الإثنين , أبريل 29 2024
الرئيسية / مقال / تركيا وروسيا ..لعبة القط والفأر

تركيا وروسيا ..لعبة القط والفأر

فراس علاوي

تركيا…روسيا لعبة القط والفأر

لم تسر العلاقات الروسية التركية على نمط معين ووتيرة معينة طيلة سنوات الثورة السورية ، فبسبب إختلاف أسباب تدخل كل منهما تراوحت تلك العلاقة مابين عدم الإحتكاك إلى التعاون والتنسيق إلى الصدام ، وكلما اقتربت المعارك من الحدود السورية التركية إرتفعت مستويات تلك العلاقة سواء باتجاه التنسيق أو نكوصاً نحو الاشتباك ، قواعد الاشتباك تغيرت أكثر من مرة وصلت في مرحلة ما لإسقاط طائرة حربية روسية اضطرت تركيا بعدها للإعتذار .

الهدف الروسي من التدخل بسوريا هو مناكفة الأمريكان في مناطق مجاورة لنفوذهم وملئ الفراغ الذي تركته سياسات أوباما الإنهزامية ، وكذلك دفع خطر إنتقال الربيع العربي إلى المحيط الروسي وإلى الداخل الروسي ،  ولاحقاً قتال التنظيمات الإسلامية بعيداً عن محيطها الحيوي وأمنها القومي وإيجاد موطئ قدم في آخر معاقل حلفائها على المياه الدافئة ، وهي لاتتقاطع مع الأهداف التركية بشيء
إلا أن الروس أرادوا من التحالف مع تركيا دعم سياساتهم في سوريا من جهة وتشكيل حلف مضاد للتواجد الأمريكي من جهة أخرى ، والهدف البعيد هو إختراق حلف الناتو في واحدة من أهم خواصره والقريبة من المحيط الجيوسياسي الروسي .

الهدف التركي من التدخل بسوريا إقتصر على هدف وحيد وهو حماية الأمن القومي التركي من ارتدادات الثورة السورية والحيلولة دون وصول طرف من الممكن أن يتسبب بازدياد التوتر بالمنطقة واستغلال حالة اللااستقرار في سوريا من أجل إنهاء الصراع التاريخي مع الأكراد في تركيا وإبعاد أكراد سوريا عن محيطها الجيوسياسي وعمقها القومي وفصل التواصل الديموغرافي بين أكراد سوريا وتركيا من أجل إنهاء الحلم الكردي بإقامة دولة خاصة بهم في المنطقة على الحدود السورية التركية .

لعبة الأمم التي تتم بين تركيا وروسيا أشبه بلعبة شد الحبل فما أن يشد أحد الطرفين الحبل حتى يرخي الآخر فكلا الطرفان بحاجة الآخر تركيا تحتاج روسيا من أجل تفعيل دورها داخل سوريا خاصة في المناطق التي سيطر عليها الروس مؤخراً وروسيا تحتاج تركيا من أجل تحقيق سياساتها على الأرض السورية .

هذه اللعبة فرضت على الطرفين حد أدنى من الخلاف وحد أعلى من التعاون نتج عنه توافقات سوتشي وآستانا ولقاءت الرئيسين التركي والروسي ، هذه التوافقات بالرغم من جديتها إلا أنها تخضع للعرض والطلب والتصعيد حسب المتغيرات على الأرض مع عدم إغفال دور اللاعب الإيراني ووجود نظام الأسد ، وكذلك الرقابة الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة على المتغيرات رغم إنسحابها الظاهري من المشهد ، تطبيق التوافقات والتي لم تستطع تركيا الالتزام بها بشكل كامل رغبة منها باستخدام ورقة تحرير الشام حتى اللحظة الأخيرة للحصول على مكاسب شرق الفرات أزعج الروس بالرغم من محاولة حكومة أنقرة ربط مساري إدلب وليبيا إلا أنها فشلت في ذلك الربط بسبب المواقف الأوربي المغايرة للموقف التركي ،  وبذلك خسرت تركيا الورقة الليبية وخسرت ورقة تحرير الشام بسبب الهجوم الروسي الأخير مما اضطرها للعب على التصعيد الميداني الممنهج والمقيد باتجاه مناطق النظام ، مما أوقع حكومة تركيا في حيرة بين التنسيق مع الروس من جهة وبالتالي الخضوع للإبتزاز الروسي وبين الأمريكان وبالتالي العودة مجدداً للحديث في ملف الأكراد ومناطق نبع السلام والمنطقة الآمنة مما يعد نكوصاً في السياسة التركية وعودة للمربع الأول ، وهو مالاترغب أنقرة بالعودة إليه فهل تغامر أنقرة بعملية عسكرية واسعة ربما تنهي شهر العسل الروسي التركي أم أنها ستتبع سياسة ضبط النفس والعودة لطاولة المفاوضات والإكتفاء بتطوير إتفاق أضنة الذي وقعه الأتراك مع حافظ الأسد عام 1998 وبالتالي إنحسار التأثير التركي بالمسألة السورية والإكتفاء باستخدام ورقة اللاجئين كورقة ضغط على المجتمع الدولي .

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 + 14 =