ندوة الدوحة هل تُغير المسار؟
على مدى يومين وفي العاصمة القطرية الدوحة، بُحثت العديد من الأوراق والمقترحات في ندوة دعا لها رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب ورعتها عدد من مراكز الأبحاث السورية التي ظهرت بعد الثورة السورية.
تحت عنوان سوريا إلى أين؟ تباحث المشتركون كثيراَ من القضايا التي تهم السوريين والمتغيرات التي طرأت على مسار ثورتهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتغير العلاقات الدولية والتحالفات في محيط الدول المتداخلة بالشأن السوري.
سقف التوقعات منذ الإعلان عن الندوة كان عالياً، مع انسداد أفق الحل السياسي وفشل أجسام المعارضة في أداءها على كافة المستويات وتراجع قبولها بين السوريين وتفردها في البحث عن حلول على مقاس مشغليها، بات السوريون يتعلقون بقشة الحل السياسي، لذلك كانت الدعوة لهذه الندوة طاقة أمل رأى فيها السوريون بعضاً من أحلامهم التي قد تتحقق وهي تشكيل جسم سياسي حقيقي يمثل طموحهم بعد تكرار الاخفاقات التي عاشوها مع الإئتلاف وهيئاته.
ماهي أسباب تفاؤل السوريين، ولماذا خاب ظن الكثير منهم بعد انعقاد الندوة؟
لعل السقف العالي الذي بناه السوريون كان في مجمله يرتكز حول شخصية الداعي للندوة، والضبابية الكبيرة التي رافقت الدعوة والتسمية من اجتماع إلى مؤتمر إلى ندوة، إذ يرى من بنى تفاؤله أن الدكتور رياض حجاب قد يكون شخصية توافقية بين الدول خاصة الاقليمية من جهة وبين السوريين من جهة أخرى ، خاصة أنه ابتعد عن خطاب المعارضة التقليدي الذي استمرت به وعملية تبادل الأدوار التي افقدتها المصداقية.
وبالتالي فإن أسباب التفاؤل تتعلق بصورة اساس بسقف البرنامج الذي تم الحديث عنه كثيراً والذي ارتكز في معظمه على تشكيل جسم جديد للمعارضة السياسية يتلافى أخطاء الأجسام السابقة الكثيرة.
السبب الآخر هو التقارب الواضح بين الاطراف الراعية للمعارضة السورية وخاصة الدول الإقليمية تركيا والسعودية وقطر وتحسن العلاقات الخليجية الخليجية والتركية الخليجية مما أعطى إيحاء بتوافق ما يخص الشأن السوري .
لكن رياح الندوة لم تجر كما يريد السوريون،
فمن برنامج الندوة الذي بدا سقفه منخفصاً وفق كثير من المتابعين والذي لم يشر صراحة لاسقاط النظام أو تبني خارطة طريق مترافقة بجدول زمني لتحقيق القرار 2254.
وعدم القدرة على إيقاف سلسلة التنازلات التي تقدمها المعارضة خاصة بمايتعلق باللجنة الدستورية، وكذلك عدم وضوح آلية الدعوة للمشاركة والإنتقائية الواضحة وتركيبة المراكز البحثية الراعية ومن ثم مخرجات الندوة والتي لم تلب الحد الأدنى من طموح السوريين مما افقدها مضمونها من جهة، وكذلك أثرت على أسهم الداعين لها سواء كان الدكتور حجاب أو المنظمين في نظر الكثير من المتابعين.
خيبة أمل جديدة تضاف للخيبات السابقة أصابت السوريين سواء بالداخل أوبالخارج من طبيعة وشكل المخرجات والتي حملت لغة دبلوماسية خالية من قطعية وحدية اللغة الثورية من جهة، وخلوها من الإشارات والأهداف التي خرجت من أجلها الناس للشارع.
انخفاض مستوى المخرجات ووجود كثير من الشخصيات التي اعتبرها الشارع قد أخذت حقها من المشاركة، خاصة المتصدرين للساحة السياسية الحالية،. فكيف لرئيس جسم سياسي أن يتحدث عن الاصلاح فيه رغم فشلهم في ذلك؟ وكيف لرئيس اللجنة الدستورية أن يتحدث حول فشل المعارضة في تحقيق أي خرق حقيقي في هذا المسار بالرغم من قبول المعارضة الذهاب اليه والقفز على تراتبية القرار 2254.
وهنا يبرز السؤال الأهم هل كانت ندوة الدوحة بوابة للتغيير؟، أم أنها فرصة لإعادة تعويم أجسام المعارضة الحالية؟ وذلك من خلال إعطاء القائمين عليها منصة مجانية لتسويق أراءهم وأفكارهم والدفاع عن فشلهم الذي وقعوا فيه.
لايعني ذلك أنه لم توجد أصوات كانت تغرد خارج سرب الندوة، بمافيها حديث الدكتور حجاب نفسه، لكن كل ذلك تم الابتعاد عنه بالمخرجات التي صدرت عن الندوة وبالتالي عادت به للمربع الأول الذي طال على السوريين الخروج منه.
فراس علاوي