الإثنين , أبريل 29 2024
الرئيسية / مقال / حراك إقليمي وبشار الأسد في موسكو وعودة عربية للملف السوري

حراك إقليمي وبشار الأسد في موسكو وعودة عربية للملف السوري

هل بات الحل قريباً ؟

حراك إقليمي وبشار الأسد في موسكو وعودة عربية للملف السوري

فراس علاوي

بعد أشهر من الجمود الذي أصاب الوضع السوري وتراجع الخبر السوري في سياق الاهتمام الدولي  , بعد الحرب الأوكرانية الروسية وانعكاساتها الدولية .

مؤخراً عاد الملف السوري بشكل تدريجي إلى الواجهة , حيث شهدت دمشق حراكاً دبلوماسياً لم تشهده منذ العام 2011 عام انطلاق الثورة السورية , هذا الحراك الذي تمثل بزيارة وزراء خارجية الأردن والإمارات ومصر ,ومالحقها من تصريحات تم تفسيرها بأكثر من اتجاه خاصة تصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بعدم القبول ببقاء الوضع في سوريا على ماهو  عليه,

بدا هذا الحراك أكثر وضوحاً بزيارة بشار الأسد إلى سلطنة عُمان , وهي أول زيارة معلن عنها منذ العام 2011 , حيث اقتصرت زياراته حينها إلى عواصم حلفائه الروس والإيرانيين وكانت أقرب للاستدعاء منه للزيارة .

التصريحات التركية التي تتحدث عن تقارب مع نظام الأسد وتفسيراتها المختلفة وكذلك اجتماعات مسؤولين اتراك مع نظرائهم من نظام الأسد تمهيداً للقاء رباعي لوزراء الخارجية تم تأجيله بسبب عدم التوافق على أجندة اللقاء بين الاتراك ونظام الأسد خاصة المتعلقة بجدولة الانسحاب التركي من الشمال السوري والتي يطالب بها النظام .

الشروط التي تحدث بها بشار الأسد للإعلام الروسي خلال زيارته لموسكو وهي الأولى التي تتم له ببرنامج مسبق منذ العام 2011 لم تكن مفاجئة بحد ذاتها , إنما المفاجئ فيها أنها أتت من موسكوالداعمة للتقارب التركي مع نظام الأسد  , وليس من دمشق وهذا مايفسر سبب الزيارة وهو الضغط الروسي على نظام الأسد من أجل تحقيق مكاسب سياسية روسية على الصعيد الإقليمي والدولي , إذ يعي الروس جملة المتغيرات التي بدأت تظهر في المنطقة والمتعلقة بإعادة الاصطفاف الاقليمي والمتمثلة بعودة العلاقات السعودية الايرانية والتي بدأت تأخذ شكلاً متسارعاً وصل لحد دعوة  الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي من قبل العاهل السعودي الملك سلمان لزيارة الرياض في توقيت له معان كثيرة .

تشكل تركيا حجر الزاوية في هذا الحراك وذلك بسبب التشابك الاقليمي ودورها فيما يتعلق بالملف السوري , لذلك  بدأت تركيا نشاطاً مشابهاً نحو النظام السوري ودول الخليج وتوج أيضاً بتطبيع العلاقات مع مصر ودعوتها لاستقبال رئيس الوزراء العراقي في أنقرة خلال الاسبوع القادم في تمهيد لملف الانتخابات التركية المقبلة من قبل الحكومة التركية وتحقيق هدوء إقليمي لايشوش عليها .

بالمقابل تأتي زيارة بشار الأسد للامارات كحلقة جديدة في الحديث عن مبادرة عربية لاعادة النظام السوري للجامعة العربية .

كل ماحصل ويحصل يصب في خانة أن الملفات الاقليمية في طريقها للحل بدءاً من الملف اليمني عبر التقارب الإيراني السعودي , والليبي عبر التقارب التركي المصري , ليبقى الملف السوري حيث تتشابك به الملفات جميعها وبالتالي فإن فكفكة العقد في الملفات السابقة يفتح الطريق لمحاولات إنهاء الملف السوري بشكل يرضي جميع الأطراف المتداخلة .

الاستقرار هو كلمة السر في جميع التصريحات التي أدلى بها قادة المنطقة والتي تشهد إعادة اصطفافات , في ظل تراجع أمريكي ومحاولة إيجاد مخرج للملف النووي الإيراني بما لايحرج الإدارة الأمريكية ولايدفعها لعمل عسكري تحاول منذ أعوام عدم اللجوء إليه , مما تسبب بخلاف مع إدارة نتنياهو والتي تشهد أيضاً صراعاً داخلياً سببه الاساس الموقف من الملف النووي الايراني وظاهره الاصلاحات القضائية .

 

الخلاف الامريكي الاسرائيلي حول كيفية التعامل مع الملف النووي أعطى إيران مزيداً من الوقت للقضاء على الحراك الشعبي في الداخل ولترتيب العلاقات مع دول الخليج والتي بدأت بالسعودية وستنتقل لاحقاً للبحرين والامارات في حين تتمتع بعلاقات جيدة مع قطر وحيادية مع الكويت , إضافة لتوقيع اتفاق أمني مع الحكومة العراقية مما يعني إحاطة حدودها بأطراف غير معادية في حال حدوث تصعيد إسرائيلي مفرد اتجاهها .

