بين ماريبول الاوكرانية وحلب السورية المجرم واحد
هناء درويش
هل كان العالم متفرجاً؟
حين قصف نظام الأسد والروس أحياء مدينة حلب، محولاً كتل أبنيتها إلى أكوامٍ من الركام، حيث كانت طائراته تحلق في سماء أحياء صلاح الدين والإذاعة وهنانو وطريق الباب والكلاسة وبستان القصر وكرم الطراب والصالحين والمنشية القديمة والحيدرية والصاخور والهلك والفردوس، وعشرات المواقع المدنية والآثرية مع تدمير شبه كامل للبنى التحتية والمراكز الصحية والمدارس، ولاننسى مشهد استهداف جامعة حلب بالطيران في سابقة لم تحدث من قبل بأن يقصف نظام جامعات ومشافي بلده، إن لم يكن نظام مجرم حاقد. وكذلك مشاهد تهدم المنازل على رؤوس أصحابها، لازلت أذكر الفزع والخوف في عيون طلبتي الصغار وهم يسمعون صوت الطائرات، يبحثون بين مقاعد الدراسة عن ملجأ آمن لهم.
منذ شهر تقريباً يخرج الرئيس الاوكراني زيلنسكي والذي خطف الأضواء عبر ظهوره على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي موجهاً رسائله للشعوب والحكومات لانقاذ بلاده من العدوان الروسي ، وهو يقارن بين الدمار الذي لحق بالمدن الأوكرانية وماحدث في سوريا، واصفاً الدمار الذي لحق بمدينة ماريبول الأوكرانية بأنه حلب ثانية، ومؤكداً أن المجرم واحد وسلاح الجريمة واحد، النداءات التي وجهها زيلنسكي جعلتني أقارن بين رئيس يبكي على دمار مدنه ويطلب المساعدة لايقاف هذه الهجمة الشرسة عليها، وبين مجرم استخدم كل أنواع الاسلحة لتدمير مدن يدعي بأنه رئيسٌ لها، جملة قالها ثوار سوريا في هتافاتهم تشرح هذه المقارنة، حين قالوا الي بيقتل شعبه خاين، بالمقابل من يدافع عن شعبه فهو بطل.
خطفت حلب بعد تدميرها على يد نظام الاسد وحليفه بوتين أمثلة الدمار من مدن تربعت عليه لعقود كغروزني الشيشانية وستالينغراد الروسية وغيرها من المدن التي كانت مثالاً على وحشية البشر.
يتعاطف العالم الآن وبشكل واسع مع المدن الأوكرانية ويشددون خناق العقوبات على نظام بوتين والحكومة الروسية، وهذا التعاطف له أسبابه الإنسانية والسياسية ومايتعلق بالعلاقات الدولية والجيوبولتيك السياسي، لكنه بذات الوقت يكشف عورة النظام العالمي بالتعامل مع الدول والشعوب، فماريبول الأوكرانية لدى الأوربيين خاصة المتطرفين منهم، هي الابنة المدللة ذات الشعر الأشقر والعيون الملونة، بينما حلب السورية هي تلك المدينة البعيدة في أقصى الشرق.
وهنا لست ضد التعاطف، فأي عقوبات تطال المجرمين باتت تُسعد الشعب السوري الذي يرى فيها شيئاَ من تعويضه عن حقه المدفون تحت الركام.
حلب السورية ابنة آلاف السنين من الحضارة لم تشهد ذات التعاطف من العالم، ومع ذلك أصبحت مثلاً يضرب للإجرام الوحشي والتدمير.
فهل يشكل تدمير مدن أوكرانيا بداية صحوة عالمية، يعود بها الضمير العالمي للتذكير بالجرائم المرتكبة بحق المدن السوري.
منذ أيام وفي لقاء الدوحة اختصر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان تلك المقارنة في حديثه ضمن الندوة رداً على سؤال حول تدمير ماريبول ومقارنتها بحلب.
عندما قال للمحاور :حلب هي مدينتنا وليس ماريوبول .
حيث إعترض المفوض الأوروبي باللقاء وقال نحن لم نقصفها ويقصد مدينة حلب.
فرد عليه الوزير السعودي نعم
لكن لم تقوموا بمايجب عليكم القيام به، كما تفعلون الآن مع ماريوبول.