من كورونا إلى أوكرانيا
أحمد السالم
نجح الإجتياح الروسي لأوكرانيا في الأونة الأخيرة، بسرقة الأضواء من جائحة كورونا التي شغلت الأذهان لأكثر من عامين، حيث فرضت نفسها على جميع المستجدات الدولية فأثارت الرعب وشغلت وسائل الإعلام وحظيت بمتابعة مكثفة وإجراءات صارمة في معظم دول العالم، ولم تستطع أي من الأحداث الموازية لها في الساحة الدولية أن تسقطها عن عرشها، إلا مايحدث الآن من غزو روسي لأوكرانيا والتهديد بإستخدام السلاح النووي، وعودة مسألة اللجوء لتواكب هذا الإجتياح، بتصدر المشهد العام
رغم غياب مستجدات إنتشار فايرس كورونا عن واجهات أخبار العالم بالأيام القليلة الماضية، إلا أن منظمة الصحة العالمية ما زالت تحذر من أن ظهور سلالة جديدة للفايرس القاتل قد تكون أشد وطأة من متحور أوميكرون وقد تؤدي إلى زيادة شديدة في أعداد الإصابات والوفيات توالياً.
كما أن إشارات الإستفهام بدت واضحة وتشكلت قناعات راسخة عن كيفية تغاضي العالم عن باقي الحروب المستعرة منذ سنوات في سوريا واليمن وليبيا وغض الطرف عن تبعات تلك الحروب، من قلة المساعدات المقدمة للمتضررين، بعكس ما نشهده اليوم من تركيز إستثنائي على الساحة الأوركرانية.
حيث باشر العالم وعلى رأسه الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وخلال أيام قليلة بتوجيه نداء عاجل لجمع اكثر من 1.7 مليار دولار بهدف تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للشعب الأوكراني، وتبعه تحرك بعض الدول الاوروبية لتقديم السلاح وعلى رأسه مضادات الطيران للجيش الأوكراني والسماح بالتطوع لمحاربة الروس تحت مسمى الفيلق الدولي والعمل على مقاومتهم وطردهم من اوكرانيا، كما فتحت معظم الدول أبوابها لضحايا الحرب الأوكرانية الذين تقدر أعدادهم بمليون شخص حتى الأن. لتعمل على إستقبالهم وتأمين سبل الحياة الأمنة لهم، مما أعاد السؤال الأزلي حول سياسة الكيل بمكيالين عند كثير من الدول، خاصة بعد ماشاهدناه من خذلان دولي واضح للثورة السورية وبرود في ردات الفعل اتجاه الحرب في اليمن وليبيا.
ففي سوريا على سبيل المثال منعت ذات الدول تسليح الثوار بمضادات الطيران و الأسلحة النوعية ومنعت التطوع العسكري لمناصرة الشعب السوري،
وكانت تهمة الارهاب تلاحق كل شخص قدم لسوريا نصرتاً لأهلها ، بالمقابل سمح بهذا في أوكرانيا، وسمح لروسيا (التي تغزو أوكرانيا اليوم) بمشاركة عصابة الإجرام الأسدية في عام 2015 بإبادة السوريين حيث كانت سبباً رئيسياً في قلب موازين القوى على الأرض وخسارة معظم الأراضي المحررة لصالح نظام الأسد، كما لا يخفى على أحد المعاملة السيئة للسوريين الهاربين من جحيم الحرب في سوريا في بعض دول الجوار مع الاعتراف بتمايز تلك المعاملة بين بلد وآخر وبصعوبات تعامل تلك البلدان مع ملفات اللجوء خاصة في لبنان والاردن ، مما تسبب بمعوقات كبيرة للسوريين، وعدم تقديم الدعم اللازم لتوفير سبل الحياة الأساسية بل عمدوا لتركهم على الحدود مع تقديم بضعة خيام لا تمنع عنهم برد الشتاء ولا تقيهم حر الصيف.
وهنا لابد من طرح سؤال بدأ يصبح ملحاً عن مصير هذا الكوكب، بعد ما أسلفنا ذكره من تباينات في معاملة الدول لضحايا الحروب وتناسي العالم عن بعض الحقوق والواجبات الإنسانية وإرتفاع بضع الأصوات العنصرية وهذه الألة الإعلامية التي باتت موجهة بشكل واضح لخدمة بعض الأصوات الخفية
وسيطرة القوة والتهديد بالسلاح النووي وإفناء البشرية
فهل يسير الكوكب إلى حتفه؟
أم أنها إعادة ضبط لإيقاعه مجدداً كما حدث في حالات مشابهة بالتاريخ.