف] رفيق لنا لعشرات السنين لا يتغير فهو عشرة عمر
نضعه بمكان جميل نزينه بشرشف بإحدى زوايا البيت، لم يكن متعدد النغمات، كان بجانبه دفتر مسجل عليه أرقام تلفونات بحروف أبجديه،صرنا في زماننا هذا مستهلِكون مستبدِلون دائماً، عكس ما كنا،
أحذيتنا كنا نصلحها عدة مرات تريد نعل وضبان وحتى خياطة لتعود جديدة ،كان بكل حارة كندرجي يضع المسامير في فمه، وكانت ألعابنا من صنع أيدينا وأمهاتنا تصنع لنا المراييل والبيجامات وتغزل لنا الكنزات الصوفية، وكانت هواياتنا جميلة من جمع الطوابع والعملة وجلول وجمع مجلات من سمير وميكي وتان تان، وعندما كبرنا جمعنا مجلة العربي وعملنا مكتبة صغيرة وكان أثاثنا يتجدد ولا يتبدل وكذا طاولة الفطور والغذاء تلازم ذاكرتنا وضحكتنا ورائحة طبخة عابقة بالفرح، حتى ماكينة السنجر صاحبتنا بصوتها ودرزها ورائحة زيت الماكينة ولم تتغير وما زالت والصور القديمة أبيض وأسود كانت لنا تاريخ وذكريات،
واليوم أصبحت الصور بالملايين وحتى ماكينة الحلاقة الحديدية كانت عندما تخرب نرسلها لمصلح بوابير الكاز لعمل لحام لها وكذا اللحف وفرشات الصوف والمخدات كنا نجددها لا نغيرها وكذا محرمة الكروهات حتى التلفاز أبو الطقات إن أصابه الإعياء يتم إصلاحه، كان البلندر هو الهاون ويد الهاون وفرامة الكبة الفضية اليدوية وجرن الكبة هو العجانة الكهربائية، ولم تكن تعاندنا في أنقطاع الكهرباء أو عندما تتعطل كان البلبل الخشبي لترقيع الجرابات والكشتبان لتصليح الملابس لم نكن نعرف سوى الطناجر النحاسية والسدور وحتى المغارف تذهب كل سنتين عند المبيض لتعود تلمع، وبعدما جاءت طناجر الألمنيوم وقالب الكيك، كانت مونة البيت تراث ومواسم من موسم الحليب أجبان ولبنة ولبن قطيع وشنينة وسمنة وزبدة وكشك وموسم الفريكة والحصيدة يتبعها السليقة والبرغل ومونة تطلي أو معقود المشمش في شهر أيار ومونة زجاجات البندورة ورب البندورة حيث سطوح البيوت حمراء من جراء سدور رب البندورة وصناعة وعمل الشعيرية والمعكرونة والمفتول البيتي ومكدوس الباذنجان ومخلل الفقوس والخيار وتطلي العنب والبرتقال والتين ومجادل الثوم والباميا معلقة على شجرة وعبق روائح وطبخات المواسم هكذا بعض مما كنا وصرنا أولئك الذين يستبدلون دائماً لنتماشى مع تحديثات العصر المتجددة وصار ذاك الزمن الجميل يسمى تراث من زمن غابر .
الصورة من الانترنت
