ماذا بعد انتخابات نظام الأسد؟
مقال رأي ل
عمر المشعان
تبدو الفترة المقبلة بالنسبة لنظام الأسد فترة مرحلية هامة , و بعيداً عن الرومانسية الثورية , فإن نظام الأسد مقبل على عملية تعويم على عدة أصعدة ، و يتم ذلك بالرغم من العقوبات الإقتصادية و السياسية و حالة العزل الدولية المتبعة والمفروضة ضد النظام السوري .
يرتكز هذا التعويم عربياً على الموقف الخليجي و المصري السامح باستقطاب النظام وعودته إلى الساحة العربية بدءاً بالإمارات و السعودية , و الموقف المصري القائم على مدى التفاعل الدولي بالقضية , رغم المكانة التي تحتلها مصر إقليمياً و دولياً إلا أنها رهن للسياسات الدولية المتذبذبة اتجاه الملف السوري .
على الصعيد الغربي , فإن النظام السوري سيتم طرحه من جديد على أنه محاصص للمجتمع الدولي في محاربة الإرهاب و محاولة فرض استقرار المنطقة من قبل حلفائه بالدرجة الأولى , و ذلك لواقعية المشهد الذي يُلاحظ إقليمياً من خلال إخفاق المعارضة السورية من جهة , و من جهة أخرى فشل الإدارة الذاتية لقسد في إعادة إدارة المنطقة التي تسيطر عليها بتنوعها البشري و الإقتصادي والموقف الدولي من هيئة تحرير الشام .
و ذلك بوصفها البدائل المحتملة لإدارة المنطقة .
ما هي إشارات التقارب التي تُلاحظ على المستوى المحلي و الدولي ؟
لا يزال النظام كما هو من ناحية الإنكار السياسي للواقع المُعاش , و عليه يبني الإخفاق تلو الإخفاق مع تراتبية براغماتية مع الحاضنة الشعبية المؤيدة له , و هو يتعامل معها على أنها وقود حربه المسعورة التي يقودها على السوريين أنفسهم , و ذلك مع الرضى التام و الامتثال لرغباته من قبل حاضنته الشعبية .
و تمثل ذلك بالهتافات المنبثقة والتي تم ترديدها في مسيراته المؤيدة لترشيحه , و الاحتفالات و المظاهر الغريبة الجديدة على الساحة السورية , و هذا إن دل على شيء , فإنما يدل على الوقوف دونما حيلولة أخرى بالنسبة لهم ,خلف شعار إما الأسد أو لا أحد .
أما من الناحية الدولية , فالسؤال هاهنا , ماذا يريد الأسد أن يظهر للمجتمع الدولي ؟
ظل نظام الأسد و رموزه السياسية و الدينية على تصعيد دائم اتجاه أوربا , على اعتبارها العدو الأوسع والأكثر دعماً للقضية السورية بصيغتها الثورية المعارضة له.
ففي الحالة السياسية نجد أن النظام السوري نعت الجميع بالمتآمرين ضده عدا الدول التي دعمته و وقفت معه .
فقضية العداء لأوربا هي قضية سياسية لا أكثر .
لكن خلال الانتخابات التي جرت منذ أيام والفترة التي سبقتها من ضخ وضجيج إعلامي , سعى النظام إلى تبني خطابين واضحين للسوريين و للمجتمع الغربي .
حيث قام الأسد بتقديم نفسه على أنه خاضع للحملة الشعبية التي تدفع به للترشح للرئاسة من جديد و رافق ذلك تقديم طلبات الترشح لرئاسة الجمهورية، و كأن الديمقراطية خُلقت للتو في سوريا , فما كان ذلك إلا لحشد التاس وتوجيه الأنظار حول عملية الترشح و الانتخابات التي تليها .
كانت مساعي النظام واضحة و رسائله للغرب أيضاً , حيث بتنا نشاهد مقاطع فيديو موجهة للمجتمع الغربي تحديداً باللغة الإنكليزية، وتظهر فيه صحفية تقوم بإجراء مقابلات مع عدة أشخاص ينتخبون مرشحين غير الأسد , في رسالة واضحة للديمقراطية المُمارسة , و قد تم نشر هذا الفيديو على مواقع غربية على أنها عملية الانتخابات الحقيقية .
هنا ما الذي يريده نظام الأسد من المجتمع الغربي ؟
برأيي يسعى النظام إلى تحقيق ما هو تحصيل حاصل حسب وجهة نظره , من خلال إظهار الصورة التي يريد المجتمع الغربي أن يراها لهذا النظام , و هو ينتظر المجريات التي تقود إلى إعادة تعويمه من خلال الدعم العربي لموقفه عبر إعادته للساحة من خلال الدعوات و الندوات العربية .