 

الاستقرار الذي تبحث عنه الدول الاقليمية سيكون طوق نجاة للولايات المتحدة الامريكية وأوربا والتي وإن رفضت أي تقارب معلن مع نظام الأسد , إلا أنها أرفقت هذا الشرط بجملة عامة قد تكون مفتاح الحل , وهي انخراط نظام الأسد بالحل السياسي مع المعارضة , وهنا تأتي فرصة المبادرة أو المبادرات العربية لتحقيق خرق في الملف السوري من خلال اعتمادها على  خطة خطوة مقابل خطوة التي اقترحها الوسيط الأممي غير بيرسون , إذ  سيعتبر أي تنازل يقدمه النظام للمبادرة العربية هو انخراط في هذه الخطة وبالتالي تحصل على قبول دولي خاصة أن الحديث دوماً هو عن القرار 2254 وتفسيراته .

حيث نجحت روسيا في تعويم تفسيرها له من خلال القفز على التراتبية والذهاب لكتابة الدستور ومن ثم انتخابات , إلا أن بعض الدول العربية التي لا تقبل هذا التفسير بشكله الروسي , قد تذهب للمطالبة بخطوة تسبق الذهاب لتفعيل اللجنة الدستورية وهو مايتعلق بملف المعتقلين وعودة اللاجئين , حيث يبدو أن هناك توجه لإيجاد مناطق آمنة لهم بدعم عربي وهذا مايفسر الحديث عن إرسال قوات عربية إلى الحدود السورية الاردنية .

ماهو المطلوب من نظام الأسد ؟

يبدو أن الجميع يدرك حقيقة أن النظام غير جاد في أي من الطروحات التي تقدم له, وهو يناور مابين الدعم الايراني والروسي والرغبة العربية والتركية بإنهاء الملفات العالقة .

حيث استغل الروس التوجه الايراني نحو الخليج لزيادة الضغط على نظام الأسد وتحصيل مكاسب عسكرية تمثلت بدعوة بشار الأسد الروس لإقامة قواعد عسكرية وزيادة الوجود العسكري الروسي في سوريا , إذ يخشى الروس من أن التقارب الخليجي الإيراني يفقد النظام القدرة على المناورة وتقديم تنازلات بصورة أكبر .

لذلك فإن المطلوب عربياً من نظام الأسد هو تقديم ضمانات لملفي المخدرات والتي باتت ملفاً مؤرقاً لدول الجوار والخليج وملف اللاجئين , في حين تنخرط الدول العربية بتطبيق طويل الأمد للقرار 2254 والذي قد يستمر حتى نهاية فترة بشار الأسد الثانية وبالتالي يصبح تطبيق القرار أكثر مرونة , وحتى  الوصول إلى حكومة تشاركية مقبولة من جميع الأطراف بصلاحيات يتم التوافق عليها ,

ماذا يشترط النظام ؟

للقبول بكل ماسبق يشترط النظام وهي طلبات تحقق الرغبات الروسية والايرانية .

ضمان إعادة اللاجئين لناطق معينة بدعم مادي خليجي , البدء بمراحل إعادة الاعمار عبر تعهد خليجي بالمساهمة فيه , ضمانات خليجية وتركية بعدم التصعيد , ووساطة خليجية مع الولايات المتحدة من أجل تحديد مصير مناطق شرق الفرات ورفع تدريجي للعقوبات .

على ماذا قد تقوم الخطة العربية ؟

لاتمتلك الدول العربية قوة سياسية أو عسكرية تفرض حل شامل في سوريا , لذلك سيكون الحل مرحلياً عبر مراحل تبدأ من الجنوب مروراً بدمشق ثم الساحل ومن ثم الشمال بعد التوافق مع تركيا , ليبقى الشرق والشمال الشرقي والموقف الأمريكي عقدة هذا الحل .

مايهم النظام بالوقت الحالي هو فك الحصار السياسي وبدء ضخ المال الذي سينعشه اقتصادياً حتى لو لم يضمن هذا الحل تحقيق مكاسب على الأرض , أما مايهم الاطراف الأخرى فهو إيقاف تهريب المخدرات عبر الحدود السورية وإيقاف تدفق اللاجئين إلى دول الجوار وتخفيف التوتر الاقليمي بسبب الانقسام حول الموقف من نظام الأسد .

بيضة القبان

بيضة القبان في كل ماسبق هو الموقف الأمريكي والذي يمارس دور المراقب , لكنه بذات الوقت يمنح الضوء الأخضر لكثير من هذه التحركات بانتظار ماستسفر عنه والتي قد ترفع الحرج عن ضعف الدور الأمريكي في سوريا أو عدم الرغبة الأمريكية بالانخراط المباشر بترتيبات الحل السوري طويل الأمد .

لايرغب الامريكان بتكرار التجربة  العراقية فيما لايرغب الروس بتكرار التجربة الليبية , كما لايرغب العرب بتفرد إيران أو تركيا بالحل في سوريا , كذلك لايرغب الاتراك بوجود إيراني جديد على حدودها أو وجود كردي مدعوم عربياً وأمريكياً .

وبالتالي فإن مآلات الحل السوري لاترتبط بشكل مباشر بمايريده السوريون على اختلاف توجهاتهم بقدر مايحقق الحد الأدنى لمصالح الدول المتداخلة فيه .

وبالتالي فإن حلحلة الملفات الاقليمية ستكون البداية للتوصل لتوافقات في الملف السوري تحتاج لوقت حتى تنضج .

 

 

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر − خمسة =