الأحد , ديسمبر 22 2024
الرئيسية / مقال / التضامن… لعبة الحبار السورية

التضامن… لعبة الحبار السورية

التضامن… لعبة الحبار السورية

فراس علاوي


في مسلسل لعبة الحبار squid game الذي انتجته نتفليكس وهو مسلسل نجاة وإثارة كوري جنوبي، تأليف وإخراج هوانغ دونغ هيوك، ينتقد الكاتب النظرة الرأسمالية للعالم وضياع القيم وسيطرة المادة، وانهيار الانسانية، وتحويل الانسان الى حقل للتجربة ووسيلة للتسلية.

في أحد ألعاب المسلسل وللنجاة بأنفسهم، يطلب من اللاعبين الركض من خط البداية مع منحهم قليلاَ من الوقت ريثما تستدير اللعبة، لتكتشف من لازال يتحرك وتقوم بقتله عن طريق مقاتلين ملثمين يحملون اسلحتهم بوجه اللاعبين العزل.
يبدو أن هناك من أخترع أو ركب هذا المشهد قبل الكاتب الكوري بسنوات، ففي فيديو الجريمة المروعة الذي تم تسريبه لعناصر من جيش النظام السوري وشبيحته وهم يقتلون مدنيين عزل، وهو واحد من آلاف الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد وشبيحته بحق السوريين، لايعطي أمجد وهو أحد القتلة الذين تم التعرف عليهم من خلال ظهوره في شريط الفيديو، وهو يقوم باعدام الضحايا، أي فرصة للنجاة لأي من المدنيين العزل، كما قام مع رفاقه بتغطية عيون الضحايا والطلب منهم الركض لكي ينجو بأنفسهم دون معرفتهم بوجود حفرة أمامهم، وقعوا بها واحداً بعد الآخر ومن ثم يطلق عليهم النار، لم تتوقف سادية أمجد ورفاقه عند هذا الحد إنما قاموا بإحراق الجثث وطمرها لاحقاً.
تركض الضحية نحو حتفها فيما تظنه طريق النجاة،
عندما كتب كاتب مسلسل لعبة الحبار مسلسله كان الهدف منه تسليط الضوء على توحش الرأسمالية وتراجع قيمة الإنسان، لكنه لم يدرك بأن ما اسعفه خياله من إجرام بحق الإنسان، لايعدو كونه بروفة بسيطة في مسلسل سوري تكرر لعقد من الزمن ، تعتبر جريمة حي التضامن على بشاعتها تفصيل صغير ضمن أحداثه المليئة بالدماء والحقد والموت.
في المسلسل الكوري يدفع المتفرجون لحضور الفرجة وهم مغطي وجوههم خوفاً من اكتشافها، فيما يشارك صانع اللعبة في أحداثها ، زيادة في الاستمتاع بها،. بينما في جريمة حي التضامن الدمشقي وماسبقها وماتلاها، يقف صانع اللعبة في قصره وحوله مؤيديه والقتلة ينظر للبلاد وهي تحترق أمام ناظريه، ويدعمه كثير من الطغاة ومن دعاة الإنسانية، متباهياً بساديته معتبراً انها انتصاراً له ولمن حوله من القتلة.
في مشهد آخر ربما أصبح أقل شهرة بسبب مرور الوقت وفي الوقت السوري المحسوب من دم يتم نسيان المجزرة بمجزرة اكثر عنفاً ، يسابق الأطفال الزمن للحصول على جرعة أكسجين تعيد لهم الحياة، فيما علامات التشنج والاختناق بدت على وجوههم، فاللعبة الآن تطورت لتتحول إلى المستوى الثاني، حيث تقصف الطائرات المدن والقرى بالسلاح الكيماوي، فيما يتابع العالم عبر شاشاته مايجري دون أي ردة فعل اتجاه مايجري.
لايوجد تعريف واضح لمايحدث، فكل التعاريف تبقى قاصرة أمام بشاعة الفعل.
في نهاية المسلسل الكوري يحصل الناجون على مبلغ من المال نتيجة اشتراكهم في اللعبة، اما في المأساة السورية فنصيب الضحايا المقابر الجماعية.

شاهد أيضاً

عيشة كلاب

المعتز الخضر أوصلتُ ابنتي إلى المدرسة في الصباح الباكر و عُدتُ أدراجي في السيارة الجرمانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة + 2 